مقال: الشاوي

بقلم: أ. وسام عفيفة

أظهرت الأجواء الحارة خلال اليومين الماضيين ملامح موسم الصيف لهذا العام فيما اكتمل المشهد بتصاعد دخان "سخانات" و"مشاوي" بائعي الذرة في كافة محاور وأزقة القطاع، حيث تلقى هذه الضيفة إقبالا ورواجا شعبيا غير مسبوق.

الأجواء الحارة أرخت بظلالها كالعادة على أزمة الكهرباء، والمياه، وغيرها من أزمات الصيف، بينما دفع الشعور بسخونة الحصار البعض لتدارك ما يمكن تداركه بمبادرات فاعلة رغم تواضعها، منها على سبيل المثال مبادرة مجموعة شبابية أطلقت على مشروعها (4444) يستهدف إنارة هذا الرقم من المنازل في المنطقة الوسطى "باللدات"، خطوة قد تكون مقدمة لحراك أوسع يمتد لمناطق أخرى وبأدوات وبدائل أفضل.

ومن فوائد الأجواء الحارة أنها باتت تستفز المشاعر والعقول لتجاوز مرحلة الشكوى والمسكنة، وندب الحظ، بعدما استسلمنا لواقع فرضته أجنحة المكر التي تقود الحصار، وأصبح اليوم تفكير بصوت عاي نحو ضرورة التحرك لتبريد سخونة الأزمات التي تلسعنا في مختلف مناحي الحياة.

كذلك أثرت الحرارة على تمدد قضايا مفصلية في مجتمعنا انكمشت لشهور طويلة، مثل تنفيذ أحكام الإعدام التي تعطلت بسبب برودة الأجواء القضائية والتشريعية عقب تشكيل حكومة التوافق، والارتهان لقرارات الرئيس محمود عباس، حتى كادت الجرائم تحرق الأخضر واليابس بسبب تراجع الرادع العقابي.

التحركات المجتمعية الأخيرة المطالبة بآليات لتنفيذ أحكام الإعدام، يفترض ألا تكون مجرد " فورة دم" بسبب سخونة الجرائم التي وقعت مؤخرا، وينتظر المواطن خطوات صارمة تضمن استمرار حالة الأمان، حتى نتفادى تكرار ظاهرة الإجراءات والأحكام العصبية على طريقة القضاء العسكري للسلطة قبل انتفاضة الأقصى، عندما برزت على السطح ظاهرة جرائم وأحكام الرأي العام، حيث تجري عمليات الاعتقال والتحقيق وتصدر أحكام القضائية بالإعدام خلال 24 ساعة، وتنفذ بعد 48 ساعة ممهورة بموافقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، بحجة الاستجابة لضغط الشارع وتحول إلى برنامج "ما يطلبه الغاضبون".

صبر وصمود أهل غزة، وعطاؤهم اللامحدود تحت الحصار وأمام الحروب، يستحق تفعيل كل الطاقات وتسخير كل الإمكانيات من أجل التخفيف عن الناس، ويستدعي الأمر القيام بخطوات لتصليب الجبهة الداخلية والحفاظ على حالة الأمن والأمان، حتى يستمتع الغزيون بموسم صيف يتغنى على شاطئه باعة الذرة: الشاوي .. الشاوي .. السخنة .. المسلوقة.

البث المباشر