ارتفعت موجة الاحتجاج الشعبي في قطاع غزة، اتجاه حوادث القتل الأخيرة التي أثارت الرأي العام مؤخرًا، في ظل غياب تنفيذ العقوبات الرادعة بحق مرتكبي الجرائم، بفعل رفض رئيس السلطة محمود عباس وحكومته المصادقة على تنفيذ عقوبة الإعدام؛ في ظل دعوة أهالي مغدورين بضرورة إنزال أحكام الإعدام والقصاص من القتلة والمجرمين.
وكان قطاع غزة قد فُجع ببعض قضايا القتل التي وقعت مؤخرًا كحادثة مقتل الشاب عليان اصليح 22 عامًا، في مدينة خانيونس والعثور على وكر كبير من المخدرات واعضاء بشرية عند مكان القتلة، اضافة لإقدام شابين على قتل المسنة ثريا البدري (78 عامًا) بطريقة بشعة أثناء عملية سطو على منزلها.
القضاء: الجرائم في غزة فردية وسننزل العقوبة القاسية بحق مرتكبيها
ورغم حالة الجدل القانونية حول الجهة المسؤولة عن تنفيذ عقوبة الاعدام، الا ان هناك اجماعا فصائليا وحقوقيًا، بضرورة تفعيل العقوبة عبر مجموعة من الـقوانين التي يمكن للسلطة التشريعية المنتخبة القيام بإعدادها، كونها السلطة الوحيدة التي تملك حق الشرعية بحسب القانون الأساسي الفلسطيني.
وأكدّت الفصائل الفلسطينية في تصريحات منفصلة "الرسالة"، ضرورة تنفيذ أحكام الإعدام بحق الجناة لردع من تسول له نفسه بترويع المجتمع، وللحفاظ على التماسك المجتمعي والروابط العائلية وعدم السماح بعودة الفلتان وتطبيق القانون باليد، ودعوة السلطة للتوقف عن حصار القطاع.
وقد دعا إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، لضرورة تنفيذ عقوبة الإعدام بحق الجناة، مشددًا على ان الاجهزة المختصة في غزة لن تسمح بعودة الفلتان في القطاع مرة اخرى.
وايدته فصائل اخرى، فقد أكدّ طلال ابو ظريفة القيادي بالجبهة الديمقراطية، ضرورة وضع حد لمن يهدد الامن الداخلي والنسيج المجتمعي، ويرتكب جرائم تخل في النظام العام. وقال ابو ظريفة لـ"الرسالة"، إن هناك ضرورة لنبذ كل المحاولات الرامية لخلخلة الامن، وينبغي ان يواجه بقوة، لضمان استتباب الحالة الامنية ومواجهة الفلتان وتأمين ممتلكات المواطنين.
الفصائل: لا بد من أحكام رادعة بحق العابثين بالأمن
من الناحية القانونية، يصر رئيس السلطة محمود عباس بصفته المخول بالمصادقة على تنفيذ أحكام الاعدام، لأهداف سياسية بحتة، بحسب ما اجمعت عليه شخصيات وقوى سياسية تحدثت للرسالة.
وقد أكدّ النائب في المجلس التشريعي عاطف عدوان، أن الرئيس عباس قد انتهت صلاحيته، وبحسب القانون الاساسي فإن من ينوب عنه هو رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك، "وهو ممنوع من عمله، وينوب عنه النائب الأول أحمد بحر، المخول بالنظر في تنفيذ احكام الاعدام".
وقال إن التشريعي سينظر في قضية تنفيذ حكم الاعدام في المرحلة المقبلة، ضمن الاجراءات القانونية التي تضمن استتباب الامن، وبما يراعي الوضع الحالي ويحمي النسيج المجتمعي.
أمّا النائب هدى نعيم، فأكدّت أن الجهات المختصة ينبغي أن ترفع طلبًا للرئيس لتنفيذ احكام الاعدام، وان لم يرد خلال مدة 30 يومًا، فينبغي اعتبار الامر نافذا، مشيرة الى انه سيتم البحث عن مخرج قانوني بما يضمن حماية المجتمع من الانفلات الامني.
بدوره، أكدّ يعقوب الغندور رئيس دائرة الفتوى والتشريع، أن المخرج يتمثل في تولي المجلس التشريعي لدوره كمؤسسة تشريعية وحيدة في ظل انتهاء شرعيات السلطات الاخرى بحسب الدستور، ويمكن أن يشكل لجنة على غرار ما فعله بلجنة الاراضي، ويعطيها صلاحيات مجلس الوزراء، وهي تقوم بالنظر في قضايا تنفيذ الاعدام. وبحسب مصادر في النيابة العامة، فإن عدد المحكوم عليهم بالإعدام في غزة عددهم 11 شخصًا.
عدوان: التشريعي سينظر في قضايا تصديق الإعدام
وقال الغندور لـ"الرسالة"، إن التشريعي يطلع بمهام الرئيس في ظل انتهاء ولايته القانونية بحسب الدستور، وعليه فهو صاحب الولاية في اقرار تنفيذ الاحكام، التي يقضى منها الردع العام وانزال القصاص واستباب الأمن في القطاع.
وقد أيده عبد الحميد عيد القانوني في مركز حماية لحقوق الانسان، إذ أكد أن التشريعي بإمكانه تشكيل لجنة توكل اليها تصديق الاعدامات، مشددًا على شرعية اللجنة كونها جزءا من مجلس منتخب وشرعي.
وللنظر في طبيعة وخطورة الجرائم الاخيرة، فقد بيّن عبد الرؤوف الحلبي رئيس مجلس القضاء الأعلى في غزة، أن غالبية الجرائم مرتبطة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في غزة، مشيرا الى ان غالبية المتورطين من فئة الشباب، وذلك بسبب اتجاهل حكومة التوافق ورئيس السلطة لقطاع غزة.
قانوني: التشريعي صاحب الولاية الدستورية للنظر في هذه القضايا
وقال الحلبي لـ"الرسالة"، إن القضاء سيصدر عقوبات رادعة بحق مرتكبي جرائم القتل، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن اعداد الجرائم في غزة قليلة مقارنة بأوضاع مناطق اخرى، وهي في معدلها الطبيعي. وحول تنفيذ عقوبات الاعدام، فقال ان هذه مرهونة لدى الجهات المختصة وليس القضاء، منبها الى ان غالبية الجرائم عشوائية وفردية وليست منظمة.
وأضاف الحلبي "من يثبت ارتكابه لجريمة، فإن العقوبة ستكون رادعة وسنقتص منه، عقوبة له وردعًا للآخرين كي يتبعدوا عن الجريمة"، مشددًا على أنه في حال وفرت السلطة وحكومة التوافق حالة اقتصادية أفضل لسكان القطاع، فإن نسبة الجرائم ستقل.