مقال: الثانوية والسياسي

بقلم- وسام عفيفة

 

 

طالب يجلس في مقعد متقدم في اليوم الأول لامتحانات الثانوية العامة، ينظر إلى ورقة الأسئلة كأنه يحل كلمات متقاطعة في صحيفة، يدخل مسئولون يطلعون على سير الامتحانات، أحدهم لفتت نظره ابتسامة الطالب بينما التوتر والقلق على وجوه البقية، يتقدم نحوه... يربت على كتفه ويسأله السؤال التقليدي الذي يكرره كل عام:

المسئول: كيف الامتحان يا حبيبي؟

الطالب بثقة: يعطيهم عافية إدارة التربية والتعليم ما قصروا.

المسئول: ماذا تنوي ان تتخصص بعدما تنجح في الثانوية العامة؟

الطالب: أي تخصص، لا يشغلني ذلك كثيرا. انا اتحضر لمرحلة ما بعد الجامعة.

المسئول يرفع حاجبيه بتعجب: أراك مستعجلا وكأن الوظيفة تنتظرك؟

الطالب ببرود: نعم جاهزة، هل تتوقع ان أنتحر أمام قطار انتظار الوظيفة بعد الجامعة... أنا يا سيدي سوف أعمل سياسيا.

المسئول باستهزاء: وكيف ستقوم يا ذكي بذلك دون شهادة وتخصص جامعي محترم.

الطالب: السياسي لا يحتاج تخصصات وشهادات عالية، فقط سوف أتنقل بين التنظيمات، وسأطرق أبواب القنصليات، وسأترشح للانتخابات، وسأعرض على الأنظمة العربية الاستشارات.

 انا الآن أنمي قدراتي السياسية. لهذا احفظ عن ظهر قلب هذه الكتب... خذ عندك:

"القواعد الـ 48 للسلطة" للكاتب الأمريكي روبرت غرين الذي تتبع تاريخ وسير الأمراء والملوك ودهاليز القصور ليستخرج 48 قاعدة اعتبرها مفاتيح القوة والنفوذ والتأثير.

يتابع الطالب: هل تعرفت يوما على شخصية السياسي الديماغوجي الذي تعبده الجماهير، أنا أتعلم ذلك في رواية "كل رجال الملك"، ثم تعمقت في الكتاب الأشهر لـ "نيقولا ميكافيللي" "الأمير"، الذي يجيب من خلاله ببساطة على سؤال كيف أمارس السياسة وأصل إلى السلطة وأحافظ عليها؟

وفي كتاب "بيت من ورق" تدربت كيف أضع خطة مدروسة لامتلاك القوة والنفوذ، ومررت على راوية "بيت الصدى" التي تتناول جملة من الممارسات التي تبدو مظلمة وغير أخلاقية ولكنها واقعي، وكان لابد أن أقرأ كتاب" بيع الرئيس "لأستوعب دور وسائل الإعلام بالنسبة للسياسيين ولماذا من المهم بالنسبة لهم السيطرة الكاملة عليها.

 وأخيرا لابد أن أزور رائعة الراحل "جابرييل جارسيا ماركيز"، "خريف البطريرك" لأطلع على صورة الديكتاتور الذي يعلن الحرب على جميع منافسيه.

المسئول وقد تملكته الدهشة يميل ليهمس في أذن الطالب: يا بني تذكرني عندما تصيح سياسيا في هذا الوطن.

البث المباشر