قائمة الموقع

مصر تدفع نحو "خارطة طريق" ومطلبها المصالحة مع دحلان

2016-05-30T06:49:30+03:00
غزة-شيماء مرزوق

لم تنفك محاولات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنهاء الخلاف المشتعل منذ سنوات بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، تلك المساعي الحثيثة التي يرى البعض أنها بحاجة لمعجزة كي تنجح، هي في الحقيقة انعكاس لرؤية الدول المؤثرة في المنطقة العربية للساحة الفلسطينية في المرحلة المقبلة.

وليس عبثا أن فشل كل المحاولات السابقة في مصالحة الرجلين، لم تثني النظام المصري عن تكرار المحاولة، خاصة في ظل المتغيرات التي تجري حاليا لترتيبات مرحلة ما بعد عباس، والتي وان كان جلها يدور في الخفاء لكن ارهاصاتها لا تخطئها العين.

وليس سرا ان مصر ومن خلفها الامارات وربما السعودية تدفع باتجاه تولي دحلان رئاسة السلطة خلافا لأبو مازن لذا فان المصالحة بين الرجلين ضرورة لا بد منها كي يدخل دحلان المقاطعة من أوسع أبوابها.

ويمكن القول إن تفضيل دحلان من دول الاقليم الأكثر تأثيرا في الساحة الفلسطينية "مصر- السعودية- الإمارات- الأردن" نابع من كونها تحمل رؤية مشتركة فيما يخص العلاقة مع إسرائيل وقضية تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والنقطة الأهم حاليا أن هذا الحلف لديه موقف معادي للجماعات الاسلامية وتحديدا الاخوان المسلمين وترى فيها خطرا حقيقيا على وجودها.

هذه الرؤى المشتركة ربما تفسر الدفع بدحلان كخليفة لعباس، خاصة أنه الخلاف بين الرجلين ليس سياسي او على القضايا الجوهرية التي تعني بالدرجة الاولى الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، وإنما لا تخرج عن إطار المنافسة بين الرجلين والطموح السياسي دحلان الذي اغضب ابو مازن ورأى فيه تجاوز صارخ ضده، ما جعله يبطش به كي يقضي على فرصه في الوصول لرئاسة السلطة.

خطاب المبادرات للسيسي والذي حاول من خلاله اعادة ترتيب البيت الفلسطيني، يؤكد الاصرار المصري والاقليمي على عدم ترك الساحة الفلسطينية للصراعات الداخلية، لذا فإن مصالحة دحلان وعباس مقدمة لدى السيسي على باقي المبادرات والمدخل الذي سيترتب بناء عليه مجمل الملفات.

ويمكن أن توفر المصالحة بين عباس ودحلان أرضية صلبة تنطلق بعدها مصر نحو المصالحة بين حماس وفتح، بعدما تكون الأخيرة قد حدت من حجم الخلافات والصراعات التي أضعفتها في مواجهة حماس، بحيث تكون مصالحة "فتح" الداخلية مقدمة للمصالحة مع "حماس"، وبالتالي ضمان استمرار مشروع التسوية الذي تطمح مصر وعدة دول عربية في تمريره.

عباس أدرك مبكرا ان دحلان يخطط لإزاحته وبذات الآلية التي تم فيها إزاحة الرئيس الراحل ياسر عرفات، والتي بدأت بسحب الصلاحيات وتقوية النفوذ على الأرض وخاصة في الأجهزة الأمنية.

هذا السيناريو الذي لم يفارق أبو مازن منذ توليه الرئاسة دفعه لاستخدام كل وسائله لتجنب ذات المصير، وربما هذا ما يفسر التماهي في علاقته بإسرائيل وتقديسه التنسيق الأمني الذي يوفر له مصلحة شخصية بالدرجة الاولى، تكمن في بقائه على رأس السلطة أطول فترة ممكنة وضمان الخروج الأمن في الوقت المناسب دون الإطاحة به.

في المقابل فإن كل محاولات عباس إبعاد دحلان عن المشهد الفلسطيني لم تفلح، ويجد عباس نفسه في مأزق فهو من ناحية لا يمكنه الاعتراض أو رفض الجهود المصرية للمصالحة مع دحلان، لكنه يتخذ اجراءات على الارض لتعطيلها كما يحاول إظهار وكأن مؤسسات فتح هي من ترفض مصالحة دحلان، لكنه في الحقيقة هو الرافض الأول لعودة دحلان للمشهد الفلسطيني رسميا وهو الذي اتخذ ضده وكل أنصاره اجراءات قاسمة.

من ناحية أخرى تبدو فرص أبو مازن في المناورة صعبة أمام المساعي المصرية ويخشى أن يخسر علاقته بالنظام المصري، كما أنه يتعرض منذ فترة لضغوط مصرية ظهرت من خلال ما تسرب عن قطيعة بين مصر والسلطة بعدما رفض عباس المصالحة في نوفمبر من العام الماضي ما أغضب مصر ودفعها لتعزيز دحلان والتعامل معه بشكل رسمي واستقبال السيسي له ولرجاله عدة مرات، ما جرى تفسيره على أنه دعم سياسي لدحلان الامر الذي أثار غضب عباس.

ويجدد السيسي حالياً خطة "خارطة طريق" التي عرضها على عباس في نوفمبر الماضي لتنقية الساحة السياسية الفلسطينية، والتي تعتبر أولى خطواتها والمطلب الرئيسي للسيسي هو المصالحة بين عباس ودحلان في مقابل استمرار العلاقة مع السلطة الفلسطينية، وذلك وفقاً لما جاء في مقال للكاتب الأمريكي آلان هارت على موقع "كلير انفورميشن هاوس".

وقال هارت في مقاله " بالنسبة لي هناك سؤالان يتعلقان بالأمر: الأول هو: لماذا يريد السيسي أن يكون دحلان هو الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية؟ الإجابة القصيرة هي: لأن هذا هو ما يريده قادة إسرائيل".

وأضاف أما السؤال الثاني هو: لماذا يريد قادة إسرائيل أن يخلف دحلان عباس؟ الإجابة القصيرة هي: أنهم يأملون وربما يعتقدون أنه سيكون مستعدا لاستخدام القوة لإجبار الفلسطينيين على قبول فتات الأجندة الصهيونية؛ مساحات معزولة على 30-40 % من الضفة الغربية مما يسمونها بالدولة.

ولا تتوقف الضغوط على الجانب المصري فقد سادت علاقات سيئة بين السلطة والامارات التي اوقفت دعمها المالي للسلطة في حين كثفت من دعمها المالي الغير محدود لدحلان في مساعي لتقوية وجوده في الساحة الفلسطينية.

وتربط السيسي بدحلان علاقات وثيقة منذ أحداث 30 يونيو في مصر والإطاحة بالرئيس محمد مرسي، حيث بات دحلان الذي يعمل مستشارا أمنيا لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، بشكل مستمر ضيفا على السيسي ومصر.

اخبار ذات صلة