يُضيف ضمّ حزب (إسرائيل بيتنا) بزعامة أفيغدور ليبرمان إلى الائتلاف الحكومي الحاكم، المزيد من القلق على مستقبل القضية الفلسطينية، رغم أن انضمامه لا ينقذ الحكومة من الانهيار، ولا يعززها حتى دستوريا، إلا إذا كان لحاجة في نفس نتنياهو، الذي اتجه إلى تسليم المهاجر الروسي ليبرمان أهم الحقائب الوزارية في إسرائيل بعد رئاسة الوزراء (الحرب)؛ في سبيل إحكام قبضة اليمين المتطرف على كل مؤسسات الدولة.
ولا يدعو إيعاز نتنياهو مباشرة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإطلاق مبادرة إقليمية للتسوية، وفق مصادر عبرية، إلى توقع حلّ قريب واستبعاد التفكير القومي المتطرف عنه، فالجمود السياسي كان ولا يزال الإرث السياسي الأكبر لنتنياهو خلال سنواته حكمه، فهو، كما قال كاتب إسرائيلي، لن يتخذ قرارا شجاعا واحدا لتقدم السلام، "لأنه إذا كانت هناك أي قيم يتمسك بها باستثناء حفظ حكمه، فهي بلاد إسرائيل الكاملة، وانعدام ثقة أساس بالعرب".
بدليل أنه أدار ظهره لتيار (يسار الوسط) في ائتلافه الحاكم، وأشرك معه أشد منتقديه، والذي يوافقه في المقابل آراءه السياسية، بتأييد الاستيطان والتعامل بسياسة الشدة مع الفلسطينيين، وبالتالي نكون أمام الحكومة الأكثر تشددا في تاريخ (إسرائيل)، إذا ما علمنا مثلا أن حزب (إسرائيل بيتنا) يشترط لأي اتفاق مع الفلسطينيين أن يكون جزءا من اتفاق أشمل يتضمن اتفاقيات سلام مع الدول العربية.
ويدعم الحزب أيضا خطة "الترانسفير" المثيرة للجدل، التي تقضي بترحيل عرب الداخل المحتل، الذين يتعاطفون مع الفلسطينيين، وسبق أن هدد زعيمه ليبرمان، بإسقاط السلطة الفلسطينية، وتوطين الفلسطينيين في صحراء سيناء، وشن هجوم عسكري على إيران حتى لو رفضت واشنطن ذلك، واختيار حي سكني في غزة وتحويله بالقصف الجوي إلى ملعب كرة قدم؛ ردا على صواريخ حماس!
ويبدو مهما التذكير بأن حزب الليكود الحاكم بزعامة نتنياهو، يستبعد مرارا اشتراط الفلسطينيين إقامة دولة على حدود عام 1967، ويرفض فكرة أي عاصمة فلسطينية في الجزء الشرقي المحتل من القدس، ويصر على أن القدس بشطريها العاصمة الابدية والموحدة للدولة العبرية، ويقول إن (إسرائيل) ستتمسك بالكتل الاستيطانية الكبرى في أي اتفاق سلام.
خطورة القبضة اليمينية على الدولة العبرية، دفعت الولايات المتحدة إلى التعبير عن قلقها إزاء السياسة المتوقعة في (إسرائيل) اتجاه الفلسطينيين، "مع تعيين القومي المتشدد ليبرمان وزيرا للدفاع في حكومة يمينية إسرائيلية جديدة، وفق قول المتحدث باسم الخارجية الأمريكية.
وقال المتحدث: "نعرف أن العديد من وزراء هذه الحكومة سبق أن أعلنوا أنهم يعارضون حل الدولتين. وهذا الأمر يستدعي تساؤلات مشروعة حول المسار الذي تريد الحكومة سلوكه، وماهية السياسات التي تنوي اعتمادها"، مع أهمية الإشارة إلى أنه من النادر أن تبدي الولايات المتحدة أي انتقاد علني للسياسة الإسرائيلية.
ويذكر أن اليمين الإسرائيلي المتشدد طلب في سبيل وأد الانتفاضة الثالثة، تنفيذ سياسة مفادها "أطلق النيران لتقتل خصمك" في كل محاولة طعن، فليبرمان صاحب سياسة عسكرية مفادها "القتل أولا ثم الأسئلة لاحقا".
وقد أورد صالح النعامي الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي، في دراسة له، عددا من المخاطر المرتقبة لصعود اليمين المتطرف، أولها أنه سيضر بالقضية الفلسطينية؛ لأنه سيعرّي أنظمة الحكم في دول ما يسمى بمحور الاعتدال، من ناحية الحد من قدراتها في تبرير مواقفها المتخاذلة اتجاه القضية، ولن يكون بوسع هذا المحور مواصلة ما سمّاه "التبشير بثمار المسيرة السليمة".
إضافة إلى أنهم لن يتمكنوا من "تسويغ" تطبيعهم للعلاقات مع إسرائيل في ظل وجود حكومة يمينية؛ لسبب بسيط أن الساسة الإسرائيليين اليمينيين لا يولون اهتماما نحو التطبيع مع العرب. ففي العام 2004 رفض ليبرمان، وكان وزيرا للبنى التحتية، دعوة من قطر لحضور أحد المؤتمرات التي عقدت هناك، قائلا إن إسرائيل ليست في حاجة لعقد مثل هذه المؤتمرات.
وسيكون صعود اليمين مصدر حرج أيضا للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وسيفضح المعايير المزدوجة وسياسة الكيل بمكيالين التي تحكم السياسات الأوروبية والأمريكية، في كل ما يتعلق بالعلاقة مع العرب وإسرائيل.