قائمة الموقع

مقال: ماذا يعني انضمام إسرائيل إلى حلف الناتو؟

2016-06-02T06:25:01+03:00
د. عدنان أبو عامر

للمرة الأولى منذ عقود، تفتتح إسرائيل مكتبا لها في بروكسل حيث مقر حلف الناتو، تمهيدا لتكون عضوا في الحلف مستقبلا، مما يفتح الباب على سيل من الأسئلة العسكرية والسياسية، حتى الإستراتيجية منها، حول معرفة مآلات إسرائيل في عضويتها القادمة في الحلف، وماذا يعنيه ذلك على وضعها في المنطقة العربية المشتعلة، وما هي الفوائد المتبادلة بين إسرائيل والحلف من العضوية المرتقبة؟

تعتبر إسرائيل من بين الدول المتوسطية التي عمل حلف الناتو على تعزيز التعاون معها، في ضوء جملة من الأسباب والعوامل الأساسية، أهمها الرؤية الإستراتيجية الجديدة التي يتبناها الحلف، تمشياً مع التطورات العالمية في أعقاب نهاية الحرب الباردة، وسقوط الاتحاد السوفيتي، والاستجابة لأنماط جديدة من التهديدات المختلفة بصورة جذرية عن التهديدات التقليدية التي واجهها الحلف من قبل، وتنويع الوظائف التي يقوم بها الحلف، وعدم اقتصارها على الجانب العسكري فقط، وتعزيز وجوده في مناطق جغرافية خارج نطاق عمله التقليدي أيام الحرب الباردة.

وينطوي تعميق التعاون الأمني بين إسرائيل والناتو، على ميزات في أربعة مجالات رئيسة، هي: السياسي الدبلوماسي، والإستراتيجي الأمني، والعسكري التكنولوجي، والاقتصادي التجاري، ويمكن القول إن اقتراب إسرائيل من حلف الناتو، وصولا لمرحلة الانخراط الكامل فيه، والحصول على عضويته، يخدم مصالحها الإستراتيجية والسياسية والأمنية، وينطوي على الكثير من المزايا والإيجابيات.

كما تجدر الإشارة أن انضمام إسرائيل لما تسمى "قوة الجهد الفعال" التابعة للحلف، يعتبر تطوراً مهماً، في وقت تجد فيه تل أبيب مشكلة مستعصية في منح عملياتها العسكرية شرعية دولية، ومسوغات قانونية، وتسويقاً دبلوماسياً، ويأتي موافقة الحلف على انخراط إسرائيل في صفوفه نوعاً من تقديرها، أو منحها شهادة حسن سلوك.

كما أن انضمام إسرائيل لقوات الحلف البحرية يمنحها فرصة التواجد في أماكن بعيدة، دون لفت نظر أو اشتباه، مما يجعلها إشراكها في قوات الحلف قفزة في علاقاتها الإستراتيجية مع الغرب، وبداية القبول العلني لها في المعركة العالمية لمكافحة ما يوصف بـ"الإرهاب الدولي".

ورغم أن الإرث التاريخي بين إسرائيل وحلف الناتو، أوجد مستوى من التنسيق والتواصل على مدار الساعة، وجعل علاقاتهما بعيدة عن مراحل التوتر والقطيعة، ولكن يمكن القول أن هناك بعض نقاط الخلاف تمثلت بعدد من المراحل التاريخية، أهمها التي أعقبت حروب 1967، 1973، 1982، وانتصار إسرائيل على جيرانها العرب، وتأمين حدودها، حيث بدا التباعد بين إسرائيل والحلف، لأن إسرائيل ليست بحاجة للحماية، فيما تنبهت دول الناتو لخطورة عدم توازن مواقفها في الصراع العربي- الإسرائيلي على مصالحها في المنطقة.

وفي السنوات الأخيرة، ظهر خلاف بين الناتو وإسرائيل بسبب معارضة الأخيرة لخطة لنشر قوات تابعة للحلف في الضفة الغربية، لكبح الأنشطة المسلحة المعادية، لكن الرفض الإسرائيلي للخطة جاء باعتبارها "سيئة جداً"، فالحلف لن يعرض حياة جنوده للخطر للدفاع عن الإسرائيليين من الهجمات الفلسطينية المسلحة، كما تكرر عرض مشابه للحلف بإرسال قواته لقطاع غزة أواخر 2005، بعد انسحاب إسرائيل منه.

كما خشي الإسرائيليون من المواقف السياسية لدول الناتو من الصراع العربي الإسرائيلي، لكن قادة الحلف طمأنوا الإسرائيليين بعدم وجود رغبة أو نية للحلف للتدخل في عملية السلام، علماً بأن بعض قوات الناتو شاركت إسرائيل في عمليات التفتيش البحرية، عقب انتهاء حرب غزة 2008-2009، لوقف تهريب الأسلحة للقوى الفلسطينية في القطاع.

أخيراً..تدرك إسرائيل جيداً أن الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاءها من الغربيين، يحرصون دائماً على إبقاء سلطة لهم في الشرق الأوسط، وتشير مجريات الأحداث فيها، لاسيما بعد أحداث الثورات العربية، ودخول عدد من الدول العربية في حالة حروب أهلية طاحنة، أن حلف الناتو وإسرائيل يعتبران فرسا رهان واشنطن الرابحان، وقبضتاها الفولاذيتان، اللتان تستخدمهما لتنفيذ سياساتها، وتحقيق طموحاتها، والوصول إلى مآربها في هذه المنطقة الساخنة الحساسة.

ورغم وجود بعض الخلافات داخل الحلف، إلا أن المصالح المتشابكة لأمريكا والاتحاد الأوروبي، تجعل إسرائيل عضواً في حلف الناتو، وفق سياسة الأمر الواقع، ولذلك تم تهيئة الأوضاع ليتخذ الطرفان، الناتو وإسرائيل، مسئوليات كبيرة في الصراعات الإقليمية المرتقبة، إذا ما حدثت، ويؤكد ذلك وضع قوات الحلف، وسفنها الحربية في الشرق الأوسط وأفغانستان، وعلى حدود سوريا وإيران.

اخبار ذات صلة