حذرت ليلى خالد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، من خطورة استمرار السلطة الفلسطينية في التفرد بالقرار الوطني، معتبرة ذلك "من أخطر الإشكاليات التي تواجه القضية الفلسطينية".
وقالت خالد في حديث لـ"الرسالة"، من عمان، إن الجبهة وقوى أخرى تتناقض بشكل كامل مع السلطة التي تتفرد في القرار الفلسطيني، سواء بالنسبة لاتفاق أوسلو أو عدم تنفيذها قرارات المجلس المركزي المتمثل بوقف التنسيق الأمني وتجميد أي علاقة مع الاحتلال.
وأكدت أن الإشكالية الرئيسية مع السلطة تتمثل في استمرار تقديمها تنازلات سياسية بدون ثمن، بل وتواصلها في التنازل عن الأرض من خلال ما يسمى بـ"تبادل الأراضي"، وقبولها بالمبادرة الفرنسية التي تمثل تصفية حقيقية للقضية الفلسطينية من خلال إنهاء حق العودة.
ورفضت بشكل قاطع أن تكون قيادة السلطة قد اطلعت اللجنة التنفيذية حول تفاصيل مكتوبة عن المبادرة، وإنما طرحت أفكارا عامة، لم تشمل أي حديث عن إسقاط حق العودة وتبادل الأراضي كما بدأ يظهر الآن عبر الإعلام. وحذرت خالد السلطة من خطورة التلاعب بالشعب الفلسطيني، مؤكدة أنه لا حق لها في تقرير مصير الشعب الفلسطيني "لأننا لسنا في سوق نخاسة نباع ونشترى، وهذه قضية يجب احترامها".
وأكدّت أنه لا يحق للسلطة التفرد بالقرار الفلسطيني، وعليها أن تلتزم بالمؤسسات الفلسطينية، " ولا يجوز أن يكون القرار بيد مجموعة صغيرة تقرر للشعب الفلسطيني".
مبادرات التسوية
ونبهت القيادية في الجبهة الشعبية إلى خطورة تعاطي السلطة مع صيغ تعديل المبادرة العربية التي رفضها الشعب الفلسطيني أساسًا، كونها تتخلى عن حق العودة، وتتبنى ما يسمى بـ"الحل العادل"، رغم وجود قرار دولي واضح يدعو لعودة اللاجئين. وقالت: نحن لا نقبل المبادرات التي تقدم تنازلات مجانية للاحتلال"، محذرة في الوقت ذاته من وجود مؤامرة تشارك فيها عدة أطراف لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية.
لا يجوز أن يكون القرار بيد مجموعة صغيرة تقرر للشعب الفلسطيني
وأضافت خالد لـ"الرسالة"، "المبادرة الفرنسية بضاعة قديمة مجربة، وليس هناك من جديد يمكن التعويل عليه في المرحلة المقبلة". ولفتت إلى أن الموقف الأمريكي لا يزال منحازًا بالكلية لـ(إسرائيل)، في ظل موقف عربي ضعيف ومتشرذم، و"هي مغريات كافية ليواصل الاحتلال رفضه لأي منطق سياسي ينهي الوضع القائم"، وفق تعبيرها.
ورأت أن أي خيار سياسي في الفترة الراهنة يشكل محاولة لإنقاذ إسرائيل من ورطتها الحالية، وتجميل لصورتها البشعة التي تلطخت بدماء الأبرياء في الضفة المحتلة، مؤكدة أن أي مفاوضات قادمة لن تعطي السلطة سوى المزيد من الخسارة والسراب "لأنها لن توقف الاستيطان أو الاعتداءات على أبناء شعبنا".
ودعت خالد السلطة الفلسطينية إلى إعادة التفكير في المسار السلمي، والتوقف عن التنسيق الأمني وإنهاء حالة الجمود في الشأن الفلسطيني الداخلي من خلال تفعيل المصالحة الفلسطينية بشكل جاد ينهي الواقع الراهن. ورأت خالد أن هذه المعطيات دليل على حالة الإفلاس السياسي التي وصلت إليها السلطة الفلسطينية وانعدام الخيارات السياسية المتاحة لديها. وتوقعت فشل المبادرة الفرنسية كالمبادرات الأخرى، عازية ذلك لتعنت الاحتلال إضافة إلى عدم امتلاك السلطة الفلسطينية لأوراق ضغط تجبر الاحتلال على الاستجابة لمطالبها.
وقف الانتفاضة
وفي غضون ذلك، تطرقت إلى رفض السلطة لتطبيق قرارات المجلس المركزي للمنظمة، والذي دعاها لوقف التنسيق الأمني وتحديد العلاقة مع الاحتلال على كافة الصعد، وهو ما تجاهلته السلطة بشكل تام. وأكدّت أن انتفاضة القدس وإن خفت وتيرتها إلا أنها لا تزال مستمرة ولم تنته.
ورأت أن غياب القيادة الموحدة للانتفاضة كانت إحدى أسباب تعثر تقدمها، إضافة إلى استمرار سياسة التنسيق الأمني، محذرة من محاولات تقويض واحتواء الانتفاضة في ظل قدرتها على إيلام الاحتلال ونجاحها في اختراق حاجز المنع من قبل الاحتلال والسلطة، إذ رأت أن هناك جهودا جادة وحثيثة يبذلها الاحتلال والسلطة لوقفها.
واستهجنت ما صدر من تصريحات عن السلطة الفلسطينية وهي تصف الانتفاضة بـ"العنف"، وقالت إن هذا الكلام مردود على أصحابه؛ " وفيه مزاوجة بين فعل الجلاد والضحية". ورأت أن هذه التصريحات دليل على رغبة السلطة في كبح جماح الانتفاضة، والتوصل لحل سياسي مع الاحتلال، مشددة على ضرورة إدامة الاشتباك مع الاحتلال في الوقت الراهن، لإفشال كل المخططات الرامية لإنهاء الانتفاضة، وضمان سيرها في تحقيق أهدافها. وقالت "المقاومة حق غير خاضع للنقاش، ولا ينبغي أن تشارك السلطة في تشويه صورتها".
اغتيال النايف
وفي غضون ذلك، تطرقت لقضية اغتيال عمر النايف، إذ أكدّت أن اللجنة الثانية التي شكلت لمتابعة تحقيقات الجريمة لم تقم بدورها، ولم تمارس مهامها، "وانتظرت فقط التقرير البلغاري الذي قيل انه سيسلم في شهر أغسطس".
"الحل الجزئي" لقضية وقف مخصصات الشعبية لا يعني إنهاء أزمة التفرد بالقرار
ونبهت إلى أن القضية الآن أصبحت لدى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والتي ينبغي أن تحقق فيها بناء على طلب من الجبهة الشعبية، "وذلك لأن السفارات تخضع للمنظمة وهي من تتحمل مسؤولياتها". وأكدّت أن اللجنة قالت إن "عملية وفاة النايف لم تتم بفعل خارجي"، في إشارة إلى محاولة الصاق تهمة الـانتحار إليه.
وتابعت القول: "إن هناك عملية مماطلة وتسويف من قبل عدة جهات من بينها السلطة لدفن قضية النايف"، موضحة أن قضية النايف "لا يمكن أن تموت والجبهة الشعبية لم تسقط خيار الثأر، ولديها تجربة معروفة في عقاب الاحتلال المسؤول المباشر عن عملية الاغتيال".
وأكدّت أن الجبهة ستبقى حريصة على المسار القانوني في التحقيق مع الأطراف المتورطة من الناحية الفلسطينية، "وينبغي أن تعيد لجنة التحقيق البحث في أي تقرير سيصدره البلغار".
ونبهت إلى أن السلطة الفلسطينية وسفارتها في بلغاريا، تتحملان المسؤولية أيضًا عن تقصيرهم من خلال عدم توفير الحماية اللازمة للشهيد، أثناء فترة ملاحقته في بلغاريا. وقالت خالد إن السلطة الفلسطينية لم تتعامل مع القضية بالمستوى المطلوب منذ البداية، ولم تتحرك دبلوماسيًا لإنهاء قضيته كما كان ينبغي.
وأخيرًا، عرجت على قضية وقف رئيس السلطة محمود عباس لمخصصات الجبهة الشعبية المالية، إذ أكدّت أن هذه القضية "وإن حلت جزئيًا"، إلا أنها إحدى نتائج التفرد السياسي في القرار، ومضت تقول: "إن هذا القرار أحد تجليات التفرد والهيمنة على القرار الفلسطيني الذي يمثل إشكالية مستمرة لدى السلطة، وينبغي أن يسلط الضوء عليه بشكل دائم".