مقال: أهلا رمضان

بقلم: أ. وسام عفيفة

تظللنا الخيمة الرمضانية ببهجتها وكرمها، بحزنها ووجعها، وكفلسطينيين تمنحنا استراحة من ضغوط واقعنا، نهرب اليها من حصارهم واحتلالهم وقهرهم، وهي فرصة أن نصوم عن ملهيات السياسة، ونغض نفوسنا عن عورات الحكم والسلطة، ونتجنب الرفث الإعلامي والفسوق الإداري والمالي.

خلال الأيام المقبلة تبلغ العبادات ذروتها، وتتزين المساجد بضيوف رمضان، حيث يتراصون خلف الإمام بذنوبهم وفجورهم، بضعفهم وهمهم، يحدوهم الأمل أن يخرجوا بعد 30 يوما أنقياء أو على الأقل قد تخففوا من أوزارهم العظيمة.

وليس بعيدا فإن الخيمة الرمضانية منصوبة بالدماء، مشدودة بالدموع، وقد غرست أوتادها في أشلاء المحيط العربي، حيث تحرم عديد المدن العربية من تعظيم الشعائر أو رفع الصلوات، ولن تحيا فيه الليالي المباركات، وسيحل دوي المدافع وهدير الطائرات محل مدفع الإفطار وصوت الأذان.

وبعيدا عن مشاحنات السياسة ورائحة الدم المنتشرة من المحيط للخليج التي تعكر أجواء الصائمين، نقدم طبقا رمضانيا من الظواهر التي أصبحت من أبرز طقوس وعادات المواطنين.

الزوجات يشعرن بحيرة وإرباك نتيجة التنافس المحموم بين المحال التجارية الكبرى والمولات التي تروج لعروضها الاستهلاكية بكافة الوسائل، الظاهرة تتصاعد على وقع أنصاف الرواتب وانعدام بعضها، لكن من يتجول في احداها يظن أن كل البلد تتسوق لرمضان.

فيما تستعد أقسام الاستقبال في المستشفيات والمستوصفات لعلاج مصابي التخمة وأمراض المعدة خصوصا في الأيام الأولى من رمضان، حيث سينكشف أصحاب العادات الغذائية السيئة الذين يرافقهم يوم الفجعة طيلة أيام الشهر الفضيل.

كما تتهيأ أقسام الشرطة للتدخل لفض النزاعات والشجارات والطوش التي تزداد بشكل لافت، مما يضطرهم لتوفير وجبات إفطار اضافية لاستضافة العشرات من "المعصبين" وأصحاب البسطات والسائقين، والشريحة الأخيرة تفرض على إدارة المرور الاستعداد لمتابعة حوادث المرور التي أصبحت من طقوس الساعة الرمضانية الأخيرة قبل أذان المغرب.

اما المدخنون ومن لف لفيفهم، فقد أجبروا أسرهم على إعلان حالة الطوارئ، لتوفير أجواء لا تؤدي لاستفزازهم، كي تمر أيام رمضان على خير. وبهذه المناسبة سألت مذيعة برنامج ما يطلبه المستمعون مدخنا صائما "منقرزا": "شو تحب تسمع؟ قال: مقطع من أذان المغرب".

البث المباشر