في الساحة المقدسة تراه يتجول برفقة عدسته، يرصد انعكاس جمال قبة الصخرة، ويرسم لوحة فنية تُبهر من رآها، لا يتكلف في التصوير، فروعة المسجد الأقصى تفرض نفسها على الصورة.
الفتى مالك حرباوي (16 عام) صاحب العدسة المقدسية، وُلد بمخيم شعفاط في القدس، حيث ارتوى من حب مدينته، الى أن استل كاميرته قبل عامين ليصوِّر جمال المدينة، ويرصد انتهاكات الاحتلال هناك.
"الرسالة" حاورت هذا الفتى، والذي تحدثت روحه القُدسية الخالصة، ليسرد حكاية مصوّر عاش في باحات القدس، مستنشقاً عبير ريحها الطيّب.
ويقول حرباوي: "نشأت في القدس بعد أن ولدت فيها عام 1999م، وبفضل الله أنهيت الصف الحادي عشر في مدارسها، وأنا الآن في طريقي نحو الثانوية العامة، وقد بدأت الدخول إلى عالم التصوير عندما كنت في الرابعة عشر من عُمري".
ويسعى حرباوي إلى أن يكون مصوراً مُتميزاً بين أقرانه المُصورين في القدس رغم حداثة سِنّه، ويحاول أن يضفي بصمةً فنية مُميزة على صوره التي يلتقطها داخل المسجد الأقصى وحاراته القديمة.
حرباوي، ذاك الفتى البريء لم يسلم من حماقات الاحتلال وبطشه، فتعرّض كثيراً للتفتيش والاهانة والضرب والشتائم ومصادرة الكاميرات والعدسات، وكأنهم باتوا يخشون حتى الكاميرات الفلسطينية في المدينة المُقدسة!
ورغم هذه المضايقات التي تعرض لها، يُصر على مواصلة مشواره في التصوير، ويتابع: "القدس هي دمي، والتصوير فيها شيء مهم لرصد تهويد معالمها ومساجدها وكنائسها فضحاً لهذه الممارسات، ولأن عدد المصورين داخلها قليل جداً بسبب المضايقات التي يتعرض لها الإعلامي من الاحتلال".
حرباوي والذي يعمل "مصوراً حُراً" يقوم بنشر أعماله على صفحاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تقوم الشبكات الفلسطينية الإخبارية الكبيرة بنشر صوره نظراً لجمالها وروعتها.
ويطمح الفتى المقدسي إلى إكمال دراسته وإتمام مرحلة الثانوية العامة في مدارس المدينة المُقدسة، ثم دراسة الصحافة في الجامعة لتحقيق حلمه الذي يرنو إليه.
أما غزة، فكان لها من شغف المقدسي نصيب الأسد، فلطالما تمنّى زيارة غزة وشاطئ بحرها، معتبراً أنها تعني له كل شيء، مضيفاً: "الله يفرجها على أهلنا بغزة ويزوروا القدس قريباً".
وتواجه حرباوي صعوبات عدة في عمله بالتصوير، أبرزها صعوبة شراء الكاميرات والعدسات بسبب ارتفاع ثمنها، وصعوبة إدخالها إلى القدس.
وأشار إلى أن التصوير يحتاج إلى ذوق فني، فهو ليس مُجرد شراء كاميرا والتقاط صور، بل يحتاج إلى رؤية فنية واختيار الزاوية المناسبة، والاضاءة المناسبة وكذلك المكان لإخراج صورة تحمل لوحة جميلة، ترسم فيها حكاية القُدس الرائعة.