غزة- الرسالة نت
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في وزارة التخطيط تقريراً بعنوان "المفاوضات غير المباشرة..التحديات والسيناريوهات المتوقعة", حيث أوضح أن انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل جاءت برعاية مباشرة من الإدارة الأمريكية بعد جولات وضغوط مارستها هذه الإدارة على السلطة وعلى النظام الإقليمي العربي، وكانت هناك أيضاً رغبة فلسطينية في العودة إلى المفاوضات.
وبيّن التقرير أن السلطة الفلسطينية استفادت من الشرعية العربية التي منحت إليها بناءً على طلبها، لافتاً أن اللجنة التنفيذية وافقت على العودة إلى المفاوضات على الرغم من رفض ثلاث فصائل فاعلة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
وأشار التقرير إلي التحديات التي تقف أمام المفاوضات غير المباشرة منها الانقسام السياسي والجغرافي بين قطبي النظام السياسي الفلسطيني " فتح وحماس " ، منوهاً أن هذا يضعف الموقف التفاوضي للفلسطينيين، وطبيعة وشكل الحكومة الائتلافية الإسرائيلية المتطرفة، والانقسام والتشرذم العربي، وازدواجية المعايير التي تنتهجها الإدارة الأمريكية في تعاملها مع القضايا العالقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وعرض التقرير سيناريوهات الفشل والنجاح معتبرًا أنّ سيناريو الفشل هو من أكثر السيناريوهات واقعية، نظراً للتأصيل التاريخي لمسار المفاوضات ، وطبيعة التحديات التي تقف في وجه عملية المفاوضات.
وأوضح أن عقدين من الزمان والمفاوضات المباشرة لم تحرز أي تقدم يذكر في قضايا الوضع النهائي، والرفض الفلسطيني الواسع لقرار العودة إلى المفاوضات غير المباشرة، حيث ترفض كلاً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والجبهتان الشعبية والديمقراطية، وحزب الشعب الفلسطيني، وحركة الأحرار ولجان المقاومة الشعبية وغيرهم من شرائح المجتمع المدني والمثقفين والكتاب هذا القرار.
ولفت التقرير أن الأخطر هو رفض إسرائيل لتجميد الاستيطان، بل تعدى الأمر ذلك حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن بناء مئات الوحدات السكنية الجديدة في القدس، وسيكون التركيز في الأشهر الأربعة الأولي على الحدود والأمن، وباختصار ستعمل إسرائيل على تأجيل البحث في كل القضايا الجوهرية.
وأكد التقرير على عدم جدية الجانب الإسرائيلي في تحقيق السلام وإنهاء الاحتلال، ورغبته في كسب مزيد من الوقت لفرض مزيد من الحقائق على الأرض، وأن هناك افتراق كبير بين أجندة المتفاوضين سواء الأجندة التفاوضية الفلسطينية والأجندة التفاوضية الإسرائيلية".
وأضاف التقرير بأن الفشل سيترتب عليه تداعيات سياسية كبيرة، قد تلقي بظلالها على الساحة الداخلية الفلسطينية، فمن التداعيات الإيجابية لهذا الفشل دفع الأطراف الفلسطينية إلى المصالحة الوطنية، مضيفاً أن التداعيات السلبية للفشل تتمثل بعدم السماح لمن يؤمن بالمفاوضات كخيار استراتيجي أن يعلن عن فشل هذا النهج، لأنه بشكل مباشر سيمثل نصراً للنهج الآخر في الساحة الفلسطينية وهو نهج المقاومة.
وعرض التقرير سيناريو النجاح لعدة أسباب منها الضغوط والالتزامات على الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، إذ لا يملك ولا يريد أن يملك خيارات أخرى "فهو لا يؤمن إلا بمفاوضات تأتي بمزيد من المفاوضات"، وغياب الرغبة في إستراتيجية فلسطينية بديلة عن خيار التفاوض، أو على الأقل تمزج بين التفاوض والكفاح والضغط الذي يمارس على السلطة، وعلاقتها مع الإدارة الأميركية والمساعدات المالية
ونوه التقرير أن الولايات المتحدة قدمت 150 مليون دولار لمعالجة الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة إضافة إلي أنها تشرف مباشرة على بناء المؤسسة الأمنية في الضفة" بقيادة الجنرال الأمريكي كيث دايتون حسب المفهوم الأمريكي والإسرائيلي للأمن وارتباط السلطة الفلسطينية باتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي يدفعها للموافقة على المفاوضات ويحتم عليها أن تنهج هذا النهج .
وأشار إلي تداعيات هذا السيناريو ومنها تصفية القضية الفلسطينية من خلال قرارات الشرعية الدولية، وغطاء عربي، وسخاء ودعم أوروبي أمريكي للسلطة الفلسطينية، وتسويق فلسطيني، وضوء أخضر للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، من قبل 57 دولة عربية وإسلامية، وتوجيه الأنظار نحو الخطر النووي الإيراني، بدل الخطر النووي الإسرائيلي .
وخلص التقرير إلي مجموعة من النتائج والتوصيات منها المفاوضات غير المباشرة أخرجت إسرائيل من مأزق سياسي وقانوني نتيجة أفعالها المشينة في حرب غزة الأخيرة أمام الرأي العام الدولي.. والابتزاز الإسرائيلي للمفاوض الفلسطيني نتيجة حتمية للانقسام السياسي الفلسطيني وتعميق الانقسام السياسي الفلسطيني والعربي.
وكشف التقرير زيف الادعاء الذي يتبنى مبدأ التعددية والشراكة السياسية لدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وأن المفاوضات غير المباشرة تساهم في التستر على الاستيطان وتهويد القدس ومواصلة حصار غزة والاستمرار في بناء جدار الفصل العنصري والاعتقالات والمداهمات وهدم المنازل والاستيلاء على المياه .
وأكد علي أن المفاوضات المباشرة أيضاً تساهم في شرعنة الاحتلال للأراضي العربية والتمادي الإسرائيلي في الاستمرار بارتكاب جرائمه اليومية ضد الفلسطينيين، والأخطر في المفاوضات غير المباشرة تحسين وتجميل صورة إسرائيل دوليًا وإقناع دول العالم والمنظمات الحقوقية الدولية بعدم ملاحقتها قضائياً علي ما اقترفته من جرائم في قطاع غزة لافتاً أن قرار العودة للمفاوضات هو قرار جزء أو فصيل من الشعب الفلسطيني ولا يمثل غالبية الفلسطينيين، وقد لا تتوصل هذه المفاوضات إلى نتائج تذكر حسب التأصيل التاريخي لمسار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولكن إن نجحت هذه المفاوضات سيتم محاولة فرض ما تم التوافق عليه بالقوة وفق سياسة الأمر الواقع.
وأوصي التقرير بتشكيل جبهة فلسطينية جامعة تضم كل شرائح المجتمع في الداخل والخارج، لمراقبة التطورات السياسية على الأرض، وتبني إستراتيجية إعلامية تشارك بها كل القوى الوطنية والإسلامية، تؤكد على الثوابت الوطنية، وتحذر من المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.
كما أوصى بتبني خطاب إعلامي موجه للرأي العام الدولي، على رغبة الشعب الفلسطيني في تحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي تطلعات وطموح الشعب الفلسطيني، ودعوة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلى إعادة دراسة جدوى مشاركاتها في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، في ظل النسب الحالية، ودعوة الكتاب والمثقفين وأصحاب الرأي والأكاديميين وخطباء المساجد ومؤسسات المجتمع المدني إلى التركيز على الثوابت الفلسطينية، وعلى حجم المؤامرة التي تتعرض لها قضيتنا الفلسطينية ،
وطالب التقرير القيادة السياسية للحكومة أن تنظر للعامين 2010 و 2011 بعين الخطورة إزاء مشروع التسوية الجاري في المنطقة حاليًا، والبدء في إجراءات المصالحة لأن إسرائيل تستغل هذا الانقسام السياسي التشرذم الحالي في ابتزاز المفاوض الفلسطيني ومن الضروري البدء بإجراءات عملية على أرض الواقع خاصة في الضفة الغربية.
وأكد علي أن الانقسام الفلسطيني هو الأسلوب الأنجع لمواجهة التحديات القائمة إلى جانب تعزيز صمود الشعب الفلسطيني من خلال رفض الاعتقالات السياسية وملاحقة المقاومة في الضفة والتضييق الاقتصادي على المواطنين في قطاع غزة .