مجدداً، طفت الخلافات الداخلية لحركة فتح على السطح، وهذه المرة بإعلان ما أسموها "ثورة" داخل الحركة للمطالبة بعقد جلسة استثنائية وطارئة للمجلس الثوري، لعدم الرضا عن وضع الحركة وضرورة التغيير، ولا سيما في ظل تعطل انعقاد مؤتمر فتح السابع.
ونشرت مواقع فتح الإعلامية، المذكرة التي وقع عليها 47 عضواً من أصل 81 في المجلس، وسلموها لأمين سر المجلس الثوري أمين مقبول، حيث دعا الموقعون إلى عقد جلسة استثنائية للمجلس الثوري التي كان من المفترض أن تعقد بعد انتهاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر من أعمالها، للبت في موعد عقد المؤتمر السابع للحركة.
وطالب الموقعون، اللجنة المركزية للحركة بضرورة الالتزام بالنظام الداخلي وتنفيذ قرارات المجلس الثوري، وإلا فإنهم سيتخذون خطوات لاحقة سيعلنون عنها للقاعدة الفتحاوية الناقمة على الأداء الضعيف للحركة، قائلين إنه "قد بلغ السيل الزبى".
حبيسة الأدراج
وبالرغم من تنصل أعضاء في اللجنة المركزية والمجلس الثوري لفتح من هكذا مذكرة ونفيها، إلا أن قيادياً بارزاً في حركة فتح أكد صحتها، ولكنه أرجع صدورها إلى وقت سابق. وأوضح القيادي الفتحاوي يحيى رباح لـ"الرسالة" أن المذكرة الفتحاوية صدرت في شهر إبريل الماضي وتم تقديمها لرئيس السلطة آنذاك، غير أن الأخير لم يرد عليها بالمطلق وبقيت حبيسة الأدراج إلى ذلك الحين، مستهجناً نشرها في هذا الوقت بالذات رغم مرور شهرين على صدورها.
وقلل رباح في هذا السياق، من أهمية رفع أعضاء الثوري لهذه المذكرة التي تطالب عباس بالتسريع في عقد المؤتمر السابع، زاعماً أن رئيسه "ناضل من أجل التعجيل في عقد المؤتمر ولكن معوقات كثيرة أدت إلى تأجيله!".
وذكر رباح أن من جملة المعوقات التي حالت دون عقد المؤتمر حتى الآن "ظروفاً إقليمية ودولية"، نافياً أن يكون التأجيل متعلق بالصراعات والخلافات الداخلية لحركة فتح. وقال "ليس هناك أي معوقات داخلية لعقد المؤتمر، على اعتبار أن النظام الداخلي للحركة يرتب ويحدد كل شيء".
ورفض رباح إرجاع أسباب تأجيل مؤتمر فتح السابع، إلى الخشية من فوز الموالين للمفصول من الحركة محمد دحلان في انتخابات بعض الأقاليم والمناطق الفتحاوية، متسائلاً " كيف لدحلان أن يفوز في المؤتمر وهو مفصول من الحركة أصلاً؟"، مستدركاً "أما إذا كان المقصود هنا مؤيدوه فمخطئ من يظن أن النتائج ستكون في صالحهم!".
واستخف رباح بمن يدعي أن "تيار دحلان" هو من يقود الإصلاح داخل الحركة، واصفاً ذلك "بالنكتة" المضحكة التي لا تستوقف أحداً على الإطلاق. وزعم متهكما "حركة عددها بالملايين وعمرها عشرات السنين، لا يمكن أن يقودها بعض الأشخاص الذين ليس لهم تجارب على الإطلاق في الثورة".
وأضاف "إذا كان هناك مفصولون أو من يريدون الخروج من فتح، فلهم الحق في أن يشكلوا حزباً ينافس في إطار التعدد على الساحة الفلسطينية، ولكن عليهم أن لا يخلقوا نزاعاً داخل الحركة".
ثورة داخل الثورة!!
وتتلخص مطالبات الموقعين على المذكرة الفتحاوية، بأن تقدم اللجنة التحضيرية للمؤتمر السابع تقريراً عن أعمالها في هذه الدورة، وأن يتم إعلان أسماء وأعضاء المؤتمر وفتح باب الاعتراض والطعن عليها قبل عقد المؤتمر وحسب النظام ووفق لائحة العضوية للمؤتمر التي يجب عرضها أيضاً على المجلس الثوري، إضافة إلى اتخاذ كل الاجراءات والضمانات الكفيلة بمشاركة كل أعضاء المؤتمر من جميع الساحات وخاصة الخارجية وقطاع غزة.
كما طالبوا بوضع النظام الانتخابي وآلية الانتخابات للمؤتمر السابع وعرضه على المؤتمر بشكل كامل ومفصل، واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة لضمان الشفافية الكاملة لانتخابات المؤتمر بما يشمل الإجراءات التنظيمية والإدارية والأمنية وعمليات الفرز والإشراف على التصويت والفرز ...الخ.
وكان أحد أعضاء المجلس الفتحاوي قال "إن الأعضاء الموقعين بدأوا حراكاً منذ أشهر تحت عنوان "ثورة داخل الثورة"، ضمن ما ينص عليه النظام الداخلي للحركة لتغيير الواقع السيئ الذي وصلت إليه الحركة من تغييب كامل لكوادرها ومؤسساتها، معتبراً أن أخطر ما في الأمر هو عدم عقد الجلسة الطارئة، حتى بعدما تسلمت أمانة السر طلباً موقعاً من أكثر من الثلث المحدد في دستور الحركة البالغ عدد أعضاء مجلسها الثوري 81 عضواً.
يذكر أن مصادر فتحاوية حذرت أنه في حال تم عقد المؤتمر الفتحاوي، فإن كوارث عدة ستصحبه وستكون من أهم مفرزاته، إصرار عباس على عقد المؤتمر السابع بدون إنهاء انتخابات كافة الأقاليم التنظيمية، واستبدال الانتخابات بالاختيار والتكليف سيخلق أزمة معقدة ومركبة تضاف إلى جملة الأزمات التي تعيشها الحركة.
تمرد على التعطيل
ومن الناحية التحليلية لما سبق، يرى المحلل السياسي معاوية المصري، بأن صدور مذكرة أعضاء ثوري فتح في هذا التوقيت تُعد "نوعا من التمرد الفتحاوي على تعطل الحياة الديمقراطية داخل الحركة لسنوات"، مشيراً إلى أنه لا يوجد ترتيبات تدلل على انعقاد المؤتمر السابع لفتح هذا العام.
وتوقع المصري في حديثه لـ"الرسالة" عدم قدرة ثوري فتح على الضغط على عباس للتسريع في عقد المؤتمر السابع، لافتاً إلى "جماعة دحلان" ليست الوحيدة التي تشق فتح داخلياً، إنما هناك فرق متنازعة في فتح غالباً ما تطفو خلافاتها على السطح عند إجراء أي انتخابات داخلية.
وذكر أن الوضع الداخلي لفتح لا يؤهلها للقيام بعقد مؤتمر جاد يؤدي إلى النتائج المرجوة منه وهو إنهاء الحالة المتأزمة داخل الحركة، موضحاً أنه حال انعقاد المؤتمر فإن من الصعوبة بمكان إنهاء الأزمة الداخلية في فتح.
وذكر المصري أن "عباس يسعى لإحكام سيطرته على المؤتمر السابع ليتحول إلى مؤتمر ديكوري يكرس سيطرته على فتح"، متوقعاً أن يتم استبعاد كل المؤيدين لدحلان من المشاركة في المؤتمر واقتصاره على أشخاص منتقين بعناية، إضافة إلى تغيير طريقة الانتخاب، بحيث لا ينتخب أعضاء المؤتمر أعضاء المركزية بشكل مباشر كما المرة السابقة.