يقال إن الإنسان المتميّز يُعرف منذ سنينه الحياتية الأولى. واقعيّاً، الموهبة تحدّد ما اذا كان الولد يتمتّع حقّاً بامتيازٍ يحمله بيديه ويسير به نحو التميّز والنجاح المهنيّ. هذه الموهبة التي تحتاج بدورها الى تنمية وثقل يساهم في نضوجها يلعب الأهل دوراً اساسياً في بلورتها ودعمها. من هنا تكمن أهميّة إدراك قدرات الطفل وإمكاناته في سنٍّ صغيرة قبل أن يفوته القطار ويفقد القدرة على ثقلها بعد بلوغه سن الرشد. خصوصاً أن غالبية المواهب وخصوصاً الموسيقية منها تحتاج الى متابعة ومواكبة منذ سنوات الطفولة. وفي حال لم يستطع الأهل التمييز بين قدرات أولادهم واكتشافها، عليهم في هذه الحالة التعرّف إلى أنواع من سلوكات الأولاد الذين يغدون لامعين في المستقبل.
محاولة اكتشاف تفاصيل الأشياء بدقّة
حين يبادر الطفل الى التمعن والتدقيق في تفاصيل الأشياء التي تحيطه كالأغراض المنزلية أو الآلات الموسيقية أو قطع السيارات، فهو بالتالي يحرص على تنمية قدراته الذاتية ومعارفه. وينجم ذلك غالباً عن دقّة في الملاحظة والاستيعاب وحرص على فهم جميع الأمور التي تدور حوله. وهذا غالباً ما يترجم نجاحاً مدرسيّاً وذكاء وقدرة على التحليل، ما يعني تميّزاً مستقبليّاً. ما يتوجب على الأهل فعله في هذا الإطار الحرص على مشاركة أولادهم تساؤلاتهم والإجابة عنها وعدم الاستخفاف في أي سؤال مهما كان سطحيّاً او بسيطاً. اما غياب دور الاهل الفعال فمن شأنه ان يبطئ اي عمليّة اكتساب ايجابيّة.
الإجابة عن الأسئلة بشكلٍ متمكّن
من الايجابي أن يبادر الطفل الى الإجابة عن الأسئلة الشخصية والعلمية منها بشكلٍ دقيق ومتمكّن. هذا ما يشير الى ذكاءٍ وتميّز وقدرة سريعة على الادراك والاستيعاب. تفاعل الولد الايجابي وحماسته للمشاركة في الأحاديث العلميّة مؤشّرٌ جيّدٌ أيضاً. هذا فضلاً عن سعيه للاجابة الصحيحة عن الأسئلة التي لم يسبق أن طرحت عليه أو ان اكتشفها مسبقاً. وكما في الحياة العائلية كذلك في المدرسة، تعكس شخصيّة الطفل اندفاعاً الى حلّ المسائل والواجبات المدرسيّة من باب الشغف نحو التعلّم وليس من منطلق إجباره على حلّها لضرورة اكمال تحصيله العلميّ.
الشخصية القيادية منذ الصغر
ان تمتّع الطفل بشخصيّة قيادية منذ الطفولة مؤشّرٌ واضح على انه سيكون ناجحاً في المستقبل. ويترجم ذلك في نجاحه في تنظيم الألعاب والنشاطات الترفيهية واللقاءات مع الأصدقاء وتولّي أمور تنظيمية في مناسباتٍ مدرسية او في الملعب. هذه الشخصية تنعكس مستقبلاً على علاقاته ومهنته وتجعله محطاً للثقة وتحمّل المسؤولية وأخذ الأمور على عاتقه الخاص. كما يعني أيضاً نجاحه اجتماعيّاً وعاطفيّاً واستقطابه للفرص تلقائيّاً. هذا فضلاً عن كسبه جماهيرية واسعة في صفوف الأصدقاء والمعجبين والمقرّبين، مما يعني امكان تولّيه مناصب مهمة مستقبلاً على الصعيد الاجتماعي والشخصي. والأهم نجاحه في التأثير في الآخرين ما يساعده على ايصال وجهة نظره وبلورتها ايجابيّاً.
جريدة النهار