قال مسؤول العلاقات العربية في حركة حماس أسامة حمدان: "نحن بانتظار رد رسمي من فتح حول القضايا النهائية التي تم التوافق عليها في اللقاءات السابقة، لنبني على ذلك نتيجة للبدء في تطبيق المصالحة".
وبين في حديث خاص بـ"الرسالة"، من بيروت، أن هناك اتفاقًا أوليًا لعقد اجتماع قريب مع حركة فتح في الدوحة لاستكمال مباحثات المصالحة والتوصل إلى آليات لتطبيق ما تم التفاهم عليه في اللقاءات السابقة بين الحركتين.
وأوضح حمدان أن اللقاءات التي عقدت بين الطرفين جاءت بناء على طلب فلسطيني ووساطة قطرية، وجرى عقد اجتماعين الأول كان أقرب لمراجعات لما مضى من تفاهمات، والآخر جرى فيه توافق على مجموعة من القضايا الأساسية التي تم التفاهم على استكمال التباحث فيها في لقاء ثالث يكون قريبًا منه إلّا أنه تعطل.
وأضاف "صدرت عديد من الإشاعات حول احتجاج من قيادة فتح لما تم التوصل إليه في اللقاءات السابقة، واعتبر البعض أن عزام الأحمد مسؤول وفد فتح في المصالحة قد تجاوز التفويض الممنوح له وهو ما رفضته قيادات فتحاوية".
وأشار حمدان إلى أن حركته لم تتعامل مع هذه الإشاعات، ولم تعتبرها موقف فتح الرسمي، وواصلت اتصالاتها معها إلى أن جرى توافق مبدئي على تحديد موعد لقاء، لتحديد آليات عملية متفق عليها وبرامج تساهم في تنفيذ بنود المصالحة وما تم التوقيع عليه في اتفاق 2011م.
وأوضح أن اللقاء الثاني تم فيه الاتفاق على حل بعض الإشكاليات المتعلقة بتنفيذ بعض بنود الاتفاق المتمثلة بقضيتي الموظفين وتشكيل الحكومة، و"اتفق أن تعتمد هذه القضايا لتصبح نهائية ويبنى عليها إجراء عملي بعد التفاهم مع الأطر القيادية". وتابع حمدان "نحن بانتظار رد رسمي من فتح، لنبني على ذلك نتيجة للبدء في تطبيق المصالحة".
المبادرة السويسرية حملت حلولا لقضية الموظفين
وعن قضية الموظفين، بيّن أنه تم التوافق على ضرورة العدل بينهم ومن ثم توجد آليات لإعادة ترتيب أوضاعهم الوظيفية، من خلال لجان تم التوافق على تشكيلها وهي المخولة برفع تقارير للحكومة، لكننا بانتظار تأكيد حركة فتح بخصوص ذلك.
برنامج الحكومة
وحول ما يتعلق ببرنامج الحكومة السياسي، فأجاب حمدان "الأصل ألا يكون هناك خلاف على البرنامج السياسي للحكومة، ولكن أبو مازن يضع العصي في دواليب الحكومة من خلال تجاوز ما تم التوافق عليه في المصالحة".
ولفت إلى أنه تم التوافق في لقاء القاهرة، أن الحكومة التي تشكل لها ثلاثة مهام، الأولى أن تستكمل خطوات المصالحة والثانية الإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية، أما الأخيرة فهي مهمة اعمار غزة"، منبهًا إلى أنه تقرر تأجيل وضع برنامج للحكومة إلى ما بعد الانتخابات.
وأكدّ حمدان أن الحركة لا تمانع أن يكون هناك برنامج سياسي للحكومة، "لكن يجب أن يستند لوثيقة الوفاق الوطني التي وقعت عليها الفصائل والتي عرفت قبل ذلك باسم وثيقة الأسرى".
وبشأن إصرار فتح على برنامج المنظمة ليكون برنامجًا للحكومة، أجاب "هناك تباين واختلافات داخل فتح نفسها حول برنامج المنظمة، فمنهم من يعرفه على انه اتفاق أوسلو، وآخرون يقولون انه برنامج العودة والتحرير".
وأضاف القيادي في حماس "من يتكملون عن برنامج المنظمة لا يمكنهم أن يقدموا تعريفًا واضحًا ووحيدًا، لذلك فما اتفق عليه على الصعيد الوطني هو وثيقة الوفاق التي وقعت عام 2006، واتفقنا فيها على برنامج بصيغ محددة يمكن أن تكون قاعدة البرنامج السياسي لحكومة الوحدة إن تم الإصرار على وجوده".
تشكيل الحكومة
وبشأن تشكيل الحكومة، فحذر حمدان من أي تفرد في عملية تشكيلها، وقال "عندما يتحدث أبو مازن أن الحكومة حكومته، فهو يريد أن يشكلها من فريقه التابع له هو وليس من كل الفصائل بل وليس من كل حركة فتح؛ بل ممن ولاءه فقط لعباس".
وأكدّ أن حكومة الوحدة تعني أن تتفق كل الأطراف المشاركة على تشكيل الحكومة، مبيناً أنه "وضعت أفكار عملية لذلك، وننتظر ردًا فتحاويًا عليها"، وتابع "الصيغة التي يتحدث عنها عباس في الإعلام يعني أنها حكومة حزب عباس ولا تعني حكومة وحدة وطنية بحال من الأحوال".
لقاء قريبًا سيجمع بين وفدي حماس وفتح في الدوحة
ونبه إلى أن هناك تسلسل تم الاتفاق عليه في لقاءات القاهرة عام 2011م، بأن يتم إصدار مراسيم للدعوة لانعقاد المجلس التشريعي وتشكيل الحكومة وعقد لجنة منظمة التحرير، غير أن من أخل بهذا الأمر هو أبو مازن ولا يزال مصرًا على ذلك.
وأضاف أن هناك توافقا وطنيا على ضرورة أن يصدر عباس هذه المراسيم في نفس اليوم، بتواريخها المتفق عليها، ويتم انعقاد التشريعي بحسب ما اتفق على موعد دعوة انعقاده، مشيراً إلى أن الهدف من اللقاءات الحالية وضع آليات تسهل تنفيذ الاتفاقات السابقة، وليس وضع اتفاقات جديدة.
وشدد حمدان على أن حركته قدمت ولا تزال تنازلات كبيرة لتحقيق المصالحة، من بينها التنازل أن يكون رئيس الحكومة مستقلا، ولاحقًا وافقت أن يكون فتحاويًا وهو رامي الحمد الله. وتابع " قبلنا بأن يكون الحمد الله من فتح رئيسًا للحكومة، رغم أنه شخصية فاشلة في الأداء الإداري ولم ينجح في التعامل من خلال الحكومة مع كل الأطراف"، مشددًا على تمسك الحركة بمبدأ تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكدّ أن الحركة حريصة بأن تضغط لتحقيق المصالحة، رغم وجود أشخاص وأطراف من فتح لا يعنيهم تنفيذ المصالحة، لا سيما في ظل التصريحات التي صدرت من بعضهم، مشددًا على أن أي مصالحة تنتقص من حقوق الناس من شأنها أن تؤدي لتشكيل حالة غضب سرعان ما ستنفجر. وأضاف " حريصون على تحقيق مصالحة بشكل صحيح، كي لا نجد أنفسنا في المربع الأول من الخلافات"، مشيرا إلى أن الحركة تبذل جهدا لتسهيل تطبيق الاتفاق ولن تتوانى عن فعل أي شيء يؤدي إلى ذلك".
تشكيل الحكومة
وبشأن مشاركة حركته في الحكومة، قال: إن الفصائل التي وقعت على اتفاق القاهرة، ستقدم مرشحيها، وقد يحدث أثناء مباحثات التشكيل اعتراض على اسم بعينه، لكن لا يعني أن يستأثر فرد أو طرف بتسمية الحكومة بطريقته الخاصة، وأي فعل من هذا القبيل يعني أنها ليست حكومة وحدة".
وأضاف "عباس عليه أن يختار بين أن يشكل حكومة وفق المزاج الإسرائيلي أو حكومة وحدة وطنية، فالاحتلال ومن يرعى مصالحه لا يريدون توافقًا فلسطينيًا وأي حكومة تشكل بدون توافق وتشاور لا تعتبر حكومة وحدة".
حماس قدمت تنازلات كبيرة لإنجاح المصالحة ولن تتوانى عن بذل الجهد لتحقيقها
وأشار إلى أنه في حال اختار عباس تشكيل حكومة وفقًا لمعايير الاحتلال، فإن هذا شأنه الذي لا يمكن لحماس القبول به، وإن أرادها وطنية فيجب أن تشكل بالتشاور والاتفاق، وحينها سيجد من حماس كل عون لإنجاح تشكيل الحكومة".
المبادرة السويسرية
وكشف حمدان، عن المبادرة السويسرية، إذ أوضح بأن الأفكار تدور حول مؤتمر يجمع بين السياسة والاقتصاد، مبيناً أن الطرف السويسري عرض أفكاره على قيادة الحركة خلال لقاءات عديدة، وهي تتضمن محاولات لحل بعض الأزمات ومن بينها قضية الموظفين.
وشدد حمدان على أن الموظفين لهم حقوق وفي مقدمتها البقاء في وظائفهم في ظل حكومة وحدة وطنية، والاعتراف بهم وبحقهم في إدارة شؤون المؤسسات والوزارات، وفق ما نص عليه اتفاق القاهرة.
وأضاف أن "حماس أكدت على ضرورة رفع الحصار وحق الفلسطينيين في العيش، وأن يتوفر لهم حق التنقل والحياة بشكل طبيعي"، مبيناً أن سويسرا تفهمت موقف الحركة بشكل إيجابي ووعدتها بطرح مطالبها خلال المؤتمر، نافيًا في الوقت ذاته عرض سويسرا زيارة حماس لها أو المشاركة في المؤتمر" لأن ذلك ربما يؤدي إلى اعتذار أطراف عديدة عن الحضور كما ذكر السويسريون".
وأكدّ حمدان أن حماس معنية بتوضيح موقفها، وجميع الأطراف يدركون أن أي إجراء على الأرض لا يمكن أن يتم بدون موافقة الحركة، مشددًا على ضرورة أن تتحول القناعات الدولية إلى إجراءات على الأرض ترفع الحصار وليس شعارات منمقة.
ما بعد الرئيس
وعرّج حمدان على قضية الخلافات على موقع رئاسة السلطة بعد عباس، وقال إن الحركة تدرس قضية خلافة عباس لأن الأمر يهم الحركة وجميع القوى الفلسطينية، وينبغي أن يمر من خلال اطار وطني مؤسسي.
وأضاف" هذا الاستحقاق ينبغي أن يمر من خلال آليات وطنية هي معطلة الآن بقرار من عباس"، منبهًا إلى أن تمرير هذا الاستحقاق بدون آليات وطنية من شأنه أن يولد أزمة فلسطينية كبيرة.
ونوه إلى أن الكرة بشكل أساسي في ملعب كافة الأطراف الفلسطينية، "والمطلوب تفعيل المؤسسات الوطنية والمجلس الوطني والتشريعي"، مشيرا إلى أن الحديث عن مصالحات داخلية بفتح هو شأن داخلي في الحركة. ودعا فتح في حال قدمت مرشحها لرئاسة السلطة، بأن تقدم شخصية وطنية وليست ذات طابع خلافي.
وأما عن مشاركة حماس في الانتخابات الرئاسية، أكدّ أن الحركة لم تعلن موقفها بالمشاركة من عدمها، وعندما يتحدد الموعد فسيكون لها موقف حول ذلك.
الانتخابات البلدية
وتناول حمدان قضية الانتخابات البلدية، مؤكدًا أن ما تم التفاهم عليه في القاهرة عام 2011م، هو إجراء انتخابات رئاسية ومجلسي تشريعي ووطني في الداخل والخارج، ولم نتفق على إجراء انتخابات بلدية.
وقد قررت السلطة الفلسطينية إجراء انتخابات بلدية في نهاية أغسطس المقبل في الضفة والقطاع. ورأى أن رغبة السلطة في إجراء الانتخابات البلدية، تحمل دلالات سياسية من بينها "محاولة القول إن عباس يستطيع المضي في الانتخابات بدون شركائه في المصالحة وبمعزل عن الفصائل الفلسطينية الأخرى، ويمكنه أن يفعل ما يشاء"، محذرًا من أن هذه التجربة غير موفقة إذا ما أقدم عليها عباس.
وأضاف "الكل يعرف كيف سيدير عباس انتخاباته إن تمت بدون توافق، وذلك عبر أجهزته الأمنية والتنسيق الأمني، وستكون في النهاية من لون واحد، وليست عملية انتخابية حقيقية".
وأوضح أن هناك هدفا آخر لإجراء انتخابات البلدية، وهو "وأد الحديث عن انتخابات التشريعي، حيث بات الجميع على قناعة أن عباس من يتحمل مسؤولية تعطيل الانتخابات وتطبيق ملفات المصالحة". وشدد على أن التفرد في إجراء انتخابات بلدية، لا ينم عن شعور عباس بالوطنية ولا يعبر عن استعداده للمشاركة الوطنية.
وبيّن أن الحركة لم تصدر قرارها بشأن المشاركة في الانتخابات البلدية من عدمه، "لكننا نرفض من حيث المبدأ أي خطوة منفردة"، وقال: إن عباس لا يزال يتخذ خطوات ذات طابع أحادي من شأنها تعطيل المصالحة وإعاقة تنفيذها"، لافتًا إلى خطوته بتشكيل المحكمة الدستورية التي شكلت من أعضاء "لا يوجد مؤهل أساسي لعضويتهم سوى قربهم من محمود عباس وتبريرهم لطرقه غير القانونية".
المبادرة الفرنسية
وتطرق حمدان إلى المبادرة الفرنسية، مشيرا إلى أنها لن تؤدي إلى تحقيق المطالب الفلسطينية، وربما في حدها الأقصى "هي عملية شغل لفراغ الموقف الأمريكي نتيجة انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات". وقال إن البيئة الفلسطينية أصبحت تدور فيها العديد من المبادرات التي تتجاهل المطالب الفلسطينية واستعادة الفلسطينيين حقوقهم، ولا حتى الحد الأدنى الذي رسمته القرارات الدولية.
عباس عطل تطبيق المصالحة ويتخذ خطوات أحادية من شأنه أن يفشلها
البيئة السياسية تضج بعديد المبادرات لفرض حل إقليمي للقضية الفلسطينية
ورأى أن هدف هذه المبادرات إشغال للتغطية على الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، وفرض حل إقليمي للقضية استغلالاً للضعف العربي العام في المنطقة. وأكدّ أن حركة حماس متمسكة بموقفها المبدئي الثابت بالحفاظ على المبادئ الفلسطينية، ومضى يقول" لدينا قناعة أن هذه الأفكار لن تصل إلى نهاياتها، لأنها لا تعطي الشعب الفلسطيني حقه ولا تقوم أساسًا على قاعدة الحقوق الفلسطينية بل هي محاولة لخدمة الاحتلال فقط".