مقال: المصالحة في الذكرى التاسعة للانقسام

إبراهيم المدهون

14-6-2007  يوم تغيّر فيه وجه غزة بل والقضية الفلسطينية، واستطاعت حكومة حماس المنتخبة السيطرة على قطاع غزة بشكل كامل بما يسمى الحسم العسكري، فيما عرف بعد ذلك بالانقسام تسع سنوات من حكم حماس في غزة، جيل جديد ولد، وآخر نمى وشب ولا يعرف إلا حماس وحكمها وطريقتها، جيل لا يعرف الا المقاومة ودفع الثمن من حصار وحروب متتالية، توتر بالعلاقات مع النظم العربية، تحريض مصري، مقاطعة وخذلان عربي، شروط رباعية، ورغم كل ذلك حماس تزداد قوة وثبات، تسع سنوات خسرنا فيها وكسبنا، وتحتاج منا لإعادة تقييم حقيقي وواسع على المستويات المختلفة (المقاومة والثورة، الحكم والادارة، السياسة، والرؤية. والعدالة والنموذج... الخ) 

فبعد تسع سنوات أضحت المصالحة الفلسطينية ضرورة لدى جميع الأطراف الفلسطينية وهي لشعب أكثر، فالوطن والفصائل والسلطة والمنظمة كلها تعاني اليوم من مأزق لا يمكن الخروج منه إلا بالمصالحة الفلسطينية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وفق شراكة حقيقية لا إقصاء فيها أو استحواذ.

ولا شك بوجود توجُّه حقيقي لإبرام المصالحة رغم ما تمر به من تعقيدات وعراقيل مختلفة تحول بين نقلها من الحالة النظرية العامة إلى الحالة الواقعية، والاحتلال الإسرائيلي المعيق الأول وأكثر المستفيدين من الانقسام، ويعمل على تعزيزه ويمنع أي فرص لإعادة اللحمة الفلسطينية وتوحيد النظام السياسي، بل يبقي عليه لأنه يدرك بأنه بعودة اللحمة سيخسر كثيرا من الأوراق التي كسبها من خلال الانقسام.

ويمارس نتنياهو عملية ابتزاز ضد الرئيس عباس ليبعده عن المصالحة وذلك بشكل علني "عليك ان تختار السلام أو حماس" بالإضافة للاحتلال فالواقع الواقع الميداني على الأرض سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة يعيق تحقيق المصالحة، ومحاولة تجاوزه وإعادته الى ما كان عليه قبل الحسم سيبوء بالفشل، لهذا هناك من يفكر بطريقة مختلفة يريد أن يلغي عشر سنوات ويمسح آثارها بيوم، وهذا ما يستحيل واقعيا تنفيذه، فهناك تفاصيل عديدة الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث لدينا واقع مختلف عن الواقع الذي سبق حالة الانقسام، كما يلعب الواقع الدولي والإقليمي دورا سلبيا في المصالحة، فهناك قوى عربية ترفض المصالحة الفلسطينية، بل وتضع الفيتو على الاتفاقات أو تنفيذها، بالإضافة للموقف الأمريكي الرافض لتجاوز حماس التزامها بشروط الرباعية الاعتراف بإسرائيل ونبذ المقاومة والالتزام بالاتفاقيات.

للأسف استمرار الانقسام أضر بالقضية الفلسطينية فقد أعاق استكمال المشروع التحرري وشوه الحالة الفلسطينية، وقف الانقسام في وجه نمو المقاومة بشكل جيد في الضفة الغربية، ومنعنا من استثمار القوة الثورية النضالية المسلحة، والتوجهات السياسية، ولهذا فإن الحل والمطلوب تعجيل المصالحة ليتم إعادة ترتيب البيت الفلسطيني ولتتكامل جهود النضال العسكري مع النضال السياسي.

البث المباشر