قائد الطوفان قائد الطوفان

ضِعف قوانين التشريعي منذ عام 1996

142 قرارا بقانون أصدرها عباس خلال رئاسته

عباس
عباس

تحقيق: أحمد الكومي

بالتزامن مع التحضيرات الإقليمية لتعيين خليفة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يبدأ الأخير في ترتيب مغادرته مبنى المقاطعة برام الله، واضعا بذلك حدا لعشر سنوات في الحكم، كانت فارقة في مسار الحياة السياسية باعتبار أنها شهدت الانقسام الذي عرقل عمل المؤسسات الفلسطينية، وأهمها المجلس التشريعي، انطلاقاً من أن التشريع أحد أدوات صناعة السياسة العامة، وأن القوانين الصادرة عنه في العادة تنزع إلى الاستقرار الذي تصبو إليه كل مؤسسات الدولة، ومنها الرئاسة.

لكن الحاصل اليوم بعد مرور عشر سنوات على حُكم الرئيس، يجد أن المشهد التشريعي في الأراضي المحتلة أكثر تعقيداً مما كان عليه قبل ولاية عباس، بعدما ألبس أبو مازن نفسه ثوب السلطة التشريعية، تحت ذريعة تعطل المجلس عن القيام بمهامه منذ حزيران/يونيو 2007، فأصبح يصدر -إلى جانب المراسيم الرئاسية التي تأخذ عادة الطابع الإداري-قرارات بقوانين (قوانين مؤقتة تصدر في حالة الضرورة) مستندا إلى المادة (43) من القانون الأساسي، التي تجيز لرئيس السلطة الفلسطينية في حال عدم انعقاد المجلس التشريعي، وفي حالة وجود "ضرورة" لا تحتمل التأجيل، أن يصدر قرارات تحمل قوة القانون.

لكن ما هي "الضرورة" التي نقلت صلاحية التشريع إلى الرئيس من وجهة نظره؟ وكم قرارا بقانون أصدر خلال ولايته، وما طابعها؟ وهل كانت تهدف إلى ترتيب الحياة الدستورية أم تمكين سلطته أم تعزيز الانقسام؟ وما مصير هذه القرارات والتداعيات القانونية لها بعد مغادرة الرئيس؟ وهل للقانون عندنا سلطة على الرئيس، أم العكس؟

نشاط تشريعي

بالعودة إلى أعداد جريدة الوقائع الفلسطينية (الجريدة الرسمية التي ينشر فيها القوانين والأنظمة، واللوائح، والقرارات، والأوامر والمراسيم الرئاسية.. إلخ) المنشورة على موقع ديوان الفتوى والتشريع، التي أظهرت أن القرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس عباس منذ عام 2007 تجاوز عددها حتى نهاية العام الماضي 142 قرارا بقانون، أي بمعدل 14 قانونا في السنة، وهو عدد يزيد على القوانين التي أقرها التشريعي طوال فترة انعقاده منذ عام 1996 وحتى 2007.

في تلك الفترة، كان التشريعي قد أصدر 90 قانونا فقط طوال فترة عمله من العام 96 حتى "تعطيل" أعماله في أعقاب الانقسام 2007، منها حوالي 20 قانونا هي تعديلات لقوانين سبق أن أصدرها المجلس، وبالتالي، من الناحية الكمية وليس النوعية، فإن المجلس الأول أصدر حوالي 70 قانونا على مدار عشر سنوات من عمله، أي بمعدل 7 قوانين في السنة.

يستند عباس إلى المادة (43) من القانون الأساسي، التي تجيز له في حالة "الضرورة" وعدم انعقاد التشريعي، أن يصدر قرارات تحمل قوة القانون

في المقابل، فإن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس في قطاع غزة أصدرت قرابة 57 قانوناً، يسري العمل بها في قطاع غزة دون الضفة الغربية، على عكس قوانين الرئيس، ما يذهب بنا إلى قناعة بأن هذا النشاط التشريعي عمّق الانقسام، ولم يكن يسير وفق خطة واضحة.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994م إلى انتخاب المجلس التشريعي في كانون الثاني/يناير 1996، كانت السلطة التشريعية في تلك الفترة بيد ما كان يعرف بمجلس السلطة، الذي كان يضم حوالي 22 وزيراً، وفقا لاتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير وحكومة الاحتلال الإسرائيلي (أوسلو).

وكان هذا المجلس، الذي ترأسه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، يجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وكانت تعرض عليه التشريعات ويصادق عليها، ومن ثم يتم إصدارها من رئيس المجلس. وقد أصدر عرفات خلال هذه الفترة القليلة (أقل من سنة ونصف) 23 قانوناً، وهو عدد كبير نسبيا في ظل فترة زمنية قصيرة، إذا ما قارنّاه بعدد التشريعات التي صدرت بعد ذلك، وتحديدا حتى العام 2007، أي قبل أن يحطّم الرئيس عباس الرقم القياسي في إصدار التشريعات.

وقبل الإجابة عن بقية الأسئلة المطروحة في سياق البحث، لابد من الإشارة إلى أن "معدّ التحقيق" حاول مرارا الاتصال بديوان الرئاسة، وديوان الفتوى والتشريع في رام الله من أجل الحصول على أرقام لأعداد القرارات بقوانين والمراسيم الرئاسية التي أصدرها الرئيس عباس منذ توليه الرئاسة بتاريخ 9 يناير 2005، قبل أن يحصيها في أعداد جريدة الوقائع، إلا أن أحدا لم يرفع سماعة الهاتف، باستثناء رئيس ديوان الفتوى والتشريع كمال إبراهيم، الذي امتنع عن التصريح حين علم أن الذي تهاتفه هي "صحيفة الرسالة لسان حماس في البلد"، وفق تعبيره، قبل أن يبرر رفضه بقوله: "أنا ملتزم حركيا وتنظيميا"، فكانت هذه أول نتيجة توصّل لها التحقيق بأن الكسْر الذي أحدثه الانقسام، لا يُجبر.

تعطيل من صناعة الرئيس

إن الضرورة التي تنص عليها المادة (43) ويستند إليها الرئيس عباس في إصدار التشريعات، لا تأتي برأي نافذ المدهون أمين عام المجلس التشريعي، لحالة التعطيل اليوم "التي هي من صناعة أبو مازن"، إنما تكون في حالة الإجازة العادية للمجلس (ما بين أدوار انعقاده)، التي تعطي الرئيس صلاحية إصدار "تشريعات مؤقتة" إلى حين انعقاد التشريعي بعد الإجازة.

بينما اعتبر الدكتور عمار الدويك المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان-ديوان المظالم، أن حالة الضرورة التي اشترطتها المادة 43 من القانون الأساسي غير واضحة في الكثير من التشريعات، "والدليل أن بعض القرارات بقوانين صدرت دون أن تنفذ، ولو كانت هناك حالة ضرورة لتم تنفيذها فورا".

من تلك التشريعات التي رصدها "معد التحقيق"، قرار بقانون رقم (1) لسنة 2007م بشأن الانتخابات العامة الذي أصدره الرئيس عباس في الثاني من سبتمبر/أيلول من العام نفسه، ودعا إلى إجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية في فلسطين. لكن لم تجرِ هذه الانتخابات حتى اليوم، رغم مرور ثماني سنوات على القرار، الأمر الذي ينفي شرط الضرورة عن الحالة، باعتباره أهم الشروط الواردة في المادة (43) من القانون الأساسي.

قوانين صدرت دون أن تنفذ ولو كانت هناك ضرورة لتم تنفيذها فوراً، مثل قانون الانتخابات لسنة 2007

وهناك أيضا قرار بقانون رقم 15 لسنة 2009م بشأن إنشاء الهيئة الفلسطينية لتنظيم قطاع الاتصالات، لكن لم يتم إنشاء هذه الهيئة رغم مرور سبع سنوات على القرار.

وهنا، يعلق الدكتور أحمد الخالدي رئيس لجنة صياغة الدستور ووزير العدل الفلسطيني الأسبق، بأن ما جاء في القرار الرئاسي بإصدار قانون الانتخابات 2007، باطل بطلانا مطلقا يصل لدرجة العمل المادي المنعدم؛ "لأنه يمثل اغتصابا لوظيفة المجلس التشريعي".

وقال الخالدي، خلال اتصال هاتفي مع "الرسالة" أثناء عودته من رحلة عمل في الولايات المتحدة، إن القانون الأساسي حصر إمكانية تدخل الرئيس في مجال التشريع مؤقتا باتخاذ قرارات لمواجهة الضرورة، وليس تخويل نفسه الاختصاصي التشريعي بالكامل، مضيفا: "حتى هذا التفويض الدستوري لرئيس السلطة مقيّد، ويتم تحت رقابة المجلس التشريعي، وبالشروط الواردة في المادة (43) بأن يكون هناك حالة ضرورة لا تحتمل التأخير، وفي غير أدوار انعقاد التشريعي، وأن يكون ما يتخذه قرارات وليس قوانين ..إلخ".

وبشيء من الحنق، تساءل الخالدي: "ماذا يمنع عقد المجلس التشريعي، وأن تقوم البُنية التشريعية بأداء بدورها؟"، قبل أن يجيب: "لكنها مصالح خاصة وحزبية أدت إلى القيام بمثل هذه الأعمال، وأدت إلى الإشكاليات التي نعاني منها الآن من الناحية التشريعية وتطبيقها".

وذكر أنه يوجد عادة في القانون الإداري، ما يسمى نظرية الموظف الفعلي، التي تقول إنه إذا قام أي شخص (رئيس أو غيره) بتصريف أمور للمصلحة العامة، فإنه يُعترف بالعمل إذا ترتب عليه آثار قانونية في المجتمع، لكن الشخص لا يكسب الصفة الشرعية.

وأكد أن القانون الإداري عادة ما يعترف بالآثار التي تترتب على القرار، لكنه ليس قانونا ولا يعتبر مشروعا، ويفترض أن يتم إلغاؤه أو إقراره ليصبح تشريعا، بمجرد انعقاد المجلس التشريعي.

المدهون، أمين عام التشريعي، أكد في حديث مع "الرسالة" على أهمية تصحيح مفهوم أن المجلس "ليس معطلاً، إنما جرى تعطيله من خلال رئاسة السلطة الفلسطينية"، "فهو يمارس أعماله ويعمل بالطاقة المتاحة، لكن هناك مقاطعة من الكتل البرلمانية التي لا تريد للمجلس أن يعمل، وتأتمر بأوامر الرئيس عباس، مثل كتلتي فتح والجبهة الشعبية اللتان تستفيدان من ميزانية منظمة التحرير"، وفق قوله.

ويشير إلى أن غياب هذه الكتل يعطّل الفصل في بعض القضايا "التي تحتاج أغلبية الثلثين"، مثل التعديل الدستوري، وتعديل النظام الداخلي، مضيفاً: "هذه تحتاج مقاعد الغائبين، وهذا ليس متوفراً، ولا يمكن أن تحقق حركة حماس الثلثين في كل الأحوال".

لكن غياب المجلس التشريعي، بتعبير الدكتور عمار الدويك المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أدى إلى سهولة إصدار القوانين دون أن يأخذ فترة طويلة في تداوله، "على اعتبار أن القانون وفق ما هو متعارف عليه في عمل التشريعي يمر بمناقشة عامة ثم قراءة أولى فثانية وممكن ثالثة".

واعتبر الدويك في حديثه مع "الرسالة" أن التشريعات التي صدرت بعد الانقسام مباشرة كانت ردّ فعل عليه، "مثل قانون الانتخابات 2007، وقانون الجمعيات، وقانون حظر القوة التنفيذية وميليشيات حركة حماس الخارجة على القانون"، وفق تعبير القانون.

ونبّه الدويك إلى أن جزءا من هذه القرارات بقوانين هي ليست في حقيقتها قوانين، مثل المصادقة على تشكيل حكومة، أو المصادقة على تعيين رئيس ديوان الرقابة، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، "فهي قرارات تخاطب أشخاصا، ولا تضع قواعد عامة ومجردة".

أداة هيمنة

ورغم أن القانون وفق ما هو متعارف عليه يتبنى موقف الضعيف بدلا من مصلحة القوي، إلا أن طبيعة القرارات بقوانين التي صدرت عن الرئيس تقود إلى نتيجة واحدة هي أن أبو مازن استخدم القانون باعتباره أداة من أدوات الهيمنة ولتركيز سلطته وكيانه في الضفة الغربية، وتعزيز بعض المصالح الاقتصادية، وضبط مجال الحريات العامة، ووظّفه في إطار المناكفة السياسية مع المجلس التشريعي.

فقد أظهرت دراسة صادرة عن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية (مواطن)، بعنوان "التشريع في زمن الانقسام" -تم إعدادها بدعم من سكرتاريا حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني حول القرارات بقوانين والتشريعات الصادرة منذ 2007-أن جزءا كبيرا من القوانين التي صدرت على مدار أكثر من 20 عاما من عمر السلطة الفلسطينية، تخلق امتيازات أكثر من اهتمامها بتأسيس حقوق"، والمقصود بالامتيازات هنا تلك التي تمنح لفئة محدودة جدا من المواطنين، وأن مثل هذه التشريعات يكون الالتزام بتطبيقها كبيرا.

وعلى العكس من ذلك، فإن التشريعات القليلة التي تمنح حقوقا لفئات عريضة من المواطنين، فإن الالتزام بتطبيقها يكون ضعيفا، وعادة ما يتم التذرع بالصعوبات المالية التي تواجه السلطة، وفق الدراسة.

"قوى اجتماعية وسياسية واقتصادية استفادت من غياب التشريعي ومررت قوانين لخدمة مصالحها"

وهنا، يقول مدير هيئة حقوق الإنسان، الدويك، إن قوى اجتماعية وسياسية واقتصادية استفادت من حالة غياب التشريعي، واستطاعت أن تمرر قوانين لخدمة مصالحها، فيما اعتبر أمين عام التشريعي، المدهون، أن غالبية قوانين الرئيس "هي استجابة لبعض المتنفذين وأصحاب الشركات، ورجال الأعمال في الضفة الغربية، وكلها مفصلة وفق رؤية أناس ومتنفذين في السلطة برام الله".

وأكد المدهون أنها خطوة اتجاه تعزيز الانقسام، وأن فيها نوعا من أنواع التغوّل من الرئاسة على المجلس التشريعي، ولا تخدم المصلحة العامة ولا الحالة الدستورية، وأن هذه القرارات تجاوز للصلاحيات، وإرباك للنظام القانوني وتدمير له من قبل الرئيس.

مصير قرارات الرئيس

ولأن القوانين السيئة تؤدي إلى قوانين أسوأ، والعكس كذلك، فإن مصير قوانين الرئيس والتداعيات القانونية لها كان محط دراسة العديد من النخب العلمية، على اعتبار أن القوانين التي صدرت من الرئيس أو التشريعي على السواء زادت التعقيد في المنظومة القانونية، ووضعتنا أمام طبقة جديدة من التشريعات.

حتى إن عددا من المنظمات والمؤسسات الأهلية الفلسطينية أطلقت (الائتلاف الأهلي للرقابة على التشريعات)؛ نظرا لما وصفته "إفراط السلطة التنفيذية في إصدار التشريعات بشكل منفرد".

وقبل الخوض في مصير قوانين الرئيس، فضّل الخالدي رئيس لجنة صياغة الدستور، أن ينبّه إلى مسألة مهمة وهي أنه لما كان رئيس السلطة هو من يملك دستورياً الدعوة إلى انتخابات رئاسية، فإنه بنهاية مدة ولاية الرئيس (4 سنوات) دون أن يدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية، يعد مركز الرئيس شاغراً، مع ما يستتبع ذلك من تداعيات قانونية بيّنها القانون الأساسي، بتحويل الاختصاص في اتخاذ الإجراء إلى جهة دستورية أخرى.

وعلّق ساخرا بأنه عندما يَذكر نص المادة (36) من القانون الأساسي المعدل سنة 2005 أن مدة ولاية الرئيس هي أربع سنوات، فإن ذلك يعني بشكل قاطع أن المدة تبدأ من تاريخ انتخابه وليس من تاريخ ميلاده أو من التاريخ الذي يحدده لاحقا حسب المصلحة الحزبية أو الشخصية.

وأكد الخالدي، وهو عميد كلية الحقوق بجامعة النجاح سابقا، أن أخطر التداعيات القانونية لاستمرار إصدار الرئيس عباس تشريعات بقوة القانون، تكريس الانفصال عمليا بين الضفة وغزة، قائلاً: إن حالة "الانغلاق القانوني" يتحمل مسؤوليتها الطرفان، معتبراً إياها حالة مثالية لكي يستغل الاحتلال الإسرائيلي الظرف؛ لاستكمال مخططاته في فرض واقع جديد لصالحه.

لكن أمين عام التشريعي، المدهون، كان له رأي مختلف حول مصير قرارات الرئيس، حين قال إن الأصل أن هذه القرارات منعدمة؛ "لأنها صدرت من شخص ليس له صفة بإصدارها، وبالتالي لا نتحدث عن أول جلسة لأن المجلس منعقد بالأساس، رغم مقاطعة بعض الكتل البرلمانية".

واقترح المدهون، ضمن خيارات الحلّ، تشكيل فريق فني قانوني فلسطيني من الضفة وغزة؛ لإعادة النظر في التشريعات؛ "من أجل أن نضع ما هو ضروري لخدمة المواطن الفلسطيني، في إطار وطني موحد وقوانين موحدة (...) نحن لا نريد أن نعمل بتشريعات الانقسام على الإطلاق، إنما نريد تشريعات تجسّد الوحدة"، وفق قوله.

أما الدويك، فوجّه دعوة إلى المجلس التشريعي بغزة "إلى التوقف عن إصدار التشريعات، وأن يعمل الرئيس في المقابل على ترشيد إصدار القوانين، وحصرها بحالة الضرورة كما هو منصوص في القانون الأساسي"، مطالبا في الوقت نفسه، بإنهاء الانقسام، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بأسرع وقت، وأن تعود مهمة إصدار التشريعات إلى صاحب الولاية الأصيل (البرلمان).

توصية بتشكيل فريق فني قانوني فلسطيني من الضفة وغزة؛ لإعادة النظر في التشريعات

وفي الأثناء، اعتبر جهاد حرب الباحث في قضايا الحكم والسياسة أن مصير هذه القرارات خاضع للاتفاق الفلسطيني الداخلي، أي ما يترتب على اتفاق القاهرة واتفاقية المصالحة الأخرى.

وقال حرب في حديث مع "الرسالة" إن القوانين تحتاج إلى اتفاق عليها من الكتل البرلمانية "أو على الأقل بين حركتي فتح وحماس"؛ للتعاطي مع ما أحدثته من وقائع وما ترتب عليها من إنشاء مؤسسات أو أحكام أو امتيازات لأشخاص.

وشدد على أن الانقسام هو الخلل الأكبر "الذي خلق ظروفا مواتية لجماعات المصالح"، وأن استمراره أدى إلى إيجاد ضرورات لإصدار قوانين هنا أو هناك (غزة والضفة).

وعلى ضوء ما تقدم فإن مهمة إصلاح المنظومة القانونية تبدو صعبة جدا، لكنها في الوقت نفسه ضرورية جدا، وإن أفضل ما يمكن أن يقوم به المعنيون بذلك، هي المهمة التي عمل عليها المجلس التشريعي الأول وهي "توحيد التشريعات من خلال قوانين موحّدة"، باستباق الدعوة إلى انعقاد المجلس التشريعي والتوقف عن تعطيله، وأن تنظر الكتل البرلمانية المقاطِعة لجلساته إلى المصلحة العامة، وأن يتذكر أعضاؤها أنهم يمثّلون الشعب في أهم سلطة في البلاد، إلا إذا كانوا يفضّلون أن يستمر توظيف القانون على أنه "وعاء لرغبة الحاكم أو بدلة يفصّلها على قياسه".

وليس أدل على ذلك من توجه الرئيس عباس أخيرا إلى تشكيل المحكمة الدستورية لتمرير قراراته وإقرارها، رغم أن المعمول به لدينا هو "قانون أساسي مؤقت" وليس قانونا دستوريا فلسطينيا"، ضاربا بعرض الحائط كل المطالبات الوطنية ودعوات المؤسسات الحقوقية الفلسطينية بالتراجع عن ذلك، لكن يبدو أن "ما يريده الرئيس يريده القانون".

55

البث المباشر