لا ينفك الاحتلال "الإسرائيلي" عن أسلوبه الانتقامي في التعامل مع الفلسطينيين، فالقمع والقتل والعقاب الجماعي نهج يتبعه قادة الاحتلال على مدار تاريخهم القصير على هذه الأرض المباركة بذريعة محاولة وقف تصعيد المواجهات.
حصار المدن الفلسطينية سياسة قديمة حديثة عادت سلطات الاحتلال لتنتهجها، ولم تكن المرة الأولى التي تحاصر فيها قرى ومدن الضفة المحتلة منذ اندلاع انتفاضة القدس مطلع أكتوبر الماضي، حيث تفرض قوات الاحتلال حصارها المتواصل على بلدة يطا قضاء الخليل لليوم التاسع على التوالي، بالتزامن مع شنّ حملة اعتقالات ودهم لمنازل الفلسطينيين.
حصار يطا وإغلاق مداخلها بالسواتر الترابية، ونصب الحواجز العسكرية على مداخل البلدة، بالإضافة إلى عرقلة حركة تنقّل الأهالي فيها، جاء بعد تنفيذ اثنين من أبنائها عملية إطلاق النار في (تل أبيب) الأسبوع الماضي، أدت لمقتل 4 "إسرائيليين" وإصابة 8 آخرين.
ويتجلى أسلوب الاحتلال العاجز بدافع الانتقام في حصاره للمدن الفلسطينية، كإجراء عقابي فاشل على خلفية تنفيذ أبناء تلك المدن عمليات "نوعية"، وفق ما يرى مراقبون.
يُشعل الانتفاضة
ويؤكد النائب في المجلس التشريعي باسم زعارير أن الاحتلال يحاول من خلال حصاره للمدن الفلسطينية، الضغط على المواطنين والتضييق عليهم ليضجروا من الانتفاضة ومن أجل تحريضهم عليها "لأنها جلبت لهم الويلات".
وأوضح زعارير في حديثه لـ"الرسالة" أن حكومة الاحتلال تحاول إرسال رسائل لجبهتها الداخلية أنها تعاقب جميع الفلسطينيين وتقوم بدورها في محاربة الانتفاضة، معتبراً ذلك "ظلما منظما وارهاب دولة لا تبرير له"، مؤكداً أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تصاعد الأحداث.
وأضاف " أسلوب الاحتلال غير مجد على الإطلاق ولن تنجح محاولته في وأد الانتفاضة، لأن مجمل عمليات الانتفاضة تتم بمبادرات فردية ولا يستطيع الاحتلال أو أي أحد غيره أن يمنعها".
وأشار النائب زعارير إلى أن السلطة الفلسطينية مطالبة بموقف واضح اتجاه استمرار حصار الاحتلال للمدن، وغيرها من الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى والإعدامات اليومية، وتغوله على الشعب الفلسطيني.
لن يجدي نفعاً
ويرى الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر أن حصار الاحتلال للمدن الفلسطينية ليس من أجل منع العمليات بقدر ما هو الانتقام من سكانها، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب لن يثني الفلسطينيين عن مواصلة انتفاضتهم.
وتوقع أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة" أن يكون حصار المدن شاحنا ومحفزا للشبان الفلسطينيين، للتفكير جديا في الانخراط بأعمال المقاومة والتصدي للاحتلال، معتبراً أن هذا الأسلوب قد يخرّج جيلا ينفذ عمليات إبداعية أكثر من عملية (تل أبيب) الأخيرة.
ويتفق المحلل السياسي سعيد مضية، مع سابقه أبو عامر، مبيناً أن الاحتلال يستغل حصار المدن من أجل أن ينفس عن أحقاده الدفينة اتجاه الفلسطينيين. وأوضح أن نهج الاحتلال بحصار المدن لن يجدي نفعاً، وهو يعبر عن سياسة الحقد العنصري لدى الحكومة "الاسرائيلية" المتطرفة.
وأخيراً فإن سياسة الاحتلال تلك تفضح عجزه وتبين حقده الدفين على الفلسطينيين، علاوة على أنها لن تخمد الانتفاضة بل ستزيد من اشتعالها.