أوصدت حركة فتح باب المصالحة الوطنية بإفشالها مباحثات الدوحة عبر انسحاب وفدها خلال جلسات الحوار وتراجعه عن بنود جرى التوافق عليها في جلسات سابقة، لاسيما قضايا المصالحة التي توافقت عليها القوى الفلسطينية خلال لقاءات القاهرة عام 2011م.
ونددت القوى والفصائل الفلسطينية بتنكر حركة فتح لبنود تطبيق المصالحة ومحاولتها القفز عما تم التوافق عليه، مؤكدة على حق موظفي غزة في الأمان الوظيفي، ومتمسكة بالإجماع الوطني على وثيقة الوفاق، مطالبة بذات الوقت بالانعقاد الفوري للإطار القيادي لـ"م.ت.ف" وإعادة تفعيل المجلس التشريعي.
حماس: فتح أفشلت لقاءات المصالحة وتراجعت عن الاتفاق
بدورها، اتهمت حركة حماس نظيرتها "فتح" بإفشال لقاءات المصالحة في الدوحة من خلال تراجعها عما تم الاتفاق عليه في لقاءات سابقة بالعاصمة القطرية.
وقال سامي أبو زهري المتحدث الرسمي باسم حماس في تصريح خصّ به "الرسالة نت"، إن وفد فتح لم يكمل اللقاءات، وانسحب خلال الجلسة الثانية.
وذكر أن فتح تراجعت عن حلّ ملف الموظفين، والتوافق حول إعادة تفعيل المجلس التشريعي، ورفضت القبول ببرنامج الإجماع الوطني المتمثل في وثيقة الوفاق، وأصرت على فرض برنامجها السياسي الخاص لتعمل به أي حكومة وحدة مقبلة.
وحمل أبو زهري قيادة فتح مسؤولية إفشال لقاءات الدوحة، مؤكدا "عدم وجود إرادة سياسية لدى فتح من أجل تحقيق المصالحة، وإصرارها على محاولة إقصاء حماس سياسيا، وفرض سياسة الأمر الواقع عليها"، وفق تعبيره.
وأكدّ أن حركته ستواصل دورها في حماية أبناء شعبها وتأدية رسالتها، مشيرا إلى أن الحركة أبدت تنازلات كبيرة خلال جولات المصالحة من أجل إنجاحها ولكن فتح لا تزال تتنكر لعملية الشراكة مع الحركة.
الجهاد: برنامج المنظمة غير وطني وحقوق الموظفين غير قابلة للمساومة
من جهته، جدد خضر حبيب القيادي في الجهاد الإسلامي، رفض حركته لأي برنامج سياسي ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني أو أن يكون مظلة سياسية لعمل أي حكومة وحدة وطنية.
ورفض حبيب في تصريح لـ "الرسالة نت"، أن يكون برنامج منظمة التحرير مرجعية سياسية للفلسطينيين؛ "لأنه تنازل عن 78% من أرض فلسطين، وانتقص من حقوق الشعب وثوابته".
وقال إن برنامج المنظمة غير وطني وقائم على التعامل مع الكيان والاعتراف به، وهذا لا يمكن أن يكون برنامجا وطنياً. وأضاف أن خطورة البرنامج تكمن في أن السلطة تعتبره تصورا للحل النهائي، "وبالتالي سيعتبر وثيقة دولية لا يمكن لنا كفلسطينيين أن نطالب بأكثر منها".
وأشار إلى أن غالبية الفصائل باستثناء حركته وقعت على اتفاق المصالحة عام 2011م، وايدت أن تكون الوثيقة هي البرنامج الوطني الفلسطيني، " لكننا سجلنا رفضنا التوقيع لأنه يجتزئ بعض حقوقنا". وأوضح أن فتح وبقية الفصائل وافقت على الوثيقة باعتبارها برنامجًا سياسيًا وطنيًا.
وفيما يتعلق بـقضية موظفي غزة فـأكدّ أنها قضية غير قابلة للمساومة، ولا يجوز تجاهلها، وقال حبيب، "الموظفون من حقهم أن يتقاضوا رواتبهم، وهذا التزام يجب أن تقوم به الحكومة، وتتحمل مسؤوليته كاملا، أسوة بالموظفين الآخرين".
وأوضح أن الموظفين الذين يقومون بعملهم على أكمل وجه، يجب أن يأخذوا حقوقهم كاملة بما يضمن أمنهم الوظيفي. وطالب بضرورة حلّ هذه القضية، "وأن يشعر الموظفون بأمنهم الوظيفي"، مشددا على أن "حل هذه الأزمة وغيرها من أزمات القطاع الضامن الوحيد لإنجاح أي مصالحة".
الشعبية: عباس مختطف للقرار السياسي ومعطل لملفات المصالحة
من جهته، أكدّ هاني ثوابتة عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، ضرورة التمسك بكافة ملفات المصالحة التي توافقت عليها الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها إعادة تفعيل الإطار القيادي المؤقت وانعقاد المجلس التشريعي، والتمسك بوثيقة الوفاق الوطني كبرنامج سياسي وطني، مشددًا في الوقت ذاته على حق موظفي القطاع في الحصول على الأمان الوظيفي وتقاضي رواتبهم.
وقال ثوابتة في تصريح خاص بـ"الرسالة نت"، إن رئيس السلطة محمود عباس هو المسؤول عن دعوة اجتماع الإطار القيادي، و"من الواضح أن هناك تعطيلا متعمدا منه، فهو لا يريد اجتماع القوى والفصائل للاتفاق على برنامج سياسي، ولديه مشروع خاص يتعلق بالتسوية والرهان على أمريكا".
وأضاف أن عباس مستمر في سياسة التفرد واختطاف القرار السياسي، و"يريد أن يجر القضية الفلسطينية إلى مربع الانهيار"، مشدداً على ضرورة عقد الإطار القيادي لـ"رسم استراتيجية فلسطينية جامعة، تضع حدًا لكافة الملفات والقضايا الوطنية العالقة وتفتح المجال لحوار وطني مفتوح بعيدًا عن الثنائية التي لن تفضي لنتائج ملموسة بقضية المصالحة"، موضحاً أن "انعقاده مسألة يماطل بها عباس".
وفيما يتعلق بحقوق موظفي غزة التي ترفض حركة فتح العمل على حل أزمتهم، فأكدّ أن هذه القضية "إنسانية وأخلاقية"، ويتطلب النظر إليها بعين المسؤولية، " ولا يجوز أن تتحمل عوائل 40 ألف موظف مسؤولية الانقسام".
وأوضح ثوابتة أنه تم الاتفاق في عام 2011م، على آليات لإعادة دمجهم عبر لجان قانونية متفق على تشكيلها، و"في النهاية الأمان الوظيفي حق لكل موظف منهم مثل باقي أبناء شعبهم، ومن حقهم تقاضي رواتب ثابتة".
أمّا فيما يتعلق بالمجلس التشريعي الذي تصر فتح على عدم انعقاده، فشدد ثوابتة على ضرورة انعقاده لـ"حلحة بعض القضايا الضرورية التي تتطلب معالجة فورية في الواقع الفلسطيني". وتابع "التشريعي جاء نتيجة خيار شعبي، ويمثل كل أبناء الشعب الفلسطيني".
وأكدّ أن رفض فتح انعقاد التشريعي، يأتي من باب "المناكفة السياسية"، منبهًا إلى أن السلطة لجأت لتشكيل المحكمة الدستورية من أجل قطع الطريق على انعقاد المجلس التشريعي، وليبقى ابو مازن متحكمًا ومنفرداً في سدة القرار السياسي.
ونوه إلى أن شرعية المجلس لا تزال قائمة، في ظل غياب تجديد الشرعيات وعدم إجراء انتخابات، و"عليه يجب انعقاده بمشاركة الأطر البرلمانية كافة".
الديمقراطية: الأمان الوظيفي حق لكل مواطن و"الوثيقة الوطنية" مجمع عليه
أمّا طلال أبو ظريفة القيادي في الجبهة الديمقراطية، فأكدّ أنّ الأمن الوظيفي حق كامل لموظفي القطاع، مشيرا إلى أنه تم التفاهم على تشكيل لجنة وطنية فنية وإدارية من خلال حكومة توافقية، للبحث في كل هذه القضايا.
وقال أبو ظريفة لـ"الرسالة نت"، من الواجب حل جميع قضايا موظفي غزة، بما في ذلك المقطوعة رواتبهم ومتفرغي 2005 وغيرهم ممن تجاهلت السلطة حل أزماتهم طيلة الفترة الماضية، ولا يجوز التنكر لحقوقهم.
وبيّن أبو ظريفة أنّ وثيقة الوفاق التي عرفت باسم "وثيقة الأسرى"، هي برنامج الإجماع الوطني لأي حكومة وحدة، موضحاً أن الفصائل أبلغت الجانب المصري خلال لقاءاتها الأخيرة معه، بأن الوثيقة تمثل إجماعاً وطنياً، وأنها البرنامج السياسي للحكومة وليس برنامج منظمة التحرير.
واعتبر اشتراط فتح لبرنامج المنظمة، جزءًا من المناكفات السياسية، التي يجب استبعادها خلال جلسات الحوار الفلسطيني، مشيراً إلى ضرورة أن يكون برنامج الحكومة هو الإطار الذي يعتبر قاسمًا مشتركًا بين الجميع؛ "وهو وثيقة الوفاق، كونها تشكل مرتكزاً أساسياً يمكن التحرك من خلاله". وبيّن أن انعقاد الإطار القيادي هو المدخل السليم لإنهاء القضايا العالقة في المصالحة.
وحول إصرار فتح على تعطيل المجلس التشريعي، رد ابو ظريفة، أنه " لا يمكن أن تبقى المؤسسات معطلة"، مضيفًا "دور وتفعيل المجلس التشريعي مهم جدًا"، مشدداً على التمسك بضرورة انعقاد حوار وطني شامل من أجل البحث في تنفيذ الاتفاقات السابقة، وليس البحث في اتفاقات جديدة.
القيادة العامة: تفرد عباس هو الذي يعطل المصالحة
من جانبه، قال لؤي القريوتي مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة في غزة، إن السلطة الفلسطينية تمارس ضغطًا على فصائل المقاومة لإجبارها على الرضوخ لبرنامج عباس السياسي، مؤكداً في حديث لـ"الرسالة نت"، أن عباس هو من يعطل تطبيق ملفات المصالحة، مشيرا إلى أن الفصائل أبلغت عباس إبان التوافق على تشكيل الاطار القيادي لمنظمة التحرير، بأنه المسؤول عن الدعوة لعقده وأي تأخير عن فعل ذلك سيكون هو من يتحمل المسؤولية.
وأضاف أن الفصائل توافقت على وثيقة الوفاق الوطني، كمنطلق لإصدار وثيقة سياسية، وهي تصلح كأرضية لأجل التوصل إلى توافقات وطنية. وحول قضية الموظفين، فقال إن رواتبهم حق مكتسب لا يجوز لأي جهة المساومة عليه، مشيرا إلى انه تم التوافق في لقاءات القاهرة، بأن كل من يعمل يجب أن يتقاضى راتبا والعكس، وعليه فان ذلك أمر لا خلاف عليه وطنيًا.