انتقدت القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين النائب خالدة جرار، تفرُّد قيادة السلطة الفلسطينية في القرار وعدم تطبيق قرارات وقف العلاقة الأمنية والسياسية مع الاحتلال، مؤكدة أن التنسيق الأمني لا يزال مستمرًا، مشددة على ضرورة تفعيل الإطار القيادي المؤقت وإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية.
وأشارت النائب جرار إلى عبثية الخيار السياسي الذي تصر عليه السلطة، "والتي لا محالة ستفضي نتيجتها إلى الفشل، خاصة في ظل استمرار سياسة التفرد لدى قيادتها".
يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت سراح النائب جرار مؤخراً بعد اعتقال لنحو عام، وبحسب تقارير إخبارية فإن اعتقالها تم بناء على إيعاز رسمي من السلطة، بفعل مواقفها المناهضة لتفرد عباس، وخشيته أن تتبوأ منصب عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة بديلا عن عبد الرحيم ملوح نائب الأمين العام السابق للجبهة.
وقالت جرار في حوار مع الرسالة "هناك تفرد في القرار، وعدم احترام للمؤسسات الفلسطينية وعدم تطبيق لما ينجم عنها من قرارات ملزمة"، موضحة أن عديد القرارات التي اتخذت لم يتم تنفيذها لعدم وجود إرادة للتعامل مع الحالة السياسية الراهنة ضمن مسار سياسي وميداني مختلف وغير متوائم مع تطلعات الفلسطينيين.
وأشارت إلى أن السلطة لا تزال تراهن على المفاوضات الثنائية بشكل مباشر، "لذلك هي ترفض أي قرار يؤخذ القضية اتجاه مسار بديل عنها".
وجددت جرار تأكيدها على ضرورة انعقاد الإطار القيادي المؤقت كأساس لمدخل المصالحة وإعادة ترتيب الحالة الفلسطينية، وقالت: "إن مفتاح دعوته لدى رئيس السلطة محمود عباس وهناك تعطيل متعمد في الدعوة لانعقاده".
وأوضحت أن الحالة الفلسطينية تستوجب إعادة ترتيب منظمة التحرير من خلال الدعوة لانعقاد الإطار القيادي والدعوة لانتخابات مجلس وطني فلسطيني، وإجراء مراجعة سياسية شاملة وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة.
وانتقد جرار مسألة الثنائية في الحوارات الفلسطينية بين فتح وحماس، وقالت إن القضية بحاجة إلى مشاركة جميع القوى، لإنهاء عملية الانقسام.
يذكر أن حركة فتح قد اشترطت عدم مشاركة الفصائل الأخرى في لقاءات المصالحة، وأرجأت عملية انعقادها لعدة أشهر بسبب إصرار حماس على مشاركتهم.
وحول البرنامج السياسي الفلسطيني، قالت إن برنامج المنظمة الأساسي كان يمثل اجماعًا وطنيًا، قبل أن يتم تعديله عام 1998 واعترافه لاحقًا بإسرائيل.
وقالت جرار إن هناك توافقًا وطنيًا حصل بعد ذلك على وثيقة الوفاق الوطني، يتحدث عن دولة كاملة السيادة وحق العودة، مؤكدة ضرورة الالتزام به، مشيرة إلى أن ترتيب البيت الفلسطيني يتطلب التوافق على برنامج الإجماع الوطني وليس أقل منه.
ويصر رئيس السلطة محمود عباس اعتماد برنامجه السياسي كمرجعية لعمل حكومة الوحدة الوطنية، الأمر الذي ترفضه معظم قوى العمل الوطني والإسلامي.
وفي غضون ذلك، انتقدت جرار قرار رئيس السلطة تشكيل المحكمة الدستورية، وقالت إن المرسوم الصادر بإعلان تشكيلها غير قانوني. وأضافت أن هناك عملية تساهل في إصدار القرارات والمراسيم التي تخص القضايا الجوهرية للشعب الفلسطيني، وثمة انتقاد لتوقيت وآلية تشكيلها"، مؤكدة أن القرارات تصدر بدون استشاره أو إتباع المقتضى القانوني.
ودعت إلى العمل على إعادة تفعيل المؤسسات الفلسطينية لإدارة مرحلة ما بعد الرئيس عباس، بعيدًا عن حصر الوضع الفلسطيني في يد شخص بعينه.
وفي سياق ذي صلة، عرجت جرار على طبيعة المبادرات السياسية الدولية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، ورأت أن الهدف منها قطع الطريق عن أي جهد سياسي حقيقي يعمل على إنهاء الاحتلال، مشيرة إلى أن جميع ما يطرح من أفكار سياسية تهدف إلى إنشاء دولة منقوصة السيادة والانتقاص من بعض قرارات الشرعية الدولية.
أكدت جرار أن ما يطرح سياسيًا في الفترة الحالية يمثل إدارة للصراع وليس إنهاءه، "لأن حسم الصراع لا يمكن أن يتم في ظل انتقاص الحقوق الفلسطينية"، معتبرة أن المبادرة الفرنسية تكرار لـمؤتمر مدريد وأنابوليس وخارطة الطريق وغيرها من المبادرات التي فشلت في انهاء الاحتلال، منبهة إلى أن طرح المبادرات يأتي في ظل غياب لإرادة السلطة بالتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لمعاقبة الاحتلال.
وعن قضية الأسرى، أكدّت جرار أن الأسرى يعيشون في ظل أوضاع إنسانية قاسية، ويواجهون عديد التحديات التي تتمثل في بقائهم داخل الأسر، منبهة إلى أن الأسرى يعيشون في حالة غضب شديد تجاه الحالة الفلسطينية "لعدم الأخذ برأيهم وتجاهله، ولم يجر الالتزام بوثيقة الأسرى بالمعنى الحقيقي وإدارة السلطة الظهر لهم".
وأشارت إلى أن هناك ازديادا في عدد الأسيرات الذي بلغ 61 أسيرة بينهن 25 طفلة، فيما تواجه 14 منهن أحكاما عالية، موضحة أن الأسرى يواجهون تحدييْن، الأول يتمثّل في بقائهم داخل الأسر، والثاني انتهاك حريتهم، وخاصة لذوي الأحكام الطويلة، والنساء والأطفال، مضيفة أن "الأسرى يعانون من التزاحم الشديد داخل الغرف، والتقصير الطبي، وإجراءات نقل الأسرى من السجون إلى المحاكم." وتابعت أن "الأسرى ينظرون إلى الحرية، ويترقبون أي جهد يؤدي لتحريرهم وعدم اعتقالهم مرة أخرى"
وبخصوص قضية تورط السلطة في اغتيال المناضل عمر النايف، فجددت جرار تأكيدها ضرورة محاسبة المتورطين في اغتياله، وقالت إن لجنة التحقيق التي شكلتها الخارجية لم تكن محايدة لأنها متهمة أصلا في عملية الاغتيال. وقالت إن خارجية السلطة وسفارتها في الخارج تتحمل جزءا من المسؤولية ويجب أن تحاسب على الخلل الذي حصل هناك.
وأضافت جرار، أنه "من الضروري أن يتم اتخاذ خطوات جدية بحق كل من تخاذل وتواطأ في قضية النايف، ولا بد من إجراء محاسبات جدية، ونحن لا نعفي السفير ولا السفارة ولا وزارة الخارجية ولا السلطة الفلسطينية من التخاذل في قضية النايف".