الاعتكاف لغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه، أما المقصود بالاعتكاف في اصطلاح الشرع هو: "المكث في المسجد بنية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى".
حِكمته وحُكمه
الحكمة من تشريع الاعتكاف أمور كثيرة يلخصها أنه، شـُرع للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالتفرغ لعبادته وذكره وتسبيحه واستغفاره وقراءة القرآن، وبالانقطاع عن الناس والتخفف من الشواغل لأجل ذلك التقرب تزكية للنفس وتنقية للقلب.
أما حُكم الاعتكاف فهو "سنة" بإجماع أهل العلم، ويرى بعض المذاهب الفقهية أنه "سنة مؤكدة" في العشر الأواخر من رمضان. لكن يجب الاعتكاف إذا كان منذورا.
والدليل على سنيته قول الله تعالى: "وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ" (سورة البقرة، الآية: 187)، وقوله: "أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ"(سورة البقرة، 125).
وقد اعتكف الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في أحاديث صحيحة بعضها رواه البخاري ومسلم، ومن بعده اعتكفت زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وبعض أصحابه رضي الله عنهم.
واتفق جمهور العلماء على أن الاعتكاف يُسنّ في كل وقت في رمضان أو غيره، وأفضله في رمضان وآكده ما كان في العشر الأواخر منه، ولا حد لأقله من حيث مدته عند بعض العلماء، ويرى آخرون أن أقله يوم أو يوم وليلة (24 ساعة).
ويُستحب للمعتكف الاشتغال بما يتقرب به إلى الله تعالى كالصلاة والاستغفار والذكر وقراءة القرآن والتسبيح، وتعليم القرآن الكريم والحديث النبوي وتدريس العلم، وكذلك اجتناب ما لا يعنيه من كل قول أو فعل يشغله عن اعتكافه.
شروطه ومبطلاته
يصح الاعتكاف من كل إنسان مسلم عاقل بالغ أو مميز سواء أكان ذكرًا أو أنثى، ويجب أن يكون المعتكف طاهرًا من الحدث الأكبر (الجنابة)، وأن يكون الاعتكاف في مسجد تقام فيه الصلاة، وأفضله ما كان في المساجد الثلاثة المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس.
ويصح الاعتكاف من غير صوم عند أكثر العلماء لأنه مستحب عندهم لا واجب؛ والأوْلى بالمعتكف أن يصوم أو يعتكف في وقت الصيام، ويجوز للمعتكف التنظف والتعطر والتزين في الملبس والمظهر.
ويبطل الاعتكاف بحصول أحد الأمور التالية:
1-الجماع إذا كان مرتكبه عامدًا عالماً ذاكرًا لقول الله تعالى: "وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ" (سورة البقرة، الآية: 187).
2-الخروج من المسجد، ولا يبطله الخروج لقضاء حاجة دورة المياه، أو للوضوء والاغتسال الواجب، أو للأكل والشرب إن لم يستطع إحضاره إلا بالخروج، أو لعلاج من مرض شديد.
3-الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة عند أكثر العلماء.
الجزيرة نت