ختام مسك لشهر رمضان الفضيل، يحتفل فيه المسلمون ويزور بعضهم بعضا وينهون خصوماتهم، ولا ينسون فيه فقراءهم من زكاة الفطر التي فرضها الله عليهم. يستحب بعده صيام ستة أيام من شوال، جبرا لما قد يكون في صيام رمضان من نقص، واستزادة من الخير والبركات.
سمّي العيد عيدا لعوده وتكرره، وقيل لأنه يعود كل عام بفرح مجدد، وقيل تفاؤلا بعوده على من أدركه.
صلاة العيد
يرى جل العلماء أن صلاة العيد سنة مؤكدة، ويقول آخرون إنها فرض كفاية، فيما ذهب الحنفية إلى أنها واجبة على كل مكلف من الذكور.
ويبدأ وقتها بعيد شروق الشمس بنحو 15 دقيقة، ويستمر إلى الزوال. وتؤدى صلاة العيد من غير أذان ولا إقامة.
ويكبر الإمام والمأموم في الركعة الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية يكبر عقب القيام خمس تكبيرات غير تكبيرة الرفع من السجود. ويبادر الإمام إلى إلقاء خطبتين يجلس بينهما.
سنن مستحبة
إلى جانب التوسعة على الأسرة، وإبراز مظاهر الفرح والاحتفال في حدود ضوابط الشرع، يستحب التكبير من غروب شمس آخر يوم من رمضان وحتى خروج الإمام للصلاة لقوله تعالى "وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة: 185).
كما يشرع الاغتسال قبل الذهاب إلى المصلى، والتزين في اللباس، وذلك إلى جانب الأكل قبل الخروج إلى المصلى لما رواه البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم "كان لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا".
ويستحب للمسلم مخالفة الطريق في الذهاب والإياب إلى المسجد، فيرجع من المسجد من غير الطريق الذي سلكه إليه.
زكاة الفطر
فرضت زكاة الفطر في السنة الثانية للهجرة وهي السنة التي فرض فيها صيام شهر رمضان، وعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم طهارة للصائم من اللغو والرفث، وقال علماء إنها بمثابة جبر لنقصان الصوم كما يجبر سجود السهو نقصان الصلاة. وتقدم الزكاة لمن يستحقها من الفقراء ليستغنوا بها عن السؤال في العيد.
وتجب الزكاة على كل مسلم قادر عليها مع غروب شمس ليلة عيد الفطر، ويفضل إخراجها صبيحة العيد، غير أن العلماء يقولون إنه يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.
ويتفق علماء المسلمين على أن الزكاة تخرج من غالب قوت البلد كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصدرت فتاوى عديدة بجواز تقديم ما يعادلها نقدا لكونه أنفع للفقراء في هذا العصر.
فرحة
يستغل المسلمون مناسبة العيد لإحياء صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب، وتجديد العلاقات بين المعارف والأصدقاء. كما يعد فرصة مناسبة لإصلاح ذات البين بين المتخاصمين.
وفي العيد، يسارع الأطفال إلى ارتداء أزهى ملابسهم، والحصول على عيدياتهم وارتياد أماكن الترفيه.
فيوم العيد يوم فرحة، وقد ورد عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال "ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر"، أخرجه أحمد بسند صحيح.
وتختلف مظاهر الاحتفال من بلد لآخر، وتتنوع العادات والتقاليد المرتبطة بهذه المناسبة من حيث اللباس والطعام وغيره.
صوم العيد
صوم العيد محرم بالإجماع، فيوم العيد يوم فرحة وأكل وشرب.
صيام الست من شوال
ثبتت فضائل صيام ستة أيام من شوال في أحاديث كثيرة، منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
وذكر العلماء أنه إلى جانب أجر الصوم، فالحرص على إتباع رمضان بستة أيام هدفه سد ما حدث من نقص في الشهر الفضيل، حيث إن الفرائض تجبر وتكمل بالنوافل يوم الحساب، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن ذلك تعبير عن شكر لله تعالى على توفيقه للعبد لصيام رمضان وقيامه، وتجديدا وتأكيدا على طلب المغفرة والعتق من النار، حيث إن الإسلام يحث على ضمان الاستمرارية في فعل الخيرات وعدم انقطاع ذلك بانقطاع رمضان.
ويتفق العلماء على أن صيام الأيام الستة ليس له وقت محدد في شهر شوال، بل يختار الإنسان الوقت الذي يناسبه للقيام بذلك، وإن كان من الأفضل صومها مباشرة بعد العيد وبشكل متتابع لانسجام ذلك مع دعوة الإسلام دائما للمسارعة إلى فعل الخيرات.