مع إطلالة كل عيد، يتهافت المواطنون كالعادة إلى الأسواق لشراء الملابس الجديدة وحاجيات العيد من حلوى وخلافه، بيد أن الشاب محمد مقداد 20 عاماً- على خلاف العامة يسارع إلى نصب "الأرجوحة الدوَّارة" كونه عاطل عن العمل ويبحث عن فرصة !
ويعد عيد الفطر بأيامه الثلاثة من أبرز فرص الأعمال – المؤقتة- لعديد المواطنين خاصة في مناطق المخيمات والاماكن الشعبية.
وتجد الكثير –أشباه مقداد- يتجهون نحو شراء أو استئجار الأراجيح، وآخرون يتجهون نحو تأجير سياراتهم أو دراجاتهم النارية، وتتعدد الوسائل والهدف واحد "كسب المال".
يركِّز مقداد على استقطاب الأطفال لركوب الأرجوحة الدوَّارة، والسعر رمزي جداً (عشرة دقائق دوران في الهواء مقابل نصف شيكل فقط).
ولا يمل الشاب من ذلك، ويتواصل طيلة أيام العيد دون كلل، فهي فرصة عمل مؤقتة تمتد لأيام قلائل تتكرر في العام مرتين فقط (الفطر والأضحى).
وتبقى الأرجوحة في قطاع غزة تمثل اللعبة التي تأبى الاندثار, رغم الانتشار المتسارع لمدن الملاهي والألعاب الحديثة.
أما صاحب الأرجوحة المجاورة –دوَّارة هي الأخرى- فهو أب لطفلين، ويدعى "خالد شبير"، عاطل عن العمل ولا يقنع البتة بمبدأ "الجلوس في البيت دون دخل شهري" وإن كان رمزياً بعض الشيء.
وقد استشهد اثنين من ابناء خالد خلال العدوان الماضي، أثناء لعبهم على ارجوحة في مخيم الشاطئ، أوقعت ثمانية شهداء من الاطفال.
ويستذكر خالد أطفاله الاثنين أثناء لعبهم على الارجوحة قبل أن تباغتهم صواريخ الاحتلال وتحيلهم إلى اشلاء متناثرة، فقد عهد على نفسه أن ينصب أرجوحة أخرى من أجل اتاحة الفرصة للاطفال باللعب ومنها يوفر شيئًا بسيطًا له ولعائلته.
أمّا سعد حمامي فيدفع يديه الأرجوحة كي تزداد سرعة، ويتعالى معها صراخ الأطفال الذين يستقلونها؛ فرحاً وما أروعها من لحظات لدى صغار السن.
السعادة الغامرة التي ترتسم على ملامح حمامي وهو يحصي ماله، مردها أن ما يجمعه من أموال في الايام الثلاثة تكفيه لشهرين تقريبًا.
وأوضح أنه يعمل خلال الأيام الثلاث للعيد وأحياناً تمتد لأربعة, مشيراً إلى أنه يحصل خلال فترة العيد على قرابة 1200 شيكل. طبقاً لحديثه.
ولفت إلى أن قلة الاموال وضيق العيش يدفع بكثير من الاطفال للعزف عن اللعب لفترات طويلة على المراجيح.
ويقول مازحاً: "أتمنى أن تكون كل السنة عيد حتى أعمل باستمرار".
وتتسع أرجوحة خالد لقرابة 16 شخصاً يكاد عددهم لا ينقطع، ففوج يخرج وآخر يدخل اللعبة.
وترتسم على وجوه الأطفال الذين لبسوا ثيابهم الجديدة سعادة بالغة وهم يلهون ويتنقلون بين الألعاب التي انتشر أصحابها طلبا للرزق في هذه الأيام المعدودة.
ويبقى العيد جالبا للسعادة للمسلمين صغارهم وكبارهم, فالصغار يسعدون بالثياب الجديدة والعيدية التي يحصلون عليها, والكبار يفرحون بفرحة أطفالهم.
لكن ما أن تنقضي ساعات العيد يلملم أحمد وخالد آلاتهم بانتظار عيد قادم, محاولين إلى ذلك الوقت البحث عن فرصة أخرى يعملون بها في ظل بطالة مستشرية ووضع اقتصادي متردي.
وتدفع البطالة في قطاع غزة المئات من الشباب الفلسطينيين إلى العمل بأي مجال خلال أيام الأعياد لطلب الرزق.