تجلس والدة المختطف في مصر عبد الدايم أبو لبدة على زاوية مطلة على غرفة فلذة كبدها، وتمسك بيدها قطعة من ملابسه تستنشق رائحتها كل لحظة، وعلى يمينها صورته التي تحمل ابتسامته، لعله يخفف بعضا من وجع القلب الذي أصابها منذ أن أعلن عن اختفاء ابنها.
بدموعها الحرى، استقبلت والدة عبد الدايم أبو لبدة العيد وقلبها يكاد يحترق، وهي تتذكره في كل لحظةٍ، وتبكيه ليست لأنها عمته فحسب، بل لأنها أمه التي لم تلده، حيث توفيت أمه وهو في الرابعة من عمره.
كهذا بدأت أم عبد الدايم ساعاتها الأولى في عيد الفطر السعيد، قائلةً: "كان عبد بعد صلاة العيد يأتي ونبدأ بتجهيز الفطور سوياً لكن بات عيدي أسوداً بغيابه".
وأضافت: "لم أتمالك نفسي لأن هذا العيد مختلف بغياب عبد، أعيدوا فلذة كبدي"، هذه الكلمات خرجت من فؤاد ممزق بألم الفراق.
وبعباراتها التي لم تجف منذ يوم اختطافه إلى هذا اليوم، طالبت والدة كل من له ضمير حي وكل مسلم وعربي بالعمل الجاد والسريع للإفراج عن ابنها ، وقالت: "حرام عليهم يحطموا مستقبل وطموح شاب حنون وخلوق".
واعتدت مجموعة من المسلحين على إحدى حافلات ترحيل الفلسطينيين إلى مطار القاهرة على بعد ما يقارب 300 متر فقط من بوابة معبر رفح البري، واختطفت 4 فلسطينيين، واقتادتهم إلى جهة مجهولة.
أما عائلة عبد الله أبو الجبين فطلّ عليهم العيد هذا العام مرتديًا وشاح الحزن والأسى، مشرعًا سيفه في وجههم ومكشرًا عن أنيابه بما حملة من فاجعة اختطاف ابنهم.
وقال عبد الرحمن أبو الجبين شقيق المختطف عبد الله: "لم أتخيل أن يفارقني أخي في العيد .. كنت فرحاً كثيرًا بأن أخي سيحقق شيئاً من أحلامه لكن قلبي يتفطر وجعا وألما على غيابه منذ أكثر من شهر".
وأضاف: "العيد هذا العام كان باهتاً ساكنًا وبرائحة الرّماد لفقدان أخي، فأحاول أن أعتاد فيها على غياب عبدالله فتصفعني ذكرياته بقوة لا أقدر على تحمل، كل شيء يفتقدك يا أخي حتى سريرك أصبح بائساً وجدران الغرفة أرهقتها دموع الغياب".
وحبس عبد الرحمن أنفاسه واكتفى بقول: "حسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم، وكل من له يد في اختطاف أخي والشبان الآخرين".
في حين قالت والدة المختطف ياسر زنون والتي لا تعد أفضل حالاً من سابقيها: "ابني غادر قطاع غزة ليُكمل تعليمه في تركيا، وطالما كان يحلم بإكمال دراسته منذ صغر سنه، وكان يستعد لذلك اليوم الذي يسمح له بالسفر لتحقيق حلم طفولته".
وأضافت والدة زنون: "آخر الكلمات التي سمعتها منه عندما كان متواجد داخل الصالة المصرية لمعبر رفح البري، فاتصل بي ليخبرني أنه جرى ختم جوازه من المصريين وسُمِح له بدخول الأراضي المصرية، بعدها انقطع الاتصال بيننا وعلمت بالحادثة التي لم أتخيلها حتى اللحظة".
وبنبرة صوت خانقة بسبب بكائها المستمر على فقدان ابنها وعدم معرفتها أي معلومة عنه قالت: "لا نعلم من الجهة التي خطفت أبنائنا بسيناء داخل الأراضي المصرية، لكننا نحمل السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن اختطافهم لأن الحادثة جرت داخل أراضيهم".
ويطالب أهالي الشبان المختطفين، ياسر فتحي زنون، وحسين خميس الزبدة، وعبد الله سعيد أبو الجبين، وعبد الدايم أبو لبدة، الجهات الأمنية المصرية بضرورة الكشف عن مصير أبنائهم في أسرع وقت؛ بعد الاختفاء القسري المستمر دون أي معلومات عنهم.
ويناشد العائلات، السلطات المصرية بضرورة إبلاغهم بأي معلومات عن أبنائهم أو الكشف عن مكان تواجدهم على الفور.
وأوضحت العائلات أن السلطات المصرية منحتهم تأشيرة دخول بشكل رسمي عبر منفذ رفح البري ليسافروا مرورا عبر أراضيهم، مضيفين: "بعد أن جرى تجهيز الباصات الموجودة تحت تأمين الجيش والأمن المصري، جرى اختطافهم من قبل عناصر مجهولة".
ويمر العيد على عائلات المختطفين دون فرحة، منتظرين معرف مصير أبنائهم والإفراج عنهم ليكون ذلك اليوم عيد بالنسبة لهم.