العيد يفتح دفتر أحزان عوائل شهداء الانتفاضة

العيد يفتح دفتر أحزان عوائل شهداء الانتفاضة
العيد يفتح دفتر أحزان عوائل شهداء الانتفاضة

الرسالة نت-محمود هنية

لم يرتدي عيد الفطر هذا العام لباسه الأبيض كما تمنى اهل القدس والضفة، إنما بياض لباسه كان كفنًا يحاكي أكفان الشهداء الذين تحتجز جثامينهم سلطات الاحتلال لأكثر من عشرة أشهر، وتصر على عدم تسليمهم.

جاء العيد متسللا هذه المرة في حواري وطرق القدس القديمة، يتوارى عن انظار عوائل الشهداء الذين يكتون بنيران الحسرة والألم على فراق ابناءهم ، والتي لا تزال تشعل قلوبهم لا سيما ذوي الشهداء المحتجزة جثامينهم.

وللمرة الثانية تبكي القدس أحد أعمدة فرحتها في كل عيد، والذي افتقدته في رمضان كمسحراتي ينثر الفرحة في عبق المدينة المقدسة، الشهيد بهاء عليان الذي لا يزال جثمانه محتجزًا عند الاحتلال.

ومع فراق بهاء، فقدت شوارع المدينة القديمة بريقها الذي اضفاه عليها الشهيد لسنوات طويلة، كان يعكف فيها واصحابه على تزيين اعمدتها ومنازلها، والعمل على نصب الاراجيح والالعاب لاطفالها، وفق ما يرويه والده.

المحامي محمد عليان والد الشهيد والذي تم اعتقاله عند الاحتلال عدة ايام قبل حلول العيد، فتح دفتر احزانه الذي يحتفظ  فيه بسجل من الذكريات الجميلة التي تحولت إلى أخرى مريرة ومؤلمة بعد فراق نجله.

كان العيد مناسبة جميلة تجمع عوائل البلدة القديمة بعد تأدية الصلاة في المسجد الأقصى، حيث يكون بهاء منهكًا مع زملاءه بعد عشرة ايام من الاعتكاف المغلق، يشرف فيها الشهيد على تلبية حاجات المعتكفين والعمل على تنظيم افطارهم وسحورهم.

عليان أنموذج واحد يحاكي في معاناته ومرارته مئات العوائل التي فقدت ابناءها خلال مسيرة انتفاضة القدس التي اندلعت في شهر اكتوبر الماضي.

ومن بينهم كان الشهيد أحمد فرحات من سكان مخيم الشاطئ في قطاع غزة، الذي آثر هو الآخر على نجدة أبناء شعبه في الضفة المحتلة، وقرر الانخراط في مواجهة فقد فيها روحه، بعد رحلة جهادية كان فيها أحد أبرز عناصر النخبة في كتائب القسام بمنطقته.

عائلة الشهيد لم يزرها عيد الفطر هذا العام، أمام أوجاع ذكريات الفقد  والرحيل لابنها البكر، الذي فارق الحياة تاركًا خلفه زوجة وطفلة وعدها بشراء ملابس جديدة في عيد الفطر، لكنها وصية لم تكتمل برحيله.

تقول والدة الشهيد والدموع في عينيها، إن العيد فقد بهجته برحيل الشخص المحبوب الذي كان يضفي جمالا غير عادي في العائلة، ويجعل لأجواءه طعمًا مختلفًا.

وتشير في حديثها لمراسلنا، أن نجلها كان يعد الطعام بصحبة زوجته وشقيقته، إذ كان يفضل الفسيخ وجبة افطار في عيد الفطر، ومن قبل كان يضع بصمته في كعك العيد كل عام دون هذا العام إذ لم يزر بيتها وقررت مقاطعته بعد رحيل نجلها.

لحظات من الدموع والحسرة في عيون زوجة وعدها أحمد أن يعود اليها سريعًا، كان على عجل حين طبع على وجنيتها قبلة الوداع، ولم تدري أنها اخر عهدها به قبل أن تعيدها مجددًا على جبينه بعد ساعات خرج فيها وعاد للمرة الاخيرة.

كانت دموعها هي اجابتها عن الشوق تجاه حبيبها الذي رحل ولم يشاركها عيدها كما وعدها، وترك لها طفلتها يتيمة مع فرحتها لا يشاركها المرح واللعب كما تمنى واراد قبل رحيله.

وبين غزة والقدس تقف الضفة لتحكي هي الأخرى مشاهد من الوجع والألم على فقدان أحبة العزاء في رحيلهم أن وصاياهم لا تزال حاضرة ومشاهد الخير لا تخطئ طريق الوصول الى بصماتهم.

البث المباشر