تحاول فصائل المقاومة في غزة وعلى رأسها كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس، تطوير قدراتها العسكرية بشكل متسارع منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع صيف عام 2014، استعدادًا لأي مواجهة مقبلة مع الاحتلال.
وانبرت كتائب القسام لتطوير أدواتها التي كان لها أثر كبير خلال المواجهة الأخيرة مع الاحتلال، وأولها سلاح البحرية "الكوماندوز" الذي يصنف على أنه من أسلحتها الإستراتيجية.
وتمر هذه الأيام الذكرى الثانية للحرب الإسرائيلية على غزة، حيث نفذت كتائب القسام في ثاني يوم للحرب عملية زيكيم البحرية من خلال تسلل أفراد الكوماندوز القسامي إلى القاعدة البحرية الإسرائيلية في عملية اعتبرت من أكثر العمليات العسكرية تعقيداً وخطورة خلال الحرب.
وتمكن مجاهدو وحدة الكوماندوز من اجتياز مسافةٍ طويلة من السباحة والغطس وقطع الحدود البحرية مع الاحتلال، وقاموا بالاشتباك مع جنود الاحتلال داخل موقع زيكيم.
وحاول جيش الاحتلال جاهداً التكتم على خسائره في هذه العملية، إلا أن الفيديو المسرب لها نسف رواية الاحتلال بفشل العملية، وأظهر شجاعة المجاهدين أثناء مهاجمتهم لجنود الاحتلال وآلياته، وملاحقة إحدى الآليات وتفجيرها من مسافة صفر، كما أظهر المجاهدون الأربعة أثناء انسحابهم بعد إتمام مهامهم بنجاح واستشهادهم بعد تعرضهم للقصف.
وبعد مرور عامين على عملية زيكيم والحرب على غزة، ظن جيش الاحتلال أنه استطاع تدمير قدرات القسام والمقاومة، إلا أن الكتائب استغلت فترة الهدوء لترميم هذه القوة لتصبح الخطر الحقيقي الذي يلاحق قادة الاحتلال.
العميد المتقاعد أمين حطيط من لبنان وهو خبير عسكري وإستراتيجي، قال إن سلاح البحرية القسامي، أداة إستراتيجية من أدوات الرعب الجديدة في تاريخ الصراع مع الاحتلال، ولعب دوراً كبيراً في إحداث توازن القوى.
وأضاف حطيط لـ "الرسالة نت" أن سلاح البحرية أصبح جزءاً لا يتجزأ من المنظومة العسكرية الخاصة بالمقاومة، التي برزت بشكل كبير في العدوان الأخير، حيث تسعى المقاومة إلى تطوير هذا السلاح بمختلف الوسائل لما له من فاعلية على الأرض في إحداث الرعب في صفوف الاحتلال.
وبين أن سلاح البحرية من العناصر الجديدة التي أدخلتها كتائب القسام خلال العدوان الأخير، فــكشفت خلالها عن هشاشة استخبارات الاحتلال، واخترقت الواقع الأمني، وأربكت جيش الاحتلال".
أما الخبير العسكري واصف عريقات، فقال إن سلاح البحر وفرق الكوماندوز نقلت المعركة إلى قلب "إسرائيل"، وهشّمت من خلاله منظومة السياج الأمني الحامي للمستوطنين، ونزع عناصر القوة من الاحتلال، وخلق تصدّعات في تركيبته الأمنية والعسكرية والاستخبارية.
وأوضح عريقات في حديث لـ"الرسالة نت" أن تطوير كتائب القسام لسلاح البحرية، يأتي لاستخدامه ضمن مجموعة من الأوراق لتوسيع دائرة المواجهة مع الاحتلال في أي حرب مقبلة، ما يدلل على امتلاكها زمام المبادرة والضغط على "إسرائيل".
وأشار إلى أن سلاح البحر يعد من أقوى الأسلحة التي تعتمد عليها الجهات المحاربة في تجاوز النظرية الأمنية، "لاسيما أنه يعتمد على قواعد عسكرية محصنة بريا وبحريا، ولذا فهو يتطلب قدرات عسكرية معقدة من ناحية الهجوم".
وبحسب العميد المتقاعد حطيطـ فإن القسام يسعى من ترميم القوة البحرية وتدريبها بشكل عالي المستوى، إلى تنفيذ عمليات في مناطق عسكرية إسرائيلية حساسة تصيب الاحتلال "بشلل" وتقلب موازين أي حرب على غزة.
أما عن الوحدات البحرية الدفاعية، فأشار إلى أن تطوير المقاومة لها يأتي في سياق الاستعداد لصد أي هجوم بحري على قطاع غزة، ومباغتة قوات الاحتلال، وإيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر وخطف الجنود من هذه الوحدة.
واستطاعت كتائب القسام خلال العامين تطوير سلاح البحرية "الكوماندوز"، حيث أشارت تقديرات أمنية إسرائيلية، إلى أن وحدة "الكوماندوز البحري"، أصبحت ذات قدرات أعلى من القدرات التي كانت عليها خلال العدوان الأخير، ووصفتهم بأنهم مدّربون أكثر.
وقال تقرير نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن التقديرات في الجيش تشير إلى أن وحدة الكوماندوز، تخطّط لاستهداف محطّة توليد الطاقة في مدينة عسقلان التي تزوّد جنوبيّ البلاد بالكهرباء، أو التسلل إلى الشاطئ ما بين عسقلان واسدود، واستهداف سفن تجارية تتجه نحو ميناء أسدود، واستهداف منشآت إسرائيلية.
ويبدو أنّ أكثر ما يُرعب الاحتلال، هو ليس الأنفاق الهجوميّة التي يحفرها القسام فقط، بل القوّة البحريّة التي شكّلتها الكتائب، وتقوم بتدريبهم بشكل مكثف، كما ذكرت المصادر الإسرائيلية لصحيفة "هآرتس" العبرية.
وفي خطوةٍ تعكس مستوى القلق الإسرائيلي من قدرات المقاومة الفلسطينية، أجرى سلاح البحرية التابع لجيش الاحتلال أخيرًا مناورة ضخمة للتدرّب على مواجهة عمليات تسلّل ينفذها القسام. وبحسب الصحيفة، المناورة حاكت هجومًا ينفذه عناصر من "الكوماندوز البحري" في كتائب القسام، على أحد حقول الغاز والسيطرة عليه، والهيمنة على المنظومة التقنية التي تتحكم في استخراج الغاز منه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ السيناريو الذي يثير الفزعَ لدى القيادة، يتمثل في تمكن عناصر الكوماندوز البحري من الوصول للحقل عبر قوارب صيد أو من خلال وسائل الغوص ومن ثم السيطرة عليه، وأسر كل العاملين في الحقل، والتعاطي معهم كرهائن.
وفي ظل حديث الاحتلال عن وحدات القسام البحرية، وتلقيها تدريبات عالية المستوى خلال فترة الهدوء، يبقى للقسام وقائدها العام محمد الضيف الكلمة الأخيرة في دك حصون الاحتلال داخل عمق البحر، والكشف عن مدى تعاظم هذا السلاح!.