لم تكن رحلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إسطنبول مساء الجمعة بمنأى عن تهديد الانقلابيين، فقد كان في مرمى نيران طائرتين مقاتلين وكان قريبا من مصير رسمه له المتمردون ضمن خططهم لتسيير انقلاب لم ينجح.
الرئيس التركي أكد عبر مكالمة مع إحدى القنوات التركية عقب بدء تحرك الانقلابيين، أنه عائد إلى إسطنبول من عطلة كان يقضيها قرب منتجع مرمريس الساحلي.
وأظهرت مواقع تتبع حركة الطائرات انطلاق طائرة من طراز "غلف ستريم" من النوع الذي تمتلكه الحكومة التركية من مطار دالامان الواقع على مسافة ساعة وربع بالسيارة من مرمريس نحو الساعة 22:40 بتوقيت غرينتش يوم الجمعة.
وظلت الطائرة تدور في مسار تحليق ثابت جنوب إسطنبول في الوقت الذي كان فيه مطار أتاتورك يشهد وجودا عسكريا مكثفا ويسمع في محيطه أزيز زخات من الرصاص.
وقال ضابط عسكري سابق مطلع على تطورات الأحداث لرويترز إن "طائرتين على الأقل من طراز أف 16 تحرشتا بطائرة أردوغان وهي في الجو في طريقها إلى إسطنبول"، وأكد أن الطائرتين ثبتتا رادارهما على طائرته وعلى طائرتين أخريين من طراز أف 16 كانتا تحرسانه.
غير أن الضابط لم يستطع تقديم تفسير لسبب عدم إطلاق الطائرتين نيرانهما، واعتبر أن ذلك يظل لغزا.
بدوره، أكد مسؤول تركي رفيع لرويترز أن طائرة أردوغان تعرضت لمضايقات أثناء طيرانها من المطار الذي يخدم مرمريس غير أنها تمكنت من الوصول بسلام إلى إسطنبول.
وقال مسؤول كبير آخر إن طائرة الرئاسة واجهت "متاعب في الجو"، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
ووفقا لأحد المسؤولين فإن أردوغان "أفلت من الموت بفارق دقائق"، وقالت قناة "سي أن أن ترك" إن نحو 25 جنديا هبطوا من طائرات هليكوبتر بحبال على فندق في مرمريس عقب مغادرة أردوغان فيما بدا أنه محاولة للقبض عليه.
وهي المعلومة التي أكدها الرئيس التركي خلال تدخله التلفزيوني حين أشار إلى أن المتمردين حاولوا الاعتداء عليه في مدينة مرمريس وقصفوا أماكن بعد أن غادرها بفترة قصيرة.
وبدا استهداف أردوغان أحد العناصر التي خطط الانقلابيون للقيام بها مع بداية تحركهم الذي شمل إغلاق جسرين في إسطنبول ونشر الدبابات في بعض المواقع الحساسة واستهداف مقر جهاز المخابرات والبرلمان في العاصمة أنقرة.
وشمل تحرك الانقلابيين تركيزا على النشاط الجوي منطلقين من قاعدة أكينجي الجوية الواقعة على مسافة خمسين كيلومترا تقريبا شمال غرب أنقرة، وقال ضابط سابق بالجيش إن 15 طيارا على الأقل شاركوا في المحاولة الانقلابية.
وخلال الفوضى التي سادت البلاد مساء الجمعة حلقت طائرات حربية أقلعت من قاعدة أكينجي على ارتفاعات منخفضة فوق إسطنبول وأنقرة مرارا فحطمت زجاج النوافذ وأفزعت المدنيين بدوي اختراقها حاجز الصوت.
وكشف مسؤول كبير أن مقاتلات أقلعت من قاعدة جوية أخرى في أسكي شهر غرب أنقرة لقصف قاعدة أكينجي ودحر الانقلابيين. غير أن طائرات الانقلابيين تمكنت من مواصلة التحليق خلال الليل من خلال إعادة التزود بالوقود في الجو بعد الاستيلاء على طائرة صهريج.
وأقلعت طائرة الوقود من قاعدة أنجرليك الجوية في جنوب تركيا التي يستخدمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لقصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وتم اعتقال قائد قاعدة أنجرليك أمس الأحد بتهمة التواطؤ.
ورجح أحد المسؤولين أن يكون التخطيط للمحاولة الانقلابية قد بدأ منذ فترة طويلة، وقال إن أكين أوزترك قائد سلاح الجو حتى عام 2015 وأحد أعضاء المجلس العسكري الأعلى هو أحد المخططين الرئيسيين للانقلاب رفقة محرم كوسا المستشار القانوني السابق لرئيس هيئة الأركان الذي يوصف بأنه من أتباع فتح الله غولن.
ويتهم أردوغان والحكومة أنصار غولن بالوقوف وراء مخطط الانقلاب، وهم منذ فترة طويلة محل اتهام بمحاولة إقامة "هيكل مواز" داخل المحاكم والشرطة والقوات المسلحة والإعلام بهدف الاستيلاء على السلطة، وهو اتهام ينفيه غولن.
الجزيرة نت