تكبر كرة التطبيع الإسرائيلي مع دول عربية عديدة مع مرور الأيام، لتكبر معها الغبطة التي يعرب عنها حكام دولة الاحتلال إزاء واقع أن تل أبيب صارت "أقل عزلة مقارنة مع أي يوم مضى"، وفق مصطلحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. صحيح أن موجة اللقاءات والاتصالات والزيارات التطبيعية سجلت في العام 2016 رقماً قياسياً بعددها وعلنيتها وطابعها شبه الرسمي أحياناً، وآخر الفصول سجلها مسؤولون سعوديون لا صفة رسمية لهم، مثل الأمير تركي الفيصل، والجنرال المتقاعد أنور العشقي، إلا أن التسريب الذي خرج، أمس الأربعاء، من إسرائيل، حول مشاركة وشيكة إماراتية ــ إسرائيلية في مناورات عسكرية أميركية مشتركة، يعتبر التطور الأكثر خطورة برأي كثيرين، كونه قد يكون التنسيق العسكري الأكبر لأي دولة عربية، غير مرتبطة باتفاقية "سلام" مع الدولة العبرية.
ولم ينفِ حكام دولة الإمارات الخبر أو يؤكدوه، ما يوحي بتأكيد غير مباشر. تأكيد ضمني آخر للخبر عبّر عنه رفض الجيش الإسرائيلي، أمس، التعليق على قول الإذاعة الإسرائيلية (حكومية) "إن مصادر غير رسمية أكدت أن سلاح الجو الإسرائيلي سيشارك بعد حوالي أسبوعين في تمرين جوي دولي في الولايات المتحدة إلى جانب سلاحي الجو الباكستاني والإماراتي".
وتجري المناورات السنوية المذكورة في ولاية "نيفادا"، غربي الولايات المتحدة، بعنوان "العلم الأحمر"، مع قوات من جيوش لدول لا توجد بينها وبين إسرائيل علاقات دبلوماسية.
ووفقاً لصحيفة "هآرتس"، من المقرر أن تنطلق المناورات بعد أسبوعين، وتمتد أيضاً لأسبوعين (بين 15 أغسطس/ آب الحالي و26 منه)، بمشاركة مقاتلات "أف 16" إسرائيلية، وطواقم جوية وأخرى برية تابعة لدولة الاحتلال، وبمشاركة أربع دول أخرى على الأقل، من بينها إسبانيا. ولفتت الصحيفة إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يستعد منذ أشهر للمشاركة في هذه المناورات التي سيتم خلالها التدريب على إقلاع لمسافات بعيدة، وضمناً الانطلاق من إسرائيل باتجاه قاعدة "نليس" في نيفادا، عبر التوقف في عدة محطات للتزود بالوقود، والمشاركة في التدريبات التي ستحاكي حرباً من خلال ائتلاف عدة جيوش معاً.
وكانت مناورات "العلم الأحمر" قد جرت في العام الماضي بمشاركة أميركية وإسرائيلية ومن سنغافورة والأردن، للتدرب على إسقاط الطائرات المقاتلة في الجو، وضرب الأهداف، وإنقاذ طيارين أسقطت مقاتلاتهم، ونشاط جوي تحت قصف صاروخي. كما قامت القطع الجوية الإسرائيلية، وفقاً لتقارير أجنبية، بتزويد المقاتلات الأردنية بالوقود في الجو.
التمرين بحدّ ذاته عبارة عن أربع أو ست دورات سنوية، تقيمها القوات الجوية الأميركية، في قاعدة نليس الجوية في نيفادا، بمشاركة عددٍ من الدول المصنّفة "صديقة"، كما شارك فيها في مراحل سابقة، حلف شمال الأطلسي. تتمحور التدريبات حول المواجهات الجوية بين "طائرات صديقة" و"طائرات عدوّة"، ويتمّ اختبار كفاءة الطيارين والطائرات بمعركة جوية شبه حقيقية.
وقد استُخدمت طائرات روسية وسوفييتية، كـ"طائرات عدوّة"، على مدار تاريخ المناورات، منها "ميغ 17" و"ميغ 21" و"ميغ 23"، فضلاً عن 11 طائرة مروحية روسية وسوفييتية، من ضمنها "ميل مي 24" و"ميل مي 8". كما استُخدمت طائرات "كفير" الإسرائيلية كـ"طائرات عدوة" في المناورات السالفة أيضاً. ولدقة المناورات، لم يُقتل فيها سوى أربعة عناصر، اثنان في عام 1979، واثنان آخران في عام 1980، في تحطّم طائرات. ويعود تاريخ المناورات إلى عام 1975، قبل أن تتمّ توسعتها وتجزئتها إلى مراحل فصلية سنوياً، ودعوة العديد من الدول للمشاركة فيها.
في هذا السياق، تمّت دعوة دول عدة، على مراحل، من ضمنها دول عربية، كالأردن والسعودية ومصر، وآخرها الإمارات هذا العام. ولم تشهد المناورات سابقاً أي مشاركة "كتفاً إلى كتف" بين العرب والإسرائيليين، سوى بين الأردن وإسرائيل، العام الماضي. وقتها أُجريت التدريبات حول إسقاط الطائرات المقاتلة في الجو، وضرب الأهداف، وإنقاذ طيارين أُسقطت مقاتلاتهم، مع وجود نشاط جوي تحت قصف صاروخي. وقامت القطع الجوية الإسرائيلية في حينه، وفقاً لتقارير أجنبية، بتزويد المقاتلات الأردنية بالوقود في الجو.
وتبرز المشاركة الإماراتية هذا العام بقوة، على اعتبار أن أسطولها الجوي المكوّن من 146 مقاتلة جوية، يتضمّن 79 طائرة من طراز "أف 16" الأميركية. كما أن مشاركتها الأولى مع الإسرائيليين، هي أول مشاركة لدولة عربية لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، في تمرين مشترك مع القوات الجوية الإسرائيلية. أما بالنسبة للقوات السعودية، فسبق أن شاركت في "تمرين العلم الأحمر" لعام 2014، وأظهرت "كفاءات عالية"، بحسب تقارير أميركية.