قائد الطوفان قائد الطوفان

أم لأربع بنات

"ياسمين".. أرملة شهيدين كسبت الرهان على فشلها

ياسمين شمالي
ياسمين شمالي

غزة-أحمد الكومي

قصة نجاح ياسمين شمالي ليست في تحوّلها إلى سيدة أعمال رائدة، إنما في مواجهة مجتمع حاول أن يُملي عليها الأوامر.

ياسمين أرملة مرتين في عام واحد لشهيدين شقيقين هما عاهد وعمار شمالي من حي الشجاعية، شرق مدينة غزة.

توقفت مسيرة تعليمها بزواجها في عمر السادسة عشر من عاهد، وأنجبت منه ثلاث بنات حتى استشهاده في شهر يناير عام 2008.

وفي العام نفسه، وتحديدا قبل قرابة شهر من الذكرى السنوية الأولى لعاهد، عُقد قرانها على شقيقه الأصغر عمّار، الذي دخل حياة ياسمين كضيف خفيف، ارتحل سريعا.

استشهد عمّار في شهر ديسمبر من عام 2008، تاركا في أحشاء ياسمين طفلة رابعة، وفي وجدانها حزنا بعمر عجوز.

هذه الذكريات استجلبت الدمع إلى عيني ياسمين أثناء لقاء جمعها بـ "الرسالة" في بيتها المتعافي حديثا من قذيفة إسرائيلية أصابته خلال العدوان الأخير.

شعرت ياسمين في ذلك العام بأن عجلة الحياة توقفت عن الدوران، بشيء ثقيل جاثم على صدرها، بالوحدة، بمصيرها مع بناتها الأربع.

لكن زواجها بمجاهديْن ربما أرشدها إلى الطريقة التي تقاوم فيها أن تكون شاخصا لسهام الناس وأحاديثهم. "لم أقبل أن ترقص الناس على جراحي"، قالتها ياسمين بنبرة تحدٍ.

ومن دون تدبير منها أو بتدبير خفي عنها، وجدت ياسمين نفسها على مقاعد الثانوية العامة (التوجيهي)، بعد 10 سنوات من ترك العلم؛ مدفوعة برغبة جامحة في "تحدي نظرة المجتمع للمرأة الأرملة".

كان الالتحاق بالتوجيهي بالنسبة لها مجازفة، وأول عقبة اصطدمت بها أنها وجدت نفسها أمام منهاج علمي غير الذي تعلّمته في صغرها وقبل زواجها (المنهاج المصري).

قررت المضي، وفي مخيلتها تتردد كلمات زوجها الشهيد عاهد الذي حصل على شهادة الثانوية العامة بعد زواجه منها: "الدور عليكِ".

الجميع كان يراهن على فشلها، إلا أنها كسبت الرهان بتفوقها في الثانوية العامة، وحصولها على أعلى نتيجة في العائلة ! وبنصف ابتسامة قالت: "نجاحي كان صاعقة".

وعلى ما يبدو، فإن التحدي كان أكثر ما تتقنه ياسمين، بالتوجه إلى دراسة اللغة العربية في الجامعة الإسلامية، حتى تخرجها، والاحتفاء بها كنموذج للإبداع.

كانت تعود من الجامعة تحمل كتابا بيد، وبالأخرى سلة خضار، وترافقها نظرات الناس التي انقسمت بين الرفض والإعجاب.

وجدت ياسمين نفسها على منصة حفل الخريجين هذا العام، تلقي كلمة أو بالأحرى تروي قصة من قصص النجاح. كان هذا المشهد أشبه بجائزة أو إعلان رسمي بفوز ياسمين في معركتها ضد المجتمع.

تم تكريمها بوظيفة في الجامعة، كانت مدعاة لتقول: "ما عوقبت عليه بالأمس، يتم تكريمي عليه اليوم.. نجاحي هو ردّ على الجميع".

وحين سألناها: "ما شعورك في تلك اللحظة وانت على منصة الحفل"؟ أجابت: "كان نفسي يكون عاهد موجود".

البث المباشر