لأول مرة على مستوى فلسطين يصطف عدد من طلبة صم على منصة التخرج في حفل كبير أقامته الجامعة الإسلامية بغزة، مكافأةً لهم على جهودهم ومثابرتهم خلال فترة عامين من الدراسة والتعب.
وأمام مشهد تعجز عن وصفه الكلمات، أدى الطلبة نشيد الجامعة "لبيك جامعتي" دون أن يحركوا شفاههم، بل يلوحون بأياديهم، بإشارات توحي بحبهم وامتنانهم للجامعة على ما قدمته لهم، من جهة، ومعبرين عن سعادتهم بتخرجهم ضمن "فوج الروّاد".
وبدت ملامح الفرح والسعادة واضحة على وجوههم، حينما رفعوا أيديهم عالياً فرحين بحصادهم، وينظرون إلى بعضهم البعض وكأن حال لسانهم يقول "ما أحلى فرحة التخرج".
ويلفت انتباه الحاضرين مشهد التحدي والاجتهاد للطالب محمود أبو ناموس، الذي سطر فصول المثابرة خاصة بعد أن هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلته خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة صيف العام الماضي.
والتقى مراسل "الرسالة نت" الطالب أبو ناموس في العقد الثاني من عمره، من تخصص التكنولوجيا في قسم الصم بالجامعة الذي بالكاد يلتقط أنفاسه فرحاً بتخرجه بعد تعب واجتهاد على مدار عامين متواصلين.
ويُعبر أبو ناموس خلال حديثه عن فرحته بإشاراته الخاصة التي ترجمها أحد أساتذته "لا أستطيع أن أصف لكم مدى سعادتي بهذا اليوم العظيم، خاصة بعد عامين من التعب والمعاناة، نتيجة الظروف التي مررت بها، وخاصة في امكانية التواصل مع أفراد المجتمع".
ويقول "بعد نجاحي في الثانوية العامة شعرت بقلق شديد، نتيجة لعدم وجود حاضنة لنا، وهو ما أثار لدي الإحباط، ولكن بعد فتح القسم الخاص بالصم في الجامعة الإسلامية، عادت لنا الحياة".
ويوجه أبو ناموس رسالة لجميع الصم، مفادها بأنه "لا حياة مع اليأس"، حاثاً إياهم للتغلب على الصعاب والالتحاق بالجامعة، والاندماج في الحياة العملية بين أفراد المجتمع.
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور عادل عوض الله رئيس الجامعة الإسلامية، أن جامعته تولي اهتماماً كبيرًا لجميع فئات الطلبة، لا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة منهم.
وأوضح عوض الله في كلمة له خلال الحفل، أنه تم تدريب قرابة 20 موظفاً للعمل في قسم الصم، والإشراف على تعليم هؤلاء الطلبة، مشيراً إلى أنه تم افتتاح القسم بمساعدة بعض الجهات الداعمة.
وشكر عوض الله، كل من ساهم في إنجاح مشروع تعليم الطلبة الصم، مقدماً في الوقت ذاته التهاني والتبريكات لهذا الفوج الأول.
وفي السياق، أعلن السفير القطري محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة، الذي حضر الاحتفال، عن دفع مبلغ 500 دولار لكل خريج من الطلبة الصم، و1000 دولار لطالبين تزوجا طالبتين من نفس القسم.
وقال العمادي إن تخرج هذه الفئة من الصم يثبت أن الشعب الفلسطيني يمتلك القدرات التي تمكنه من نصرة قضيته العادلة، لافتاً إلى أن دولة قطر تبذل كل جهودها لتخفيف المعاناة عن قطاع غزة.
وأشار إلى أن قطر خصصت أكثر من 550 مليون دولار لقطاع غزة، إبان الحرب الإسرائيلية التي وقعت عام 2008، كما خصصت حوالي 300 مليون لقطاع الصحة.
وشكر العمادي الجامعة الإسلامية، على اهتمامها الكبير بالمشاريع الإنسانية وتقديم الخدمات لجميع الفئات من المجتمع، لا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة منهم.