قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه وبعد مرور 40 عاماً على المجزرة البشعة التي ارتكبت بحق الفلسطينيين واللبنانيين في مخيم "تل الزعتر" الفلسطيني الواقع شمال شرق العاصمة اللبنانية بيروت، مازال المئات من ضحاياها جثثاً بلا قبور معروفة حتى اللحظة.
وتشير الشهادات المختلفة إلى أن ما تم استرجاعه من جثث الضحايا يقدر بالعشرات فقط، حيث استرجعت نحو 80 جثة بشكلٍ جماعي بعد ثلاثة أشهر من انتهاء المجزرة، إضافة إلى عشرات الجثث الأخرى التي استرجعتها عائلاتهم فُرادى مقابل دفعها مبالغ من المال.
وبين الأورومتوسطي أن تلك القضية المسكوت عنها منذ سنوات طويلة، ما زالت تمثل هاجساً مستمراً لأهالي الضحايا؛ والذين أفادوا في شهادات مختلفة للأورومتوسطي أن جثث أبنائهم دفنت في عمق لا يتجاوز المتر في أراضٍ صغيرة تحت الأنقاض أو مواقف السيارات وفي محاذاة جدران المصانع والمعامل المتداخلة مع المخيم.
وكان مخيم "تل الزعتر" - أحد المخیمات الستة عشر للاجئین الفلسطینیین في لبنان المسجلة لدى الأونروا- والذي بلغ عدد سكانه آنذاك نحو 50-60 ألفا معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين، استهدف بأكثر من 55 ألف قذيفة على مدار 52 يوماً من قبل أحزاب يمينية لبنانية مصحوبة بحصار مشدد حتى تم السيطرة على المخيم في 12 أغسطس/آب 1976.
وتشير التقديرات المختلفة أنه قتل خلال المجزرة ما بين 1500 إلى 2000 شخصاً غالبيتهم من المدنيين الذين قتل معظمهم بالتصفيات الجسدية. فيما تشير تقديرات مختلفة إلى أن العدد الإجمالي للضحايا منذ بدء حصار المخيم حتى انتهاء المجزرة يتراوح مابين 3000 إلى 4280 ضحية، قتل نصفهم داخل المخيم.
وعلى الرغم من مرور 40 عاماً على المجزرة المروعة، لم تحصل عوائل الضحايا على حقوقهم، ولم تفتح أي تحقيقات جدية في عمليات القتل والتصفية التي حدثت لسكان المخيم منذ ذلك الحين، ولم تُبلغ عشرات العائلات بمصير أبنائها حتى اللحظة. وفي مقابلاتٍ منفصلة مع فريق المرصد الأورومتوسطي، طالبت عائلات الضحايا باستخراج جثامين أبنائهم لدفنهم في مقابر المخيمات المتبقية في لبنان، أو دفنهم في القبر الكبير الخاص بضحايا " تل الزعتر" والذي يتواجد فيه الآن 80 ضحية، ويقع قرب مخيم "شاتيلا" جنوب العاصمة اللبنانية بيروت.
وقال الأورومتوسطي إن مجزرة "تل الزعتر" وما تبعها من تجاهل تشجع على سياسة الإفلات من العقاب التي تسيطر على واقع انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان، داعياً إلى أن تكون ذكرى المجزرة البشعة منطلقاً لوضع حد للانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها اللاجئون والفئات المستضعفة في كل أماكن إقامتهم.
واعتبر المرصد الأورومتوسطي أن إبقاء جثث الضحايا لتلك الفترة الطويلة من الزمن دون قبور معروفة تأويهم، وإبقاء جثثهم مدفونة في أماكن أصبح يستخدمها عامة الناس هو انتهاك لحرمة وكرامة جثث الضحايا وعائلاتهم، ما يوجب على كافة الأطراف في لبنان، ولا سيما الحكومة اللبنانية، ضرورة فتح هذا الملف والعمل على استعادة المفقودين وجثامين الضحايا أو معرفة أماكنها وتبليغ الأهالي بها.