تواصل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، سياسة الاعدامات الميدانية بحق مطلوبين تدعي تورطهم في أحداث الفلتان الأخيرة في البلدة القديمة بمدينة نابلس، مثيرة بذلك سلسلة من علامات الاستفهام حول طبيعة الأحداث الدائرة في الضفة الغربية.
ويأتي الإعدام الميداني للمواطن أحمد عز حلاوة كثالث حالة إعدام خلال أقل من أسبوع، معززاً الشكوك حول كون الأمر مجرد "تصفية للحسابات الداخلية بين قيادات السلطة".
وأعدمت أجهزة أمن السلطة فجر اليوم، أحمد عز حلاوة أحد المسلحين بمدينة نابلس، بعد تسليم نفسه والاعتداء عليه بالضرب "الوحشي" في سجن (جنيد)، والذي سبقه مقتل مسلّحين الجمعة الماضية متأثرين بإصابتهما، بعد رفض تسليم نفسيهما خلال اشتباك مع قوات الأمن في البلدة القديمة بنابلس.
وتزامن ارتكاب أجهزة أمن السلطة لسلسلة الإعدامات الأخيرة في مدينة نابلس، مع تهديد رئيس السلطة محمود عباس بالقتل لكل من يخرج عن قرارات حركة فتح، إذ قال: "من يخرج عن قوائم القيادة..طخوه" في إشارة لقوائم حركة فتح للانتخابات المحلية المرتقبة خلال شهر أكتوبر المقبل.
"الرسالة نت" تعقبت حقيقة حادثة إعدام حلاوة، إذ وفق مصادر مطلعة، فإن الأخير قُتل في سجن الجنيد بعد مهاجمة عشرات العساكر الغاضبين له، وضربه بعنف، الأمر الذي أدى لوفاته، مشيرة لوجود تضارب في الأنباء حول إن كان حلاوة سلّم نفسه للأجهزة أم أنها اعتقلته.
وبالعودة إلى بداية الاشتباكات المسلحة التي بدأت فصولها الخميس الماضي، كشفت المصادر لـ "الرسالة نت"، أن أبو العز حلاوة اجتمع مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة قبل أسبوعين من الاشتباكات، لتسليم جميع المطلوبين في العائلة، من بينهم أحد أبناءه.
وأوضحت أنه جرى الاتفاق بين حلاوة وأجهزة السلطة على تسليمهم، بشرط إلا يمكث ابنه في السجن لفترة طويلة، كونه يعاني من مرض القلب، لكن الأخيرة خرقت الاتفاق، مما دفع حلاوة لإرسال رسائل تهديد عبر وسطاء.
وأشارت المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية اقتحمت منزل حلاوة بعد التهديد الذي صدر منه، مضيفة "من هنا بدأت شرارة الاشتباكات".
وفي أعقاب الاقتحام، اشتبكت مجموعات مسلحة تابعة لحلاوة مع الأجهزة الأمنية أثناء تواجدها في منزله يوم الخميس الماضي وقتلت اثنين من عناصرها.
وبحسب المصادر، فإن الاشتباكات مع الأجهزة الأمنية تجددت صباح الجمعة بعد اعتقالها لمسلحين من ذات المجموعات، وإعدامهم ميدانياً، معتبرة أن ما يجري هو "ضمن المعادلات الأمنية وتصفية الحسابات بين الأجهزة الأمنية بالضفة".
ومن الواضح أن أجهزة السلطة تتعدى على القانون من خلال سياسة الاعدامات الميدانية، وهو يترك تساؤلاً مفاده، كيف سيسّلم المطلوبون أنفسهم للأجهزة الأمنية؟ وكيف سيكون مصيرهم؟.
وفي هذا الإطار، طالب النائب عن حركة فتح في المجلس التشريعي جمال الطيراوي، أجهزة الأمن الفلسطينية، بضرورة الحفاظ على آليات تطبيق القانون، والابتعاد عن سياسة العقاب الجماعي.
وقال الطيراوي في بيان صحفي له، إنه لا يختلف أحد على مبدأ تطبيق القانون وحفظ النظام، مطالبًا قادة المؤسسة الأمنية "بضرورة ضبط أداء عناصر الأجهزة، والابتعاد عن كل ما يسيء لكرامة عائلات الشهداء والأسرى".
ودعا إلى الابتعاد عن سياسة "التهجم والإساءة" لأي مواطن في البلدة القديمة بمدينة نابلس، وسياسة الاعتقال العشوائي، مشددًا على ضرورة رفع الحصار عن البلدة القديمة، والحفاظ على كرامة أهلها ومناضليها.
تجدر الإشارة إلى أن أجهزة الأمن الفلسطينية تنفذ حملة واسعة في البلدة القديمة بمدينة نابلس، على إثر الاشتباكات الداخلية التي بدأت مساء الخميس الماضي، وأسفرت عن مقتل أربعة فلسطينيين، بينهم رجليْ أمن.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية، إن الحملة تستهدف أشخاصًا "مطلوبين للعدالة" بقضايا أمنية وجنائية، فيما أفادت أوساط فلسطينية في البلدة القديمة أن عناصر الأمن الفلسطيني مارسوا أعمالًا استفزازية تخللها اقتحام منازل واعتداء على ساكنيها، الأمر الذي نفته أجهزة الأمن، وأكدت أن كل ما يحصل هو ضمن القانون وبإذن من النيابة العامة.
وتسود أجواء من الغضب والتوتر في البلدة القديمة ومحيطها، وسط انتشار كبير لأجهزة أمن السلطة صباحا، كما أغلقت المحال التجارية أبوابها في البلدة.