قائمة الموقع

"الترامال" آفة تتسلل إلى المستطيل الأخضر!

2016-08-29T10:25:02+03:00
حبوب الترامال والمنشطات
الرسالة نت - فادي حجازي

يعيش الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في قطاع غزة، حالة من التراخي، بخصوص فحص تعاطي "الترامال" والمنشطات في البطولات التي تجري كل موسم.

وتتنوع أسباب التراخي بين إمكانية تطبيق الفحص من جهة، ومدى فائدة وجود الدائرة الطبية في الاتحاد من جهة أخرى، مما يدق ناقوس الخطر تحسبًا لوقوع المحظور في الملاعب الغزية.

موقع "الرسالة نت" يفتح ملف القضية التي لا تلقى اهتمامًا من اتحاد كرة القدم، خاصة أن التدقيق فيها أثبت تناول لاعبين في قطاع غزة -نتحفظ على ذكر أسمائهم للمصلحة العامة - حبوب "الترامال"، وفق اعترافاتهم.

حقائق صادمة

أحد لاعبي غزة (ح.ه)، أكد أنه تناول "الترامال" ثلاث مرات مسبقًا، لظنه أنه سيحسن أداءه داخل الملعب في المباريات.

و"الترامال" المعروف طبيًا بالترامادول, مسكن للآلام يتم وصفه من الأطباء للحالات الخطيرة الناجمة عن الكسور أو بعد العمليات الجراحية لفترة محددة تصل إلى أسبوعين، ولا يتم تكرار تناوله إلا بعد إجراء فحوصات لمستوى الدواء في الدم.

لكن (ح.ه) فوجئ وقتها بشعوره بالهزال والضعف الشديد خلال المباراة، ليطلب من المدرب استبداله في الشوط الأول، بادعاء الإصابة.

من جانبه، اعترف اللاعب (إ.ع) من جنوب القطاع، أنه كان ينوي تناول المسكن خلال أحد المباريات، لتخفيف شعوره بالآلام، إلا أنه تذكر شخصًا مات أمامه بسببه، مما جعله يبتعد عنه، وفق تأكيده.

وعاد بذاكرته إلى الوراء، ليقول: "قبل أكثر من سنة كنت ذاهبًا في السيارة لحفلة أحد زملائي من رفح، وفجأة سقط الشخص الذي بجواري مغشيا عليه دون حراك، ثم نقلناه إلى المستشفى بسرعة".

ويضيف بنبرة خافتة: "هناك أكدوا أنه تناول أكثر من حبة ترامال في نفس الوقت، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بسرعة بين أيدي الأطباء"، موضحًا أن هذا الأمر سيبقى عالقا في ذهنه طوال عمره.

أما اللاعب (ه.ش) من شمال غزة، فأشار إلى أنه يعلم بوجود عدد من اللاعبين الذين يتناولون العقار الطبي قبل بداية المباريات، إلا أنه امتنع عن ذكر أسمائهم؛ تجنبا لأي ضرر.

وقال اللاعب إن أحدهم سقط ذات يوم في مقهى بعد ساعات من نهاية مباراته في الدوري، وبدأ بالاستفراغ، قبل أن يعترف خلال جلوسه معه على انفراد، أنه تناول حبة "ترامال".

تجارب المدربين

بدوره, ذكر غسان بلعاوي المدير الفني للمنتخب الوطني وغزة الرياضي سابقًا، أنه أشرف على تدريب أندية عديدة في فلسطين، مؤكدّا أنه صادف بنفسه حالات واقعية من اللاعبين الذين يتناولون الترامادول.

ويوضح بلعاوي أن أحد اللاعبين كان يأتي للتدريب والإجهاد واضحٌ عليه أكثر من مرة، وعندما شكّ في الأمر، علم عن طريق مقربين منه أنه يتعاطى العقار المسكن لأجل تحسين أدائه الكروي.

ويقول: "حاولت تحذيره بشتى الطرق من خطورة ما يتناوله، لكن للأسف لم يكن يستمع لي، لذا طلبت استبعاده من الفريق".

ويبيّن أنه تفاجأ في الموسم المنصرم، بوجود لاعبين حسب علمه يتناولون "مسكن الآلام"، محذرًا إياهم من تأثيره على الصحة خلال الفترة المقبلة.

واتفق نايف عبد الهادي مدرب منتخب فلسطين والقادسية سابقًا، مع بلعاوي بمعرفته بوجود لاعبين في أندية مشهورة يتناولون العقار قبل بداية المباريات لتحسين أدائهم البدني، مشيرًا إلى أنه يستطيع كشفهم بسرعة, معتمدًا على خبرته التدريبية في الملاعب على مدار أكثر من "30 عاما".

ويؤكد عبد الهادي أن تباين مستوى الجهد الذي يبذله اللاعب في المباريات خلال الموسم، يجعله ضمن دائرة الشكوك، كون اللياقة البدنية يجب أن تزداد بكثرة اللقاءات وليس العكس، وهو ما يحصل مع بعضهم.

ويقول: "للأسف هناك لاعبون يعتقدون أنه يفيدهم، إلا أنهم كتبوا نهاية مسيرتهم الرياضية بأنفسهم (...)، يجب على الجميع التدخل للقضاء على هذه المعضلة".

آفة دخيلة

وأجمع الوسط الفلسطيني على أن تناول الترامادول آفة دخيلة، وهو ما أكده أحمد أبو دياب رئيس القسم الرياضي في إذاعة صوت الأقصى, الذي قال إن الإقدام على هذه الخطوة يشوه سمعة الكرة الفلسطينية.

 وقال أبو دياب إن السبب وراء شربه هو اعتقاد اللاعبين أنه سيحسّن من مستواهم، والسعي وراء الإنجازات على حساب الأخلاق والقيم الرياضية.

كذلك عبّر مصطفى صيام رئيس تحرير موقع أطلس سبورت، عن أسفه لتفشي الآفة، مؤكدا أنها لم تعد تقتصر على رياضة معينة بحد ذاتها.

وبيّن صيام أن فلسطين حققت إنجازات خارجية مرموقة على مستوى جميع الرياضات خلال السنوات الماضية، وهو ما يفرض على اتحاد كرة القدم محاربة هذه القضية بأسرع وقت.

موجودة في الملاعب

كلمات اللاعبين وتجارب المدربين وتحذيرات الإعلاميين من آثار الحبوب السلبية، جعل "الرسالة نت" يطرق باب الدكتور عميد عوض رئيس الدائرة الطبية في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بالمحافظات الجنوبية، والذي كشف عن حقائق صادمة رآها بنفسه.

وقال عوض: "خلال تجولي في الملاعب الرئيسية لقطاع غزة، شاهدت الكثير من أغلفة وأشرطة حبوب الترامادول، وهذا لا يدع مجالًا للشك بأن بعض اللاعبين يتناولونها على الدوام في المباريات".

ويوضح عوض أن نوع "الترامال" الذي يشربونه هو من عيار 225 ملغ مجهول المصدر، مشيرًا إلى أن المعتمد في وزارة الصحة هو عيار 50 و100 و150 ملغ، ويجب أن يكون حسب وصفة طبية.

وحذّر اللاعبين من آثاره الجانبية، كونه يسبب الغثيان والقيء والهزال وزيادة في دقات القلب، مما يعرضهم لإمكانية "بلع" اللسان في أي لحظة، الأمر الذي يضع حياتهم على المحك.

وأكد أنه ناقش مع لجنة المسابقات في اتحاد الكرة إمكانية تطبيق الفحوصات في الموسم المقبل، من خلال أخذ عينات (دم أو بول) لثلاثة لاعبين من كل فريق في المباريات، منوهًا إلى سهولة كشف المتعاطين كون آثار الحبوب تبقى "40 يوما".

ومن خلال اعترافات اللاعبين ومدى خطورة "الترامال" عليهم، بات على الدائرة الطبية في اتحاد كرة القدم العمل جديا على إجراء الفحوصات في الموسم الجديد 2016-2017، فهل ستدخل كلمات عوض حيز التنفيذ فعليًا؟ أم أنها ستكون حبرًا على ورق!.

اخبار ذات صلة