اعتلى خمسون طفلاً خشبة قاعة مركز القطان للطفل، محاولين إقناع الحضور بأفكارهم ومشاريعهم الريادية، لكي يحصل كل واحد منهم على أكبر عدد من الأصوات التي تمكنه من خوض منافسة Startup Weekend Kids التي حظيت غزة باستضافته متفوقة على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
فاق أطفال غزة أعمارهم بأفكار مشاريعهم، وصوتوا لأكثر عشرة مشاريع إبداعا بينهم، وكوّنوا فرقاً متعددة وقسموا العمل بينهم، فأحدهم كان مبرمجًا وآخر كان مصممًا والثالث كان مسوّقًا إلكترونيًا، وسابقوا الزمن خلال ثلاثة أيام كخلية نحل وعملوا على إتقان مشاريعهم، لإقناع لجنة الحكم والفوز بأحد المركز الثلاث الأولى.
" تطبيق سويتلين" حظي على المركز الأول في الفعالية وهو يساعد مرضى السكرى على حساب جرعات الانسولين بعد أكلهم الطعام، حسبما أوضحت جنان أبو جراد المشاركة في العمل على التطبيق، منوهةً أن أطفال مرضى السكري حتى يحسبوا جرعات الأنسولين يضطرون إلى حمل كتاب كبير ويبحثوا عن نسبة الكربوهيدات في طعامهم، ولكن هذا التطبيق يسهل عليهم ذلك.
وعن فكرة التطبيق قالت أبو جراد لـ "الرسالة" أنها فكرة بنت خالتها المصابة بهذا المرض، فأرادت عمل هذا التطبيق لتساعد نفسها ولخدمة أكبر شريحة ممكنة من الذين يعانون من هذا المرض، وقد شارك معها كل من نور أبو نمر وتسنيم على وزينة رزق ومحمد معيلق وقد تم تقسيم العمل حسب تخصص كل واحد فيهم.
ووصف مشاركتها في فعاليةStartup Weekend Kids بأنها مميزة، حيث تعرفت فيها على الكثير من الأطفال المبدعين وأصحاب أفكار مشاريع جميلة، وأكثر ما يميزها الفريق الذين عملت معه على هذا التطبيق، متمنيةً أن يكمل فريقها المشوار ويستفيد من التطبيق أكبر عدد ممكن من مرضى السكري.
المركز الثاني كان من نصيب تطبيق " Light Calculator" وهو تطبيق حسابي يعمل على نظام أندرويد، يمكن المكفوفين من حل المسائل الحسابية على هاتفهم المحمول، ويعتمد على ثلاث تقنيات وهي الصوت والتأكيد والاهتزاز، وكان من إبداع وسام الطيبي صاحب فكرة المشروع بالإضافة إلى ياسين الشوا وطاهر سمارة وحسين الوالي.
وأشار الطيبي لـ "الرسالة" أنه شارك في مركز القطان للطفل بنادي المبرمجين وتعمل خلاله برمجة تطبيقات الهواتف الذكية العاملة بنظام أندرويد، أما فكرة التطبيق فقد استلهمها هو وزميله زهير البلعاوي بعد حضورهم لورشة عمل تتحدث عن التوجه العالمي في التقنية وهو "الشمولية الرقمية"، ويعني قدرة جميع أفراد المجتمع على الوصول إلى التقنيات الحديثة.
وبين أن فريقهم بحث في متجر جوجل على التطبيقات المشابهة لفكرتهم، ووجدوها أنها متحدثة وتعتمد على الصوت فقط، وما يميّز تطبيقهم هي تفعيل ميزة الاهتزاز فيها والتأكيد، وقال "كنت متوقعًا لفكرتي النجاح وقد حظيت على أعلى نسبة أصوات من بين 50 فكرة شاركت في الفعالية، وأكثر ما تعلمته خلال الفعالية العمل بروح الفريق".
الطفلة هبة عبيد كانت تخاف على شقيقتها خلال مشاركتها في فعالية الرياديةStartup Weekend Edu – Gaza حيث كانت تعود إلى المنزل في وقت متأخر، ما ينتاب عائلتها القلق عليها ففكرت بتطبيق "Save Me" الذي حصل على المركز الثالث.
وتقول عبيد لـ "الرسالة" أنه من خلال سماعها عن كثرة قصص الخطف للأطفال وضياعهم، خطرت لها فكرة هذا التطبيق الذي يعمل عن طريق الهواتف الذكية، والتي تمتلك خصائص تدع مستخدمها يتعامل معها من خلال الأزرار الجانبية أو مفتاح التشغيل، فالتطبيق يكون موصولًا بأبراج الاتصالات وممكن شبكات الراديو، فمن خلال برمجة بسيطة تكون متصلة بالأرقام السريعة الاتصال مثل "الشرطة، ومن خلال تلك البرمجة يمكن عمل جهاز إنذار داخل أقسام الشرطة، لإرسال تنبيه.
ووجهت شكرها للمهندسة رشا أبو صفية والمهندس خالد أبو شمالة على اشرافهم على المشروع وتوجيه النصائح لهم، وبينت أن فريقها يتكون من رانيا الكيلاني ويوسف جرادة وجودة أبو سليم ويحيى محمود.
وفيما تنظم مسابقة "Startup Weekend" في جميع دول العالم وتستهدف الشباب، إلا أنها المرة الأولى على مستوى الشرق الأوسط، التي تعقد للأطفال من (10-15) عام، ويتعلم خلالها الأطفال مبادئ وأسس ريادة الأعمال، وتطوير مهارات التواصل لديهم، والعمل على بناء الفريق، واكتساب مهارات حل المشكلات واتخاذ القرار.
أسعد التيان أحد المنظمين للفعالية قال لـ "الرسالة" إن الحدث استمر ثلاثة أيام، شارك فيه 50 طفلاً من أصحاب الأفكار الريادية، تم اختيار 10 من تلك الأفكار للتأهل للمراحل النهائية من خلال تصويت الحضور بالفعالية بعد عرضها عليهم، قبل أن يتم دمج جميع الأطفال في فرق مكونة من 5 أفراد لتطوير الأفكار التي تم اختيارها.
إبداعات صادمة
ونوه التيان أنه قبل بدء الفعالية كانوا يتوقعون صعوبة كبيرة ستواجههم خلال التنفيذ، خاصة وأنهم يتعاموا مع أطفال والانجاز المطلوب كبير، موضحاً ومنذ أول يوم كانت بعض المؤسسات تقول إن الحدث سيفشل، وأن الأطفال لن يقدموا أفكار مقنعة، ولكن من اللحظات الأولى للفعالية كانت الإجابة صادمة لهم بإبداع الطلبة في أفكارهم وفي طريقة عرضهم.
وكانت لجنة التحكيم المكونة من د. صفاء ناصر الدين وزيرة تكنولوجيا المعلومات السابقة من الضفة، ومن غزة الدكتور أشرف الأسطل، والمهندس محمد اللوماني، اتفقت على عدة معايير لتحكيم المشاريع حتى لا تكون شديدة مع الأطفال، لكن بعد عرض الأطفال لمشاريعهم كانت اللجنة أكثر صرامة نظراً لقوة المنافسة بين المشاريع العشرة، ما أدى إلى تأخرهم في اختيار المشاريع الثلاث الفائزة وإعلان النتائج.
وعن مدى نجاح الفعالية أكد التيان أنه وصلتهم رسائل تهنئة من عدة دول عربية، أولها كانت من الضفة الغربية المحتلة، وعبروا عن نيتهم تنفيذ مثل هذه الفعالية في أبو ديس بالقدس المحتلة، كما وصلتهم رسائل من دمشق طالبوا فيها إرسال فيديو مصور عن الحدث لتحفيز الأطفال هناك على المشاركة والإبداع أسوة بأطفال غزة.
وأشار أحد منظمي الحدث أنهم تلقوا عروض من كل الشركاء الذين تواجدوا في الفعالية، مثل مركز القطان للطفل الذي سينفذ على مدار عام كامل دورات تدريبية ويوفر بيئة للأطفال لإكمال مشاريعهم، كما تلقوا من الحاضنة الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات عرضاً بتخصيص مساحة للأطفال في معرض اكسبوتك القادم ليعرضوا أفكارهم للحضور، مضيفاً أنهم في مرحلة التواصل مع الأطفال وأهاليهم لمواصلة هذا المشوار.