قائمة الموقع

ولد بالاسم "ثائر" فرحل المسمّى شهيدًا في قالب ثلجي !

2016-08-31T17:14:45+03:00
صورة الشهيد
الرسالة نت-أمل حبيب

وكّل المهمة لوالده آنذاك كونه الحفيد الأول له "يابا ايش نسميه؟"، لم يجد الجد صعوبة في اختيار الاسم، فعرض عدة خيارات بدأها بـ "خالد" أو "علي"، ثم قال ورددها مرتين "سمّيه ثائر".

ثائر عبد السلام أبو غزالة وثق الاسم بشهادة الميلاد في 20 من أغسطس لعام 1996، إلى أن انطبق معنى الاسم على ذاك الثائر، الذي أبهج العائلة بوصوله كونه ولي العهد المنتظر.

لم يكن الأول في الأبناء لعائلته وحسب، بل كان الأول بحب جده ومكانته لديه، إلى أن وصلت مرتبته الأولى بقائمة الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال ليكون اسمًا على مسمى.

دفء الأرض!

25 فردًا من عائلة أبو غزالة أنصتوا جيدًا لذرات رمل القدس وهي تحتضن ثائر الثلاثاء الماضي بعد قرابة العام، تحول جثمانه خلاله إلى قالب ثلجي بعد احتجاز سلطات الاحتلال له منذ استشهاده في أكتوبر من العام الماضي.

فسحة ارتياح شعرت بها والدته حينما احتضنته الأرض لتمده بشيء من الدفء كما قلبها الذي هدأ لحظة نثر 19 وردة بعدد سنوات عمره الذي قضاها بينهم، تاركة واحدة بين يديها وهي للعام الذي قضاها في ثلاجات الموتى عند الاحتلال.

صقيع الثلاجة هو ذاته الذي اعتاد على تفحصه ثائر خلال عمله الأخير الذي انتظم فيه في صيانة أجهزة التبريد والتكييف في مدينة القدس، بعد أن تعددت مهنته وفق والده عبد السلام حيث عمل في النجارة وفي مجال الصناعة والألمنيوم.

لم تلتقط صورة لثائر أو لجنازته وهو محمولًا على الأكتاف بعد أن عاد سالمًا من زنزانة الجثمان الباردة, حيث قيدتهم شروط الاحتلال التي فرضت على العائلة كأن يدفن الشهيد بعد منتصف الليل وأن يشارك بتشييع جثمانه عدد لا يتجاوز الـ25 فردًا, وليس انتهاء بكفالة مالية.

سكينة واطمئنان سكنت قلب المقدسية أم ثائر، التي عكست فلاشات الكاميرا صبر الأم الفلسطينية التي وهبت ابنها لفلسطين.

الثائر والمجد

"مش متخيل أشوف ثائر بصورة ثانية" وصلتنا عبر أسلاك الهاتف تنهيدة أتبعها أبو ثائر بهذه الجملة عند حديثنا عن لحظة استلام العائلة لجثمان الشهيد.

والد الشهيد الذي فضل أن يحتفظ بالمشهد الأخير له مع ابنه من صباح يوم الخميس في الثامن من أكتوبر للعام الماضي، حينما تابعت عيناه طريق ثائر نحو باب المنزل للتوجه إلى عمله، وتبعها بـ "الله يسهل عليك يابا".

لم يتخيل عبد السلام أبو غزالة أن ابتسامة ثائر ذاك الصباح ستكون الأخيرة له، ويقول "للرسالة نت":" حبيت احتفظ بابتسامة ثائر بقلبي، ما قدرت أشوفه أو أرفع الكفن عن وجهه".

يصبح المشهد روتينيًا كقهوة الصباح أو كصوت بائع الكعك الذي يجوب أزقة البلدة القديمة بالقدس، هو ملخص العام الذي مضى دون الثائر في البيت، فمضى رمضان والعيد والتحق إخوته بالمدرسة دون ابتسامته التي كانت بمنزلة البلسم لجده وإخوته.

"شقاوة" على "خفة دم" تساوي ثائر الطفل، هكذا عايشنا طفولة الثائر حينما حدثنا والده عن تمسك ابنه بقوله وعناده على الحق، مرورًا بـ "نهفاته" التي لا تنتهي على مائدة الطعام.

إن أردت أن تجد ثائرًا فابحث عن مجد، هي معادلة لحالة التعلق الشديد للشهيد بشقيقه الأصغر مجد ابن الأعوام الثلاثة.

ثائر ومجد اللذان تقاسمها ملامح الوجه ولون العينين الخضراوين، جمعتهما ثلاث سنوات فقط، لم يدرك خلالها عقل الصغير مجد أن شقيقه الثائر غادر دون عودة لاسيما بعد أن عاد مغطى الوجه دون أن يتمكن من رؤيته أو حتى أن "يقرص" وجنتيه ليسمع ثائر ضحكته المعتادة!

"ثائر أبو غزالة لما القدس ناداك.. كملت الرسالة ونحرت من عاداك" .. ترانيم أنشودة عشاق الطعن التي كان لثائر فيها النصيب الكبير، لاسيما أنه منفذ عملية طعن في قلب "تل أبيب" وصفت آنذاك بالبطولية بعد طعن مجندة إسرائيلية وإصابتها بجروح خطيرة قرب مقر هيئة الأركان الإسرائيلية، ثم خطف سلاحها واصابة ثلاثة إسرائيليين غيرها قبل أن تتمكن شرطة الاحتلال من إطلاق النار عليه.

"ثائر" أعانه اسمه إلى درجة كبيرة، فازداد الحماس بقلبه بعد أن ترك في داخله ذاك الأثر، وترك لنا ابتسامة وترانيم ثورة حين عاد لتحتضنه الأرض شهيدًا.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00