قائمة الموقع

6 أسباب تدفع باتجاه مصالحة عباس-دحلان

2016-09-01T05:19:28+03:00
عباس ودحلان
الرسالة نت-شيماء مرزوق

لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، إنما مصالح دائمة، ربما تكون هذه الكلمات أصدق توصيف للحالة الحاصلة بين رئيس السلطة محمود عباس والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، التي يشاع أنها تقترب من المصالحة بعد قرابة خمس سنوات من الحرب المعلنة بين الطرفين، والتي استخدما فيها كل أسلحتهم المالية والسياسية والإعلامية.

وكمن يتجرع السم، سيقبل أبو مازن مصالحة دحلان على ما يبدو، مدفوعا بالمصالح التي يحتاجها كل منهما من الأخر، وبالضغوط العربية التي لم تتوقف منذ أشهر لإنهاء الخلاف، الذي زاد من شرذمة وانقسام حركة فتح، وامتدت تبعاته الى خارج الأراضي الفلسطينية.

الأنباء التي تواردت عن المصالحة بين الرجلين بضغوط عربية بقيت مجرد تسريبات وتكهنات نشرت مرات عديدة سابقاً، لكن ما يدفع للقول إن الحراك حقيقي وفرص نجاحه تتفوق على الفشل، هو البيان الذي أصدرته اللجنة المركزية لفتح، التي أكدت فيه فتح صفحة جديدة مع من صدرت بحقهم إجراءات عقابية، وإعادة 13 قياديا مفصولا.

ويمكن الحديث عن ستة أسباب رئيسية تدفع الطرفين نحو المصالحة بعدما وصلت العلاقة بينهما إلى مرحلة "كسر العظم"، وتبادل اتهامات بلغت حد الاتهام بالخيانة واغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، لكن يبدو أن "عظم" الرجلين كان قاسٍ، ولم يفلح أيا منهما في إنهاء الآخر.

ويمكن البدء في سرد الدوافع والأسباب من آخرها، حيث انتخابات الهيئات المحلية في أكتوبر المقبل، والمخاوف الكبيرة المشتركة لدى الطرفين من فوز حركة حماس فيها، خاصة في الضفة المحتلة، وكان من اللافت أن خالفت فتح التوقعات واستطاعت أن تتوحد في قوائمها، وتحديداً في غزة، ما اعتبر مؤشرا مهما على التغيير الحاصل.

والسبب الثاني يتلخص في الرغبة القوية بترميم حركة فتح وترتيب أوضاعها الداخلية، وفي هذا الوقت تحديداً الذي يشهد كثافة في المبادرات السياسية المطروحة عربياً ودولياً لتسوية القضية الفلسطينية، خاصة مع دخول أطراف جديدة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي طرح مبادرة مؤخراً، بعدما بقيت في العقود الأخيرة قضية التسوية حكراً على الولايات المتحدة.

وتدرك الأطراف العربية والدولية أن ترتيب البيت الفتحاوي مدخل مهم لتسوية القضية الفلسطينية.

وتعتقد الدول العربية أن مصالحة دحلان-عباس خطوة مهمة على طريق المصالحة مع حركة حماس ويجب أن تسبقها، ويمكن القول إن هذا السبب الثالث، وهو أشبه باعتراف عربي ضمني أن ملف المصالحة بيد فتح وتحديداً عباس الذي يملك اتمامه، لكنه فضل تعطيله طوال السنوات السابقة لأهداف ورؤى خاصة.

فجنون الخصومة وفجورها الذي أظهره عباس اتجاه حماس كان من الصعب معه إتمام أي من ملفات المصالحة، خاصة أن سياسات عباس الاقصائية اتجاه غزة شملت "فتحها قبل حماسها"، وبالتالي التغيير الحاصل سيكون له تداعيات إيجابية على المصالحة الفلسطينية.

وربما يكشف السبب الرابع سوءة سابقه فالهدف من المصالحة مع حماس لن يكون إعادة اللحمة الوطنية والشراكة بقدر محاولة تحجيمها، كما أن أبرز أسباب الرضى الدولي والعربي عن دحلان والضغط على عباس باتجاه اعادته للساحة الفلسطينية هو اعتقاد هذه الأطراف انه الشخص الأكثر قدرة على محاربة المقاومة وتحديداً حماس، ومنع سيطرتها أو زيادة أنشطتها في ساحة الضفة الغربية، إلى جانب ضبط الأوضاع الأمنية ومنع تدهورها مع إسرائيل، وهذا مرده إلى خلفية الرجل الأمنية القوية.

هذه الخلفية الأمنية هي المدخل للدافع الخامس وهي التي أهلته للملف الذي تدور كواليسه بين الدول العربية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وهو خلافة أبو مازن، فيتضح من حجم الضغوط العربية أن دحلان بات المرشح العربي والدولي لرئاسة السلطة مستقبلاً، ودخول دحلان مكتب الرئاسة يحتاج إلى ترتيبات لا يمكن أن تجري وهو لا يزال مفصولا من فتح ومطرودا من فلسطين.

وتعتقد الدول العربية ان ترتيب ملف الخلافة بوجود عباس واشراكه أفضل من التحضير له في ظل غيابه خاصة لو كان قسرياً "في حالة وفاته"، ما يعني أن فرص الفوضى ستكون قائمة ولن تستطيع "فتح" أن تجمع على شخصية متفق عليه بل وستستعر الحرب بين قياداتها المتصارعة على المنصب.

ويلخص السبب السادس الرغبة القوية من الرباعية العربية "مصر-السعودية-الأردن-الإمارات" في إتمام المصالحة الفتحاوية بكل تبعاتها، ضرورة لترتيب كل الملفات في البيت الفلسطيني كمقدمة لترتيب أوضاع المنطقة العربية التي تشهد حالة غير مسبوقة من الحروب والأزمات والتحالفات السياسية والتسويات.

وتجمع أقطاب الدول العربية المذكورة على رؤية شبه موحدة في التعامل مع ملفات المنقطة وتحديداً سوريا والعراق واليمن وليبيا، وليس سراً أن هذه الدول ترى في إسرائيل شريكا حقيقيا ومهما في هذه التسوية، في مقابل أن العدو أصبحت "إيران" لكن اشراك اسرائيل والعمل معها بوضوح وقوة للوصول لتسوية شاملة في المنقطة لا يمكن أن يجري دون تسوية القضية الفلسطينية، التي تحتاج بالضرورة إلى ترتيب البيت الفتحاوي والفلسطيني.

ورغم أهمية الأسباب المذكورة إلا أن المصالحة الفتحاوية ان تمت فهي بحاجة لوقت وترتيبات كثيرة لترميم الخلاف الذي استمر لأكثر من خمسة سنوات وبلغت تداعياته مناحي خطيرة، كما أن أبو مازن المعروف بانه رجل مناور ومراوغ قد يتملص من المصالحة مع خصمه اللدود في حال جرى أي تغيير خفف من حدة الضغوط الممارسة عليه.

اخبار ذات صلة