قائمة الموقع

زنازين السلطة تصادر إنسانية "المختطفين الستة"

2016-09-05T06:25:26+03:00
صورة المختطفين الستة
رام الله-الرسالة نت

يجلس "باسل" القرفصاء داخل زنزانة انفرادية في سجن بيتونيا قرب رام الله، مستنداً على حائط خشن، فلا شيء يملكه يخفف وطأة الوحشة، وخشونة المشهد، فالفرشة المهترئة تعطى له من الساعة 12 ليلاً وتصادر منه الساعة 7 صباحاً. 

وباسل الأعرج ومعه هيثم سياج، ومحمد حرب، وسيف الإدريسي، ومحمد السلامين، وعلي دار الشيخ، اعتقلتهم أجهزة السلطة منذ نحو ستة شهور، حيث تعرضوا لتعذيب وحشي على يد المحققين، ويتم تمديد اعتقالهم دون توجيه تهم واضحة إليهم، ما دفعهم إلى إعلان إضراب مفتوح عن الطعام حتى ينالوا حريتهم.

وأشعل إضراب المختطفين الستة حراكاً لقضيتهم، في ظل تدهور مستمر في صحتهم، لا سيّما وأن بعضهم يعاني من أمراض مزمنة ومشاكل صحية.

وبدأت حكاية المختطفين منذ أن اختفت آثار ثلاثة منهم نحو عشرة أيام، عاشت خلالها عائلاتهم رعباً لا يوصف بالكلمات، وضجت قلوب أمهاتهم جزعاً من مكروه قد أصابهم، إلى أن أعلنت فيما بعد أجهزة السلطة أنهم معتقلون لديها، وبعد أيام تم اعتقال ثلاثة آخرين من أصدقائهم. وادعت أجهزة أمن السلطة، تخطيط الأصدقاء الستة لتنفيذ عملية كبيرة ضد الاحتلال، وهو ما تطابق مع ما أعلنته وسائل إعلام عبرية.

وسادت مشاعر القلق أهالي المختطفين، ومنهم "أم سعيد" التي لم تعرف طعم النوم ولا الراحة منذ اعتقال ابنها باسل الأعرج (32 عاماً)، في العاشر من نيسان الماضي، إذ بات قلبها يحترق لوعة مع إضرابه عن الطعام منذ مساء الأحد 28 آب الماضي، لاسيما أنه يعاني من مرض السكري والحصوة، وبحاجة إلى رعاية صحية وغذاء جيد.

تقول "أم سعيد" لـ"الرسالة": "باسل لا يعرف حدود زنزانته، ولا يعرف بأي جهة المكان المخصص للتبول في داخل الزنزانة، فقد صادروا منه نظارته الطبية التي لا يرى دونها".

تنهيدة طويلة مليئة بالألم، أتبعتها الأم بـ"حسبي الله ونعم الوكيل، أبناء جلدتنا وديننا يفعلون هذا بابني، ويعاقبوه حتى على إضرابه عن الطعام الذي أُجبر عليه لينال حريته، فلا حلّ أمامه هو ورفاقه سوى الإضراب".

وتشير والدة باسل إلى أن ابنها ورفاقه يعانون أوضاعاً قاسية في سجون السلطة، بدأت بتعرضهم للشبح لساعات طويلة ومنعهم من النوم، والضرب المبرح، ولم تنته بمعاقبتهم على الإضراب بعزلهم في زنازين انفرادية ضيقة.

كما يُمنع إعطاء المضربين الستة فرشة ليناموا عليها إلا في تمام الساعة الثانية عشر ليلاً، وتصادر منهم الساعة السابعة صباحاً، ويتركون طيلة الوقت بلا غطاء، حتى أن اثنين منهم وضعا في زنزانة واحدة، ويجبران على النوم في المكان المخصص لقضاء حاجتهما فيه.

وتعرض باسل لتعذيب قاس نقل على إثره لتلقي العلاج ست مرات للمستشفى، إحداها كان قلبه قد توقف من شدة التعذيب، بحسب والدته التي أضافت: "ماذا فعل ابني، وهو الشاب المثقف، خريج كلية الصيدلة، ويعمل باحثا في المتحف الفلسطيني، ومشهود له بأخلاقه وسمعته الطيبة!".

وتنقل المختطفون الستة في سجون رام الله وبيتونيا وأريحا التابعين للمخابرات، وهو ما أرهق بشكل خاص عائلاتهم الذين يتوافدون لزيارتهم من الخليل وجنين وطولكرم ورام الله وبيت لحم، كما ألحق بهم أضرار مادية ومعنوية في ظل ما يمرون به من تفتيش مذل وظروف زيارة صعبة جداً، بحسب العائلات.

أما والدة المختطف علي دار الشيخ، فلم تفارق الدموع عينيها وهي تعلم أن فلذة كبدها يتضور جوعاً في زنزانته، وترى شقيقه التوأم حمزة يتألم لألمه أمامها، ويرفض تناول الطعام أيضاً منذ أيام.

وتقول "أم محمد" والدة علي لـ"الرسالة": "علي يعاني من الربو، وحبسه داخل تلك الزنازين يشكل خطراً عليه، فهو يعاني من ضيق بالتنفس، والتهاب بالجيوب". وتتابع بصرخة ألم على حال ابنها: "الله أكبر، نحن شعب واحد، هذا ظلم، ابني مظلوم، يتم تمديده في كل مرة 45 يوماً دون أن توجه إليه تهمة، بأي قانون وأي قضاء هذا؟".

وتابعت القول: "في بداية اعتقاله والتحقيق معه، رأينا عليَّا في المحكمة وهو لا يستطيع السير على قدميه من شدة الألم الذي لحق به جرّاء التعذيب، وكان قد نقل إلى المركز الطبي عدة مرات خلال فترة التحقيق نتيجة الضرب والشبح ومنعه من النوم، كما كانوا يشتموني أنا وأخواته أمامه".

المختطف سيف الإدريسي، ليس أفضل حالاً من سابقيه، فمرضه بالقلب ووضعه الصحي الحساس لم يشفع له أمام بني جلدته من التعذيب والضرب والإهانة، حيث أشارت عائلة سيف إلى أنه يتعرض للتعذيب والعزل في زنزانة تفتقر لأدنى متطلبات الحياة، على الرغم من أنه كان قد أجرى في السابق عملية القلب المفتوح، ويعاني وضعاً صحياً حرجاً وحساساً.

وكان محامي المختطفين الستة، قد أكد أنهم تعرضوا للتعذيب في سجون السلطة، مشيراً إلى أنهم أفادوا بذلك أمام النيابة، وبعد أن انتشر خبر تعرضهم للتعذيب وما أعقبه من ضجة، توقف التحقيق معهم.

وذكر مهند كراجة أن إضراب المختطفين عن الطعام يضع باسل الأعرج وسيف الإدريسي في دائرة الخطر الشديد على حياتهما، كونهما يعانيان من أمراض مزمنة وخطيرة.

ورغم تقديم تقارير طبية تتناول الوضع الصحي لباسل وسيف، والتي تضمنت تخطيط قلب لسيف تظهر خطورة وضعه الصحي غير المستقر، إلا أن المحكمة رفضت التعاطي معها مدعية وجود خدمات صحية في السجن.

اخبار ذات صلة