قائد الطوفان قائد الطوفان

الإعلام المصري يصوب سهامه اتجاه "عباس"

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس

غزة-الرسالة نت

يبدو أنّ الأمور انعكست رأسًا على عقب؛ بعد أن ساد الاعتقاد بأنّ المصالحة الداخلية الفتحاوية قد سارت في طريقها، إلّا أنّ الخطاب الأخير لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس؛ أظهر أنّ جميع المحاولات التي توحّد الجسد الفتحاوي "باءت بالفشل".

تصريحات "عبّاس" الأخيرة التي ألقاها يوم أمس الأحد خلال فيديو بثّه تلفزيون فلسطين الرسمي؛ حذّر فيها من مغبة تدخل بعض العواصم (والتي لم يسمها) بـ "الشأن الفلسطيني والتلاعب بحق تقرير المصير" و"الاستهانة باستقلالية قراره".

وقال عباس الذي بدى منفعلاً بشدة: "يجب أن نتكلم كفلسطينيين، كفى الامتدادات من هنا أو هناك، من له خيوط من هنا أو هناك الأفضل أن يقطعها، وإذا لم يقطعها نحن سنقطعها". وأضاف: "هذا وطننا، علاقاتنا مع جميع العالم يجب أن تكون علاقات طيبة وجيدة، لكن لا أحد يملي علينا موقفاً، لا أحد يملي علينا رأياً، نحن أصحاب القرار، نحن الذين نقرر، نحن الذين ننفذ، ولا سلطة لأحد علينا".

ومن الواضح أنّ تصريحات عبّاس الأخيرة؛ أعادت الأمور إلى نقطة البداية، بعدما انطلقت رياح المصالحة بينه وبين المفصول من حركة فتح محمد دحلان بطلب عربي مشترك، من مصر والإمارات والأردن.

تُعيد نفسها

عودة إلى عام (2004)، حينما بادرت "اللجنة المركزية لحركة فتح" إلى إنجاز مصالحة بين عرفات وعباس، ورضخ الأول نتيجة الضغوط الأميركية والعربية، وصار عباس جزءًا من المشهد السياسي الفلسطيني، وفي ذلك الوقت أيضاً، كان دحلان حليفاً لعباس في قيادة ما اصطلح على تسميته "التيار الإصلاحي" داخل السلطة.

وما أشبه اليوم بالأمس، فيبدو أن الضغوط نفسها يتعرض لها عباس لإعادة دحلان إلى واجهة المشهد السياسي، خصوصاً أن الأول فقد زمام السيطرة على الملف الفلسطيني بصورة شبه كاملة، والشواهد على ذلك كثيرة، وجل التقارير الإخبارية الاسرائيلية تتحدث عن فقدان "أبو مازن" القدرة على مقاومة ضغوط كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ودولة الإمارات، من أجل إنجاز مصالحة مع دحلان.

ومن الواضح أنّ خطاب أبو مازن الأخير، أثار حنق السلطات المصرية، والتي تجنّد إعلاميّها للتعبير عن سياساتها الداخلية والخارجية.

واليوم نشرت جريدة "اليوم السابع" الموالية للنظام المصري والمقربة من القيادي المفصول من فتح "محمد دحلان"؛ مقالًا للكاتب المصري (يوسف أيوب) يسخر فيه من أبو مازن، ويقول إنه أصابه خرف سياسي، ويفقد عقله، ويواصل هواية الرقص على أجساد الفلسطينيين، ويحتمي بالتصريحات "العنترية" لينفرد بالمال والقرار".

ونشرت الصحيفة مقطع فيديو بعنوان: “محمود عباس.. من فمك أدينك” ضمن تقرير تهجم على رئيس السلطة، وقالت "اليوم السابع": إن فلسطينيين شنوا هجومًا على عباس عقب كلمته التي تحدث فيها أمس عن رفضه أي إملاء على القيادة الفلسطينية"، في إشارة إلى ضغوط "دول الرباعية العربية" (السعودية ومصر والأردن والإمارات) لإعادة دحلان وأنصاره المفصولين إلى حركة فتح.

وقدم "فيديو" اليوم السابع عبّاس على أنّه عميل لجميع أعداء الشعب الفلسطيني؛ وأنّه فرض نفسه على الفلسطينيين بديلًا للراحل ياسر عرفات.

رقص سياسي

الكاتب أيوب قال إنّ محمود عباس يجيد مهنة الرقص السياسي على كل الطاولات، "فمن الصعب أن تمسك عليه ولاء كامل لأحد، حتى للسلطة الفلسطينية التي يترأسها، فولائه الكامل لنفسه فقط". وأضاف: "يرفع شعار "أنا أولاً وأخيراً"، وتحت هذا الشعار الشخصي يتراقص يميناً ويساراً ليفوز بمحبة الجميع، والمحبة هنا قد تكون معنوية وقد تكون مادية أو بمعنى أخر مالية".

ويرى أنّ عبّاس يشير خلال جلساته العامة والمغلقة؛ إلى دول بعينها وينعتها بأقذر الأوصاف السياسية، وبعدها بيومين أو ثلاثة نراه ضيفاً على هذه الدول متغزلاً فيها وفى سياساتها دون أن نعرف ما الذي جد في الأمر ليغير من موقفها بهذه السرعة، هل الامر متعلق بمراوغات سياسية فعلاً، أم أنها مراوغات مالية"، وفق الكاتب.

واستطرد أنّ "أبو مازن القابع على رأس السلطة، رافضاً التجاوب مع كل محاولات رأب الصدع الفلسطيني بالترويج لمبررات واهية، وصل به المدى إلى ما يمكن وصفه بالخرف السياسي، فالتعالي على الجميع بمن فيهم شركائه في السلطة أصبح هو السمة الأساسية لكل تعاملاته".

وكتب أنّ "من لا يرضى عنه يطرد من جنته، والرضا هنا أمر نسبى بالنسبة لرئيس السلطة الفلسطينية، أو يمكن أن نقول أنه معيار شخصي، أفعل ما تشاء في السلطة وفى فلسطين كلها، فطالما أنك تنال رضا "أبو مازن" فأنت في الحمى "العباسية"، أما أذا غضب عليك فحتى لو كنت نبيًا فسيكون مصيرك هو الطرد".

وأوضح أنّ "تصريحات أبو مازن العنترية التي أحتفى بها حاشيته، ألمحت إلى العديد من العواصم دون أن يحددها، وإذا كانت عربية أم غير عربية، لكنه حاول من خللها إظهار نفسه أمام الجميع على أنه غاضب، وأن هناك دولاً وجهات خارجية تحاول التدخل بالقرار الفلسطيني الداخلي".

وتساءل أيوب: "عبّاس غاضب من مّن، هل فعلاً من روسيا والولايات المتحدة، أم من مصر التي ترك أعلامه يهاجمها دون سبب.. وهل هو غاضب من السعودية والامارات والأردن.. ولماذا هو غاضب فعلاً؟".

وأنهى أيوب مقاله: "لقد تعودنا جميعاً على تصريحات عنترية كثيرة من أبو مازن، لكنه لم يستطع الثبات عليها أو تنفيذها، وكان يقول بعدها أنه يراوغ الجميع، قاصداً بذلك الأمريكيين والإسرائيليين، لكنه اليوم بتصريحاته هذه لا يراوغ سوى نفسه بعدما فقد عقله".

المفارقة أنّ الهجوم الذي تعرّض له "عبّاس" جاء عقب زيارةٍ أجراها القيادي المفصول من "فتح" محمّد دحلان إلى صحيفة اليوم السابع في الثلاثين من أغسطس العام الماضي، ونسج علاقاتٍ معها، حيث تفقد أقسامها المطبوعة والموقع الإلكتروني، والمواقع المتخصصة فيها، والتقى قيادات التحرير ورؤساء الأقسام. وقوبلت زيارة دحلان آنذاك بحفاوة شديدة من رئيس التحرير خالد صلاح والعاملين في الصحيفة، وبدت الأجواء المحيطة بها وكأنها زيارة مسئول رفيع المستوى.

البث المباشر