يأتي الحديث المفاجئ عن لقاءات مرتقبة بين حركتي فتح وحماس في الدوحة قريبا لذر الرماد في العيون، ولمحاولة التغطية على قضية إلغاء الانتخابات البلدية، وهروبا من ضغوطات تمارس على رئيس السلطة محمود عباس لمصالحة غريمه السياسي محمد دحلان، خاصة وأن حركة حماس نفت أي معلومات حول تلك اللقاءات، وفق مراقبين.
ولا يخفى على المراقبين أنه لا جدوى من أي لقاءات جديدة في ظل إفشال الانتخابات البلدية، والتي تعد الملف الأسهل من بين ملفات المصالحة، فكيف سيجري حل ملفات معقدة وحساسة؟
القيادي في حركة حماس حسام بدران الموجود في قطر أكد أنه لم يجر الحديث عن لقاءات قريبة في الدوحة، وأنهم لم يبلغوا بذلك حتى اللحظة ولا مواعيد متفق عليها. وشدد بدران في تصريح خاص "بالرسالة" حرص حركته على تطبيق المصالحة، "لكن الأمر يحتاج إلى جدية من فتح"، معتبرا أن ما جرى في الانتخابات المحلية مؤخرا من ضغوط وتضيق بالضفة وقرار المحكمة العليا كلها أمور لا تعطي إشارات إيجابية في طريق المصالحة.
بدوره، أكد أسامة القواسمي الناطق باسم حركة فتح في تصريحات صحفية، وجود مساعٍ قطرية لعقد لقاء مصالحة جديد، موضحا أنه لم يجرِ تحديد موعد اللقاء بين الحركتين حتى اللحظة، لافتاً إلى أن الاتصالات مستمرة بين الأطراف المعنية لتحديد موعد يتناسب مع قيادة الحركتين.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف رأى أن حديث رئيس السلطة وقيادات من فتح عن لقاءات الدوحة، يمثل رسائل للجانب المصري، خاصة وأن لقاءات الدوحة كادت تصل لتفاهمات لكن عباس سحب الوفد الفتحاوي، وظن أن مصر ممكن أن تمارس دورا أفضل من قطر في الضغط على حماس، وفق قوله.
وأوضح أن تلك التصريحات تأتي بهدف إيصال رسائل لمصر التي تضغط عليه لمصالحة دحلان، مشيرا أن أبو مازن لو كان جاداً في المصالحة لما بقي الوضع على حاله كل هذه السنوات، لكنه يريد دغدغة الرأي العام الفلسطيني.
ورأى الصواف أن تصريحات عباس بخصوص لقاءات جديدة تتناقض مع أفعاله على أرض الواقع، مفصلاً ذلك بقوله: "هو يدعو لمصالحة تبدأ بحكومة وفاق وانتخابات، لكنه في ذات الوقف عطل إجراء الانتخابات البلدية بقرارات المحكمة المسيسة".
وحول الحديث عن ارتباط بين زيارة نائب رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية لقطر وملف المصالحة وإمكانية استغلال قطر لخدمة الملف، قال الصواف: "لا اعتقد أن اللقاءات التي تجري بالدوحة بين قيادة الحركة لها علاقة بالمصالحة كون ترتيباتها تحتاج لوقت، وهنية لن يمكث في الخارج سوى أيام معدومة، وسيعود قبل إغلاق المعبر".
وتحدثت تصريحات صحفية، أن رئيس السلطة يعطي أولوية لمصالحة حماس على مصالحة دحلان، ويسعى لتجنب الضغوط الممارسة عليه من خلال إثارة الحديث عن لقاءات مرتقبة بالدوحة.
وتوقع محللون أن إلغاء الانتخابات المحلية يصعب مهمة إنهاء الانقسام، ويزيد تعقيد الملفات الفلسطينية، وهو الأمر الذي يتنافى مع الحديث عن تقديم تنازلات فتحاوية بغرض إتمام المصالحة.
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، أن إلغاء الانتخابات المحلية وفشلها يعني فشل أي انتخابات تشريعية أو وطنية قادمة، مشيرا إلى أنها ستعمق الانقسام بين الطرفين، وستزيد التضييق من السلطة والأطراف المشاركة على قطاع غزة.
يذكر أن آخر لقاء جمع حركتي فتح وحماس في العاصمة القطرية الدوحة كان في شهر رمضان الماضي، قبل نحو ثلاثة أشهر، حيث سحبت حركة فتح وفدها مبكرا قبل انجاز التفاهمات بشكلها النهائي رغم الآمال التي سادت حينها بإنجاز المصالحة.