قائمة الموقع

فتح تستغل إيجابية خطاب مشعل وتنزه نفسها عن تصحيح المسار

2016-09-29T07:30:01+03:00
o-KHALED-MASHAL-facebook
غزة-شيماء مرزوق

حظي خطاب خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ألقاه مساء السبت الماضي في ندوة "التحولات في الحركات الإسلامية" التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة، باهتمام فتحاوي كبير.

وحاولت فتح استغلال ما جاء على لسان مشعل خلال الخطاب حول أخطاء حماس خلال السنوات الماضية، التي لخصها في أن الإسلاميين أخطؤوا خطأين أولهما المبالغة في تقدير الموقف بالنسبة للواقع، وسلوك القوى المتضررة من الربيع على المستوى المحلي والإقليمي. وأرجع مشعل هذا الخطأ إلى قلة الخبرة، وغياب المعلومة الدقيقة، والوقوع في فخ تضليل الطرف الآخر، والمبالغة في الرهان على القوى الذاتية.

أما الخطأ الثاني، فهو خلل ونقص في التعامل مع شركاء الوطن، مضيفًا “ثبت بالتجربة العملية أن الأغلبية في الصناديق مهمة، لكنها لا تكفي للانفراد بالقرار والمؤسسات”.

وبدلاً من أن تتخذ فتح ذات المنحى وتعترف بالأخطاء التي ارتكبتها على مدار سنوات تحكمها في القضية الفلسطينية استغلت إيجابية الخطاب لإظهار أخطاء حماس دون أن تحاول إجراء ذات المراجعة.

كما اعتبرت فتح أن مراجعات حماس قد تضعها على السكة الصحيحة إذا أرادت ان تستفيد منها، متجاهلة المراجعات التي تحتاجها فتح إلى تصويب مسيرتها.

وأكد فايز أبو عيطة المتحدث باسم فتح أن خطاب مشعل يعتبر مراجعة نقدية لسياسات حماس السابقة، معتبرًا أن اعتراف مشعل بمراهنة حماس على قوتها الذاتية وفشلها في أن تكون بديلا سياسيا لمنظمة التحرير والسلطة وفتح، واستسهال الحكم والسيطرة على قطاع غزة لوحدها بشكل منفرد لتكتشف بعد عشر سنوات أن الأمر عسير وليس سهلًا, يتطلب من الحركة خطوات علمية لتصويب هذه الأخطاء.

وأكد ابو عيطة على أهمية هذه المراجعات النقدية، مشددًا في الوقت نفسه عل? أن الشعب الفلسطيني دفع ثمنا باهظا لهذه التجارب الفاشلة، وأنه ليس بحاجة إل? تجارب جديدة، داعيًا إل? الاعتماد على خيار الشراكة والتوافق.

ويظهر من تعليق فتح وتفاعل عدد كبير من عناصرها وقياداتها مع تصريحات مشعل أنه مأخذ على حماس وليس نقطة إيجابية في صالحها، كونها حركة تراجع سياساتها وتعترف بأخطائها وتعمل على تصحيح مسارها.

واعتبرت فتح أن الشعب الفلسطيني دفع ثمنا باهظا لتجارب حماس التي وصفتها "بالفاشلة"، دون أن تذكر الكوارث التي حلت بالقضية الفلسطينية نتيجة سياسات فتح، خاصة اتفاقية أوسلو التي قيدت الفلسطينيين وأراحت الاحتلال من تبعات احتلاله للأراضي الفلسطينية، وما ترتب على عملية التسوية من استيطان وسرقة الأراضي، إلى جانب التنسيق الأمني الذي جعل السلطة والاحتلال يدًا واحدة في محاربة المقاومة الفلسطينية.

وتعاملت فتح مع خطاب مشعل وكأنه مدخل لمساومة حماس، خاصة عندما تحدثت فتح عن ضرورة أن تعمل حماس بمبدأ الشراكة والوحدة الوطنية التي تعطلت منذ العام 2007، والمتابع هنا لتصريحات فتح يعتقد أن الأخيرة لم تنفرد بالقضية الفلسطينية منذ ستينات القرن الماضي، واحتكرت قرار التسوية وألغت خيار المقاومة دون أن تشارك أحد القرار، كما أن الرئيس الراحل ياسر عرفات اتخذ قرار الموافقة على اتفاق أوسلو دون الرجوع إلى أي من الفصائل ولا حتى حركة فتح نفسها، وإنما كان قرارًا فرديًا بامتياز.

وربما لم تلتقط فتح الحكمة الأهم في خطاب مشعل وهي أن المراجعة لمسيرة أي حركة أمر ضروري ولا غنى عنها لتقدمها، وأن الاعتراف بالأخطاء من شيم الكبار، ويجعل أي حركة قادرة على تجاوز أخطائها وتعديل مسارها وتصويب بوصلتها, بدلاً من الإصرار والعناد الذي يتعامل به رئيس حركة فتح ليس مع خصومه السياسيين في الساحة الفلسطينية فحسب، إنما مع خصومه داخل فتح ذاتها.

ولم يلتفت عباس إلى مدى الضرر الذي لحق بحركته طوال سنوات حكمه الذي حولت الحركة إلى عدة "فتوحات"، ويصر على رفض أي مصالحة مع خصومه خاصة محمد دحلان, رافضاً الاعتراف بأن مسيرة فتح بالكامل بحاجة إلى مراجعة على كل المستويات, الداخلية والخارجية, وعلى مستوى نهجها السياسي وبرنامجها الذي لم يعد قابلا للتطبيق على الأرض بالمطلق بصورته الحالية.

وربما من النادر في تاريخ الفصائل الفلسطينية أن يخرج رئيس مكتب سياسي ليجري مراجعة شاملة علنية لمسار حركته، ما يعكس أن الحركة لا تقوم على القرار الفردي، إنما على مؤسسات واعية.

الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شماله رأي في خطاب مشعل دعوة مهمة إلى شركاء الوطن جميعهم لمراجعة سيرتهم السياسية، ومراجعهم مواقعهم التنظيمية، والإيمان بتدافع الأجيال، والاعتراف بأنهم بشر يخطئون، وأنهم قادرون على تصحيح مسارهم.

وقال "يجب أن يكون منهم القائد السابق، والرئيس السابق، وأمين عام التنظيم السابق، ورئيس المكتب السياسي السابق، شرط أن يكون اللاحق أكثر واقعية، وأكثر حكمة وقدرة على تطبيق الشراكة في فلسطين، بعيداً عن التقزز من سياسة الآخر، والتفرد بالقرار".

وتساءل أبو شمالة في مقال له "هل ستجد دعوة مشعل صداها لدى التنظيمات الفلسطينية؟ هل ستمتلك قيادة التنظيمات الفلسطينية الجرأة ذاتها التي امتلكها مشعل، ليعترفوا بأنهم أخطؤوا حين اعتمدوا سياسية البديل، وأن القضية الفلسطينية حمل ثقيل جداً، وتواجه عدواً خطيراً جداً، لا يقوى على حملها، ومواجهة عدوها إلا الكل الفلسطيني الموحد الملتزم بالشراكة والتوافق؟".

اخبار ذات صلة