شاع في الأيام الأخيرة الحديث بكثرة عن قانون "جاستا" والذي أقر من قبل الكونغرس الأمريكي، بعد تعطيل "الفيتو" الذي أطلقه الرئيس باراك أوباما ضد هذا القانون، والذي سيكون من المقدور بموجبه مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، فما هو هذا القانون؟
تعد كلمة "جاستا JASTA" اختصاراً لعبارة Justice Against Sponsors of Terrorism Act أي "العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي"، وقد أصدره الكونغرس قبل أسابيع، في خطوة لتوجيه الاتهام للمملكة العربية السعودية بالضلوع مباشرة في اعتداءات الحادي عشر من أيلول 2001.
ويعتبر هذا القانون تعديلاً على قانون مثيل صدر في العام 1967 ويعطي الحصانة لبلدان أخرى من الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة.
ولا يشير القانون صراحة إلى السعودية، لكنه سيخوّل بالدرجة الأولى ذوي ضحايا هجمات 2001 من رفع دعاوى بحق السعودية كبلد دعم بشكل مباشر أو غير مباشر المجموعة التي نفذت العملية صبيحة الحادي عشر من سبتمبر مستهدفة أبراج التجارة العالمية، في جادة مانهاتن بنيويورك.
ويشكّل قانون "جاستا" قلقاً كبيراً للدول التي تعترض على مبدأ إضعاف الحصانة السيادية، باعتباره المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين، بحسب مصدر في الخارجية الأمريكية، في الوقت الذي اعتبر فيه مسؤولون سعوديون أن القانون يضعف الحصانة السيادية و"يؤثر سلباً على جميع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة".
بنود القانون..
يتكون قانون "جساتا" في عدة مواد وفقرات، عبرت المادة الأولى عن اسمه "قانون العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي"، في حين تتكون مادته الثانية من عدة فقرات توضحه.
وتعتبر المادة الأولى، من القانون أن "الإرهاب الدولي" يعتبر مشكلة خطيرة تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، فيما اعتبرت المادة الثانية، أن الإرهاب الدولي يؤثر سلباً على حركة التجارة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره يلحق ضرراً بالتجارة الخارجية وينسف استقرار السوق ويضيق على حركة سفر المواطنين الأمريكيين إلى خارج البلاد، وعلى قدوم الزائرين الأجانب إلى الولايات المتحدة.
أما المادة الثالثة، فاعتبرت بعض المنظمات الإرهابية الأجنبية (دون أن تسميها) تنشط من خلال أفراد أو مجموعات تابعة لها في جمع مبالغ ضخمة خارج الولايات المتحدة وتوظيفها لاستهداف الولايات المتحدة.
المادة الرابعة، أوضحت، أن من الضروري معرفة الأسباب الموضوعية وأبعاد المسؤولية القانونية حول الأفعال التي تحض على تقديم المساعدة وتدعو للتحريض والتآمر تحت الفصل "113 ب" من الباب "18" من القانون الأمريكي.
المادة الخامسة قالت إن الأشخاص أو الجهات أو الدول التي تساهم أو تشارك في تقديم دعم أو موارد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لأشخاص أو منظمات تشكل خطراً داهماً وارتكاب أعمال إرهابية تهدد سلامة مواطني الولايات الأمريكية أو أمنها القومي أو سياستها الخارجية أو اقتصادها ، يتوقع جلبها للمثول أمام المحاكم الأمريكية للرد على أسئلة حول تلك الأنشطة.
واعتبرت المادة السادسة، أن لدى الولايات المتحدة الأمريكية مصلحة حقيقية في توفير الأشخاص أو الجهات التي تتعرض للإصابة جراء هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة بالمثول أمام النظام القضائي من أجل رفع قضايا مدنية ضد أولئك الأشخاص أو الجهات أو الدول التي قامت بتقديم دعم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر إلى أشخاص أو منظمات تعتبر مسؤولة عن الإصابات التي لحقت بهم.
وحسب المادة الثالثة من هذا القانون لن تكون هناك دولة أجنبية محصنة أمام السلطات القضائية الأمريكية في أي قضية يتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دولة أجنبية، نظير إصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات أو نتيجة لحالات وفاة تحدث داخل أمريكا وتنجم عن فعل إرهابي أو عمليات تقصيرية أو أفعال تصدر من الدول الأجنبية أو من أي مسؤول أو موظف أو وكيل بتلك الدولة أثناء فترة توليه منصبه بغض النظر إذا كانت العمليات الإرهابية تمت أم لا.
ومنحت هذه المادة المواطن الأميركي حق تقديم دعوى ضد أي دولة أجنبية .
ووفقاً للمادة (4) من القانون فإنه تم بشكل عام تعديل الفصل (2333) من المادة (18) من القانون الأمريكي الخاصة بالحصانة السيادية للدول الأجنبية بإضافة النص التالي "يؤثر التعديل الذي تم في هذه المادة على حصانة الدول الأجنبية تحت أي قانون آخر ، وذلك حسب تعريف هذا التعبير الوارد بالمادة 1603 من الباب (28) من القانون الأمريكي.
وتحدثت المادة (5) من القانون عن وقف الدعاوى لحين انتهاء المفاوضات مع الدول، ويقول نصها:
تملك المحاكم سلطة قضائية حصرية للبت في أي قضية تخضع بموجبها دولة أجنبية للقضاء الأمريكي، كما يحق للمدعي العام التدخل في أي قضية تخضع بموجبها دولة أجنبية للسلطة القضائية للمحاكم الأمريكية، وذلك بغرض السعي لوقف الدعوى المدنية كلياً أو جزئياً.
ومنح القانون المحاكم الأمريكية حق وقف الدعوى ضد أي دولة أجنبية إذا ما شهد وزير الخارجية بأن الولايات المتحدة تشارك بنية حسنة مع الدولة الأجنبية المدعي عليها بغية التواصل إلى حلول للدعاوى المرفوعة على الدولة الأجنبية أو أي جهات أخرى مطلوب إيقاف الدعاوى المرفوعة بشأنها.
وحدد القانون مدة إيقاف الدعوى بأن لاتزيد عن 180 يوماً، كما يحق للمدعي العام مطالبة المحكمة بتمديد فترة إيقاف الدعوى لمدة 180 يوماً إضافية.
وفي المادة السادسة أكد القانون إنه في حال تبين أن نصوص القانون أو أي تعديل تم بموجبه أو أي شرط أو أي نص باطل ، تظل باقي أحكام القانون والتعديلات التي تتم بموجبه سارية، وعدم بطلان الأحكام على أي شخص آخر يمر في حالات مغايرة.
تنديد ورفض:
القانون الجديد يفتح الباب للدول المتضررة منه أو المعنية بشكل أو بآخر الرد بالمثل ومن بينها السعودية، إذ باستطاعة هذه الدول اللجوء إلى مبدأ المعاملة بالمثل الذي يحكم العلاقات الديبلوماسية، واتخاذ اجراءات بناء عليه، الأمر الذي حذر الرئيس أوباما وكبار قادة الجيش والاستخبارات مراراً منه، حيث أن "هذا القانون لا يخدم مصالح الولايات المتحدة، ويعرض الحكومة الأميركية لقوانين مشابهة" حسب تعبيره.
وقال أوباما في مقابلة سابقة مع شبكة "سي.بي.سي" إذا "أفسحنا المجال أمام أفراد أميركيين لمقاضاة الحكومات بشكل مستمر، فإننا سنفتح الباب أمام مقاضاة الولايات المتحدة من قبل الأفراد في بلدان أخرى".
ولكن "الفيتو" الذي وضعه الرئيس أوباما على هذا القانون لم يجد نفعاً، حيث استطاع الكونغرس تمريره بالموافقة مرة ثانية بأغلبية تفوق الثلثين، من مجلسي النواب والشيوخ، ومن ثم تم إبطال مفعول فيتو الرئيس، وأصبح قانوناً سارياً بالفعل.
المصدر : وكالات