ماذا تعرف عن "حارة اليهود" بحي الزيتون بغزة؟

الزميلة أمل حبيب مع الحاج أبو زكي في حارة اليهود
الزميلة أمل حبيب مع الحاج أبو زكي في حارة اليهود

​غزة-أمل حبيب

قد يستفزك الاسم حين تسمعه وأنت تستقل سيارة الأجرة على شارع صلاح الدين شرق قطاع غزة، لاسيما بعد أن يطلب أحد الركاب من السائق أن يوصله الى "شارع اليهود"!

لن ندع الاستفزاز ينهش تفكيرك، حيث حطت "الرسالة" رحالها على عتبات الشارع شرق حي الزيتون بغزة لتنقل لك أبرز معالمه وللبحث بين طرقاته عن سبب التسمية، علها تجد إجابة بين القاطنين هناك!

جميز وقبور!

أربع درجات بإمكانك عدها وأنت تصعد نحو عتبة الشارع، رمادية اللون، تسكنها التشققات كما جدران المنازل التي تنم عن قدمها كحكاية حارة اليهود!

"الله ينكبهم اليهود نكبونا وضل الاسم للشارع" كانت الإجابة الشافية من الحاجة أم إبراهيم صباح التي استقبلتنا بابتسامة كشفت عن تجاعيد عمرها الذي وصل خريف الثمانين كما أسنانها التي سقطت ولم يبق الا واحد أو اثنان قد استبدلتهما بسبيكة فضية وأخرى ذهبية اللون!

على عتبات منزلها اسبستي السقف تجلس أم إبراهيم، عل نسمة هواء ترد الروح الى قلبها الذي يطبق عليه ضيق العيش، وتقول: "كانت مقبرة لليهود، حوالي 12 قبر كان لما سكنا بالشارع ".

لا شيء سوى ثلاث شجرات من الجميز في المكان وآثار لقبور تعود لليهود الذين استوطنوا المنطقة بعد النكبة واحتلال فلسطين، هي رواية الحاج أبو زكي الصوص 88 عامًا، الذي يبعد عن منزل جارته ست خطوات نحو الشرق.

ما بين النكبة والنكسة يعود أبو زكي الى حكم العميد المصري محمد الخفاجة الحاكم العام لقطاع غزة ابان الإدارة المصرية على القطاع، حيث قام بتوزيع أراضي على أهل غزة في شارع اليهود بعد هدم منازلهم في مناطق مختلفة من حي الزيتون للتعديات على الشارع العام وفق قول أبو زكي.

مساحة الحارة التي قدرها الحاج الثمانيني بأربع دونمات قال إن اليهودي الذي استوطنها قد باعها بـ 40 قرشا إسرائيليا بعد أن باتت مقبرة لجثث اليهود.

تجاعيد وجهه أعادتنا الى رائحة خبز "الفران" الذي اشتهرت به الحارة وشجرات الجميز التي سرعان ما اقتلعت لتحتل الحجارة مكانها والبنيان.

توسيعات الخفاجة!

أبو زكي الذي أعاده حديث "الرسالة" الى أمجاد الماضي و50 عامًا عاشها في هذه الحارة، أصر أن نجلس وإياه أمام باب منزله في حارة اليهود، بدلًا من الحديث وقوفًا.

بعد دقيقتين من الجلوس كاد الفضول أن يقتل الحاجة أم محمد أبو شحادة والتي تطل من شرفة منزلها لمعرفة زوار الحارة الذين يتبادلون أطراف الحديث مع أبو زكي، سرعان ما اقتحمت الحديث بابتسامة وكلمات ترحيبية، ثم وجهت السؤال بشكل مباشر لمراسلة "الرسالة":" ايش فيه؟".

لم نطل الإجابة على الحاجة الستينية، فكانت الإجابة بسؤالنا:" جايين نسألك يا حجة ليش سموها حارة اليهود؟".

تنهيدة بدأت بها الحديث وقالت:" بعد توسيعات الخفاجة المصري قسموا الشوارع وأعطوا الناس بدال بيوتهم، وجابونا على شارع اليهود الي كان مقبرة لليهود".

بعد نكسة حزيران عام 1967 قدم عدد من اليهود الى الحارة بحي الزيتون للمطالبة باسترداد الأرض، أو التعويض وفقًا لأم محمد، وتعلق بالقول:" بس ما قدروا علينا وضلت الأرض النا والاسم ضل متعارف عليه باسم شارع اليهود أو حارة اليهود".

وعن أبرز العائلات التي تسكن حارة اليهود كانت منها عائلة الصوص، وعوض، وجحا، والعايدي، وأبو وادي، والحج أحمد وغيرها من العائلات التي سكنت الشارع حديثًا وفق أبو زكي وأم محمد.

رحل المستوطن من هنا، وبقي الاسم "حارة اليهود"، وكأنها رسالة اعتزاز وتنبيه بأن الحق لابد أن يعود الى أصحابه يومًا ما، فلم يبق بين ثنايا الحارة الا شجر زيتون ونسائم عودة بذاكرة لن تنسى الحق أبدًا.

حارة اليهود

البث المباشر