داخل غرفة صغيرة لا تتعدى مساحتها المترين، وتحوي عديدًا من الأواني المنزلية وأدوات الرسم الخام كان الأخوان "حمدي وديما" شعشاعة يجهزان طلبات زبائنهم المختلفة، فبمجرد أن يأتي أحدهم ويطلعهما على مناسبة الهدية، يسارع "حمدي" – 29 عاما-بابتكار رسمة مناسبة ومن ثم تأخذ شقيقته "ديما" الطبق أو الكأس وتغلفه بطريقة مميزة مقابل مبلغ من المال يغنيهما عن الوظيفة الحكومية.
أنهى الشاب "حمدي" تخصص هندسة الديكور ولم يجد عملا يناسبه، فالتحق بدورة الفنون لتنمية موهبة الرسم لديه، فاشترى عددًا من الأكواب الزجاجية بعشرة شواكل ومن ثم رسم عليها وباعها في معرض حتى كسب 120 شيكلًا، حينئذ اشترى موادًا أخرى لتوسيع مشروعه البسيط.
بقي الشاب يعمل داخل بيته، بمساعدة شقيقته "ديما" التي أنهت دراستها الجامعية وطرقت أبواب العمل مثله دون أن تجد ما يناسبها، فبقيت تعمل مع شقيقها لتطوير مشروعهم الذي راح يتوسع ووصل صيته إلى خارج قطاع غزة.
الخزف والخشب
سبع سنوات هي عمر مشروع "تذكار"، حيث يلجأ كثير من الشباب أو العائلات في الفترة الأخيرة إلى طرق بابهم لأخذ هدايا مميزة سواء لأعياد الميلاد أو الزواج أو الزيارات العائلية، حيث يرسمان الشقيقان على طبق أو كوب حسب رغبة الزبون ووضع الشوكولاتة وتزينها بطريقة جذابة بسعر يتناسب مع الجميع.
تقول ديما وهي منغمسة في تغليف إحدى الهدايا:" نبتكر باستمرار كل ما هو جديد (..) ونساعد الزبائن على اختيار الهدية التي تناسب زيارتهم"، متابعة: زيادة الإقبال وتشجيع الزبائن دفعتنا إلى إضافة لمسات جديدة على عملنا.
وحينما ذاع صيت "شعشاعة" بين الزبائن، قررا استئجار محل لهما بدلا من المنزل، فكان مميزا بديكوراته الخشبية التي كانت عبارة عن "مشاطيح" تم إعادة تدويرها واستخدامها كأثاث للمكان، ويعلق الشاب على ذلك: "لا يقتصر عملنا على تغليف الهدايا والرسم على الأواني المنزلية، بل نستخدم الخشب ونعيد تدويره من جديد، عدا عن الرسم على الزجاج واستخدام الخزف الذي يأتينا من الضفة المحتلة وإدخاله في أعمالنا".
وعن المنتوجات التي عليها إقبال داخل محلهم ذي الطابع الكلاسيكي يقول:" الأواني الخزفية كـ "الصواني وفناجين القهوة"، عدا عن هدايا المواليد الصغار كأن يجلب أحد الزبائن "حفاضات البامبرز" ويتم ترتيبها بطريقة مميزة بشكل دائري وتضع داخلها مستلزمات المواليد والشوكولاتة.
وعن أول معرض لهما كان العام الماضي، الذي افتتحه السفير القطري محمد العمادي، وعن ذلك يقول "حمدي":" مساحة المعرض لم تتجاوز المترين (..) لم يصدق الزبائن أننا أصحاب مشروع تذكار كونهم اعتقدوا أن زاويتنا ستكون كبيرة مقارنة بحجم المنتوجات التي نعرضها"، متابعا: "افتتاح السفير القطري لمعرضنا كان دافعا قويا لنا لتقديم الأفضل حيث تم بيع جميع منتوجاتنا التي تحاكي جميع المناسبات الغزية".
وتقاطعنا الحديث شقيقته "ديما":" المعارض تساعدنا في الترويج لأعمالنا، فخلال أيام المعرض نبيع كل ما لدينا من منتوجات"، متابعة: "العائد المادي الذي نجنيه يغنينا عن الوظائف الحكومية أو الخاصة".
وعن تطور الهدايا تعقب من خلال عملها:" أصبح هناك تطور في اختيار الهدايا من قبل الزبائن، فبدلا من أن تأخذ ربة البيت هدية تقليدية أصبحت تلجأ إلى أخذ "صنية" مصنوعة من الخزف، بدلا من الأواني الزجاجية التي اعتادت عليها.
وحول تشجيع ذويهم، يقول "حمدي" تلقينا تشجيعًا كبيرًا منهم بهدف الاعتماد على أنفسنا، وحينما يكون لدينا ضغط في العمل تشاركني والدتي وأختي الصغيرة لإنجاز بعض القطع التي تحتاج إلى وقت، لاسيما الخاصة بالحفلات أو التي يريدها الوفود للسفر بها خارج القطاع وغالبا ما تكون مصنوعة من خشب الزيتون ومطعمة بالخزف الضفاوي".
ولا يقتصر عمل الشقيقين "شعشاعة" على ترويج أعمالهم داخل قطاع غزة، بل لديهم زبائن في الخارج كأمريكا والدول العربية وغيرها، فيعملون على إيصالها قدر المستطاع في ظل إغلاق المعابر.
وفي كلمة وجهها "حمدي" إلى الشباب قائلا:" لا تنتظروا فرص العمل، ابحثوا عن مواهبكم واعملوا على تنميتها" ليس شرطًا أن تعمل بتخصصك، هناك أعمال ومواهب بسيطة تقضي على البطالة".