قائد الطوفان قائد الطوفان

خلال ندوة في غزة

مختصون يطالبون بتشكيل مجلس لمتابعة عملية إعادة الإعمار

الرسالة-نور الدين صالح

أوصى مختصون ومتابعون لقضية الإعمار، بإنشاء مجلس إعمار تكون مرجعيته رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وبمشاركة جميع الفصائل والجهات المستقلة لإدارة ملف الإعمار، منوهين إلى أن عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة "لا تزال بوتيرة بطيئة جداً".

وأكدوا أن خطط الإعمار التي أقرتها الأمم المتحدة تشكل عائقاً أمام تسريع عجلة بناء البيوت المدمرة، لا سيما أنها لم تكن بحسب الضرر الذي لحق بالمواطنين جراء الحرب الأخيرة على القطاع.

جاء ذلك خلال ندوة عقدها مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع مركز التخطيط الفلسطيني بعنوان "عامان على مؤتمر المانحين لإعمار قطاع غزة.. بين الشفافية والرقابة والشراكة المجتمعية"، أمس الأحد في مدينة غزة.

لا شفافية

وأكد مدير المركز عمر شعبان، أن حكومة الوفاق الوطني لم تأخذ دورها في تسهيل إعادة إعمار القطاع، ما أدى إلى بقاء غزة معرضة لأي حرب جديدة. وأوضح شعبان خلال كلمة له في الندوة، أن الحكومة لا تتعامل بشفافية على صعيد الأرقام المطروحة عن الإعمار، مستدلاً بذلك أن وزارة المالية التابعة لها لم تصدر بياناً رسمياً بالأموال التي استلمتها تحت عنوان "إعادة إعمار غزة"، مشيراً إلى وجود 7200 عائلة لم يتم إعمار بيوتها حتى اللحظة.

وأضاف أن هناك جهات مستفيدة وتحصل على أرباح من خلال عملية إعادة إعمار غزة، ومن بينها "شركة سند" وهي التي تستورد الاسمنت من (اسرائيل)، لافتاً إلى أنها تتقاضى 50% على كل طن يصل غزة.

وبيّن شعبان أيضاً أن هناك شبهات لسوء إدارة في المنحة الكويتية التي تصل لغزة، ومبلغها 200 مليون دولار، مؤكداً انه لم يُصرف منها الكثير حتى اللحظة. وقال إن وزارة المالية في الحكومة فشلت في إدارة ملف الإعمار، كونها لم تقدّم أي معلومات مالية عن المنح الخاصة بالإعمار، مشيراً إلى أن غزة هي التي تحملت نتيجة الفشل، معتبراً ذلك "جريمة مقصودة".

وأضاف أن جميع الشخصيات والجهات الخاصة مغيّبة تماماً عن مسألة الإعمار وإعداد الخطط اللازمة لها، معتبراً أنه "تعتيم مقصود لإقصاء غزة عن مراقبة الأموال الخاصة بالإعمار".

وفي السياق ذاته، استنكر سياسة الأمم المتحدة في التعامل مع الإعمار، مشدداً على أنها فرضت نفسها كسمسار لمحاصرة غزة بدلاً من الاحتلال، "وتحولت من مؤسسة لتأسيس السلام إلى شركة مقاولات لإدارة الإعمار"، وفق قوله، متهماً إياها باحتلال القطاع.

المتغيرات الإقليمية

بدوره، قال مدير مركز التخطيط الفلسطيني خالد شعبان، إنه بعد مرور عامين على مؤتمر المانحين في القاهرة، لا زلنا أمام إشكالية كبيرة تتمثل بوجود أعداد كبيرة من البيوت المهدمة حتى اللحظة.

وأضاف في كلمة له خلال الندوة، أن هناك عددًا من المتغيرات الاقليمية أصبحت أكثر تعقيداً وتحظى باهتمام من المجتمع الدولي، أكثر من القضية الفلسطينية، وهو ما دفع إسرائيل إلى التفرد بملف الإعمار.

وأكد أن (اسرائيل) تسعى لخلق كيان خاص بها للمس بالأمن الفلسطيني، مشيراً إلى أنها وضعت شروطاً على المعابر التي يتم من خلالها إدخال المواد اللازمة لإعادة الإعمار.

وذكر أن النظام المتبع لإعادة الإعمار وضع الشعب الفلسطيني رهينة في يد (اسرائيل)، منبها إلى أن الاستمرار بهذا النهج سيؤدي إلى خلق إدارة فلسطينية جديدة.

وشدد شعبان على ضرورة رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وتسريع عجلة الإعمار، لتفادي وقوع كارثة إنسانية جراء عرقلة إعمار البيوت المدمرة، داعيا إلى تسليط الضوء على معاناة المهدمة بيوتهم من أجل نقل معاناتهم إلى جميع دول العالم.

التحديات السياسية

وفيما يتعلق بالتحديات السياسية التي تواجه عملية الإعمار، قالت عبير ثابت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة: "إن اشتراط الدول المانحة بضرورة إشراف حكومة التوافق على مِنح الإعمار دون تدخل حماس فيها جعل قضية الإعمار تراوح مكانها".

وبحسب ثابت، فإن التحدي الثاني يتمثل في اشتراط اسرائيل بوضع آلية أمنية تمنع وصول مواد البناء للفصائل وخاصة حماس بحجة بناء الأنفاق، وهو ما يعرف بخطة "سيري". وأشارت إلى أن خطة سيري كلفت 500 مليون دولار من مبالغ الإعمار بما يعادل 18.5%، معتبرةً الانقسام الفلسطيني التحدي الأصعب الذي يقف في وجه إعادة الإعمار.

وطالبت بضرورة التوافق على خطة وطنية تنموية، لدعم الاقتصاد والنهوض به بما يتواءم مع متطلبات الشعب، مشددةً على ضرورة وجود ضمانات دولية تُجبر "إسرائيل" على عدم خوض حرب أخرى.

وأيد مازن العجل الباحث والخبير الاقتصادي سابقته، مؤكدا عدم التزام الدول المانحة بما تم الاتفاق عليه حول إعادة الإعمار.

وأوضح العجلة، أن ما تم الالتزام به من أموال الدول المانحة يصل إلى 40% من الأموال المتفق عليها، فيما أُنفق منها 38% للمتضررين، ونصف تلك النسبة للبنية التحتية، لافتا إلى أن ما وصل إلى إعادة إعمار البيوت هو "الفتات". وأشار إلى أن 251 مليون دولار ذهبت للتمويل العام الخاص بالأونروا، فيما وصل 89 مليون دولار للكهرباء، و612 مليون توجهت للأضرار، ونصف ذلك المبلغ للبنية التحتية.

وبيّن أن مجموع ما دخل قطاع غزة من مواد بناء يغطي 68% مما تم تدميره خلال الحرب الأخيرة، منبهاً إلى تناقص كميات الاسمنت الواردة لغزة في عام 2016، أكثر مما كانت عليه في 2015. ولفت إلى أن عدد موردي الاسمنت في غزة تقلّص من 194 إلى 113 بسبب آلية سيري التي شطبت بعض الأسماء.

البث المباشر