الجرح الفلسطيني ما زال ينزف ولم يلتئم بعد منذ صدور وعد بلفور المشؤوم في الثاني من نوفمبر عام 1917م، ولا يزال العدو الصهيوني يرتكب جرائم القتل والاعتقال والتدمير بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.
إن وعد بلفور المشؤوم جريمة تاريخية لا تغتفر بحق الفلسطينيين والعرب، حيث عمل الاستعمار على زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي خنجرا مسموما قسم الوطن العربي ومنع قيام أية وحدة عربية إسلامية على مساحة جغرافية واحدة.
إن جريمة وعد بلفور لا تسقط بالتقادم من الذاكرة الفلسطينية ولا تسقط من ذاكرة التاريخ العالمي؛ إن هذا الوعد التاريخي المشؤوم الذي منح أرض فلسطين لليهود ومن ثم مهد الطريق أمام اليهود لاحتلال أرض فلسطين هو من مآسي التاريخ الكبرى، حيث مكن الاحتلال البريطاني الصهاينة من الاستيلاء على فلسطين وإقامة المستوطنات عليها، وإقامة الجمعيات اليهودية، كما جعل الاحتلال البريطاني الأبواب مفتوحة أمام الهجرات اليهودية إلى أرض فلسطين، في المقابل شدد الاحتلال البريطاني من قبضته على الفلسطينيين وقتل الآلاف من أبناء شعبنا خلال سنوات الاحتلال وزج بالمئات بالسجون، ولا ينسى تاريخ فلسطين أحكام الإعدامات التي نفذها البريطانيين بحق الفلسطينيين في ثلاثينات القرن الماضي، ولا ينسى التاريخ كيف ساعد البريطانيين اليهود في احتلال أرض فلسطين، وكيف تم تدريب العصابات الصهيونية في الجيش البريطاني على اقتحام المدن والقرى وقتل ساكنيها .
لقد جر وعد بلفور المشؤوم الويلات والجرائم على شعبنا الفلسطيني، ومنذ أن تم منح الصهاينة هذا الوعد وتتواصل مخططات القتل والتهجير والاستيلاء الصهيونية على أرضنا الفلسطينية، وقد استمر اليهود منذ صدور الوعد عام 1917م وحتى عام 1948م وهم يحيكون المؤامرات والمخططات الإجرامية على الفلسطينيين إلى أن استطاعوا إعداد قوة عسكرية وجيش كبير في مواجهة الجيوش العربية، ودمر الصهاينة القرى الفلسطينية وتهجير سكانها الفلسطينيين وإحلال الصهاينة مكانهم.
رغم مرور 99 عامًا على صدور وعد بلفور المشئوم لا يمكننا أن ننسى أرضنا وتاريخنا وثوابتنا وحقوقنا المشروعة، ولن نتنازل عن أي شبر من أرض فلسطين، وسندافع بكل قوتنا عن أرضنا الفلسطينية.
إن الجريمة التاريخية لبريطانيا في منح اليهود وعد بلفور لا تغتفر وتلقي عليها مسؤوليات كبيرة تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني وتجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم 7 مليون لاجئ وهؤلاء اللاجئون من حقهم العودة إلى أرضهم وديارهم المغتصبة ومن حقهم التعويض على هجرتهم لأرضهم، ويجب على بريطانيا أن تكفر عن خطيئتها وجريمتها بحق شعبنا الفلسطيني.
إن الكيان الصهيوني على الرغم من مرور 99 عاما على وعد بلفور يواصل جرائم سرقة الأرض وبناء الوحدات الاستيطانية، فقد كشفت المصادر العبرية عن نية الكيان الصهيوني بناء (181) وحدة استيطانية في مستوطنة ( جيلو) جنوب مدينة القدس المحتلة بالإضافة إلى مشروع بناء تنظيمي شامل في مستوطنات جنوب القدس يسمح لمزيد من التوسع الاستيطاني في هذه المستوطنة، كما تواصل سلطات الاحتلال هدم المنازل في الأحياء المقدسية وتكثف من النشاطات الاستيطانية في مستوطنات الضفة وجنوب الخليل وتواصل ضم المئات من الدونمات في مدن الضفة المحتلة.
وإطلالة قصيرة على الكيان الصهيوني بعد مرور 99 عاما نجد أن صورة الكيان الصهيوني تغيرت في العالم وبدأت بالتراجع، وأن الأوضاع الداخلية في الكيان تشهد تدهورا كبيرا خاصة التدهور الأخلاقي والقيمي في المجتمع الصهيوني وانتشار الجرائم الداخلية وانتشار المخدرات بين الشباب، كما أن هناك عزوفا كبيرا وسط الشباب الصهاينة في الالتحاق بصفوف الجيش الصهيوني، كما أن حركات المقاطعة للكيان في أوروبا تشهد حراكا واسعا.
إن الكيان العبري الذي لا يستطع خوض الحروب طويلة الأمد مع العرب، فقد تغيرت معادلة الصراع بامتلاك المقاومة الفلسطينية صواريخ تصل مداها إلى قلب المدن الصهيوني، فالتطور في القوى العسكرية لدى المقاومة الفلسطينية يجعل الكيان يفكر ألف مرة قبل خوض أي معركة عسكرية مع قطاع غزة، كما أن الكيان يخشى من فتح جبهات عسكرية على حدود الكيان مع لبنان، ويسعى دوما إلى الحفاظ على الهدوء وعدم خوض أية حرب جديدة، كما أن حدود الكيان الصهيوني تشهد انحسارا كبيرا وحتى أن مستوطناته محاطة بجدران إسمنتية، ولم تعد حدود الكيان هي حدود قدم الجندي الصهيوني، فاليوم حال الكيان الصهيوني في تراجع وانحسار لذا هو يسعى إلى امتلاك القوة العسكرية المفرطة للحفاظ على كيانه من الانهيار .
إن مرور 99 عامًا على وعد بلفور المشؤوم يفرض مسؤوليات كبيرة على المجتمع الدولي الذي يرفع شعار الحريات وحقوق الإنسان وعدم الاعتداء على الآخرين، بضرورة إجبار الكيان الصهيوني على وقف جرائمه بحقه شعبنا الفلسطيني والعمل على إنهاء هذه الاحتلال عن أرضنا الفلسطينية، كما تلقى ذكرى وعد بلفور المسؤوليات الكبيرة على الأمة العربية والإسلامية بضرورة زيادة الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني من أجل الوقوف في وجه المخططات الصهيونية وإنقاذ الأرض الفلسطينية من الاستيطان.