يمعن الاحتلال (الإسرائيلي) للعام العاشر على التوالي في حصاره لقطاع غزة، لا سيما الحصار البحري منه، فعلى مدار الساعة تواصل الزوارق الحربية انتهاكاتها بحق الصاديين الفلسطينيين من إطلاق نار واعتقالات وتحجيم مساحة الصيد المسموحة بمناطق تعتبر فقيرة بالأسماك أصلا.
وتسمح زوارق الاحتلال للصيادين بالدخول إلى مسافة ستة أميال، ومع ذلك لا تترك العمل لهم بحرية داخلها؛ بحجة أن الصيادين لا يلتزمون بالمسافة المحددة لهم، إلا أن الانتهاكات التي يرتكبها جنود الاحتلال تكّذب ذلك، فمعظم هذه الانتهاكات تحدث في المناطق القريبة المسموح بالصيد فيها.
وأعلن الاحتلال (الاسرائيلي) أواخر الشهر الماضي عن توسعة مساحة الصيد في بحر غزة إلى تسعة أميال ابتداء من يوم الخميس الماضي، إلا أنه اعلن عن تأجيل هذا القرار لأجل غير مسمى بشكل مفاجئ !.
ولم تكن المرة الأولى التي يتحدث فيها الاحتلال عن عزمه توسعة مساحة الصيد إلى تسعة أميال والغائها، وكأنه يريد فرض حرب نفسية على الصيادين الفلسطينيين غير مكتفي بحرب الانتهاكات التي يمارسها عليهم في عرض البحر.
يشار إلى أن الاحتلال قد أعلن عن السماح بتوسيع مساحة الصيد بعد الحرب (الاسرائيلية) الأخيرة على القطاع عام 2014إلى 12 ميلاً بحرياً، إلا أنه تراجع عن قراره.
وعاد الاحتلال السماح للصيادين بدخول مسافة تسعة أميال في النصف الجنوبي من القطاع بدءًا من وادي غزة وانتهاءً برفح خلال شهر مارس الماضي وابقاء مسافة الصيد في الجزء الشمالي ستة أميال ثم أعاد العمل بالستة أميال على طول الساحل في التاسع من يونيو الماضي.
ولم يتفاجأ الصياد الفلسطيني محمود ماهر من القرار الأخير بإلغاء الدخول لمسافة تسعة أميال، ويقول "إن هذه المنطقة التي كان سيسمح الاحتلال بدخولها تعتبر غير كافية وشحيحة بالأسماك كونها ذات تربة رملية لا تعيش عليها الأسماك المعمرة ومشابه تماماً لمسافة الستة أميال".
ويرى ماهر أن الاحتلال يعلم تماماً أن هذه المنطقة لا تجلب الصيد الوفير لهم لذلك يسمح بالدخول اليها بعد تسويق الخبر عبر وسائل الاعلام في إشارة إلى محاولته تخفيف الحصار البحري عن القطاع.
وتحدث الصياد الأربعيني "للرسالة نت" عن معاناتهم داخل البحر والتي لا تقتصر فقط على ممارسات الاحتلال القمعية ضدهم، حيث يشكل شح كمية الأسماك المصطادة داخل مسافة 6 أميال معاناة أخرى.
ويضيف "بعد رحلة طويلة من التعب بالكاد يستطيع أن يوفر قوت يوم أسرته، هذا إن لم يعود بخفي حنين؛ بسبب تكاليف رحلة الصيد الباهظة الذي يذهب معظمها ثمناً للمحروقات التي يستهلكها مولد مركبه".
ولم تتجاوز مطالب الصياد صاحب البشرة السوداء، أكثر من توسعة مساحة الصيد إلى 12 ميلاً على طول مسافة ساحل قطاع غزة، ووقف انتهاكات الاحتلال القمعية ضدهم.
بدوره أعرب نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش عن خيبة أمل الصيادين، بعد الغاء الاحتلال قرار توسعة الصيد.
وقال عياش في حديثه "للرسالة نت" :"رغم إن مسافة الصيد التي ألغى الاحتلال قراره بالدخول لها غير كافية إلا أنها قد تعطي تحسناً طفيفًا على كمية الاسماك المصطادة؛ نظراً لأن الصيادون يمرون بموسم التَشرين الذي يعتبر من أفضل مواسم الصيد".
وأضاف عياش "المسافة الكافية لحل أزمة مهنة الصيد في قطاع غزة هي 20 ميلاً بحرياً والتي نصت اتفاقية أوسلو بالسماح للوصول اليها، وتوفير معدات الصيد الحديثة التي يمنع الاحتلال دخولها لغزة".
وطالب عياش الجهات الدولية بالضغط على الاحتلال لوقف الانتهاكات القمعية التي تمارس على الصيادين، والتي كان أخرها اعتقال ستة صياديّن ومصادرة مركبتين إلى ميناء اسدود.
والجدير ذكره، أن نحو 4 ألاف صياد يعيلون 50 ألف فرد يعملون بشكل شبه يومي في مهنة صيد الأسماك، بحسب احصائيات نشرتها نقابة الصيادين، إلا أنها تشهد تراجعاً ملحوظٍ نتيجة شح الأسماك وانتهاكات الاحتلال في بحر غزة.