قائد الطوفان قائد الطوفان

البطيخ.. أولى خطوات الاكتفاء الذاتي لقطاع غزة

غزة-  كمال عليان

مع شروق الشمس يرتشف الحاج أبو خالد عبد الحي فنجانا من القهوة وهو يجلس أمام خيمة البطيخ المجاورة لمنزله في منطقة النصر وسط غزة التي بناها من القماش "مؤقتا" حتى ينقضي موسم البطيخ الحالي.

ويشهد موسم الصيف هذا العام في قطاع غزة إنتاجاً وفيراً من محصول البطيخ المنتج محليا بأيد فلسطينية، في محاولة للوصول إلى حد الاكتفاء الذاتي.

ويقول أبو خالد (45عاما) وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة بينما انشغل ابنه رائد بترتيب ثمرات البطيخ بشكل هندسي رائع "هذا الموسم ممتاز والبطيخ فيه كثير وأرخص من أي عام مضى".

فائضا منه

وبينما يزن البطيخ لأحد الزبائن يوضح أبو خالد أن العام الحالي يشهد فائضا من البطيخ والشمام، متوقعا أن يصل القطاع إلى حد الاكتفاء الذاتي.

ويقول أبو خالد:" نشتري البطيخ من التجار الكبار الذين يملكون عشرات الدونمات من البطيخ جنوب القطاع، مشددا على ضرورة العمل الجاد من قبل الحكومة حتى تخفف عن المواطنين والبائعين من خلال الزراعة والابتعاد عن الاستيراد خصوصا في ظل الحصار.

وحول زراعة البطيخ أوضح أنه يتم زراعته في بداية العام عن طريق "الشتلة" في بيوت بلاستيكية كبيرة جدا، نظرا لأنه نبات صيفي يحتاج إلى درجات حرارة عالية للنمو, مبينا أن البطيخ يبقى داخلها حتى ينضج في بداية الربيع أي تقريبا في شهر مايو ويباع في الأسواق.

وأضاف في حديث لـ"الرسالة" إن القطاع يشهد حاليا فائضاً في محصول البطيخ، مبينا أن سعره انخفض كثيرا حتى وصل ثمن الكيلو الواحد إلى ما يقرب شيقلا واحدا فقط، شاكرا وزارة الزراعة على جهودها في حماية المنتج الوطني.

الأكثر إنتاجا

وأما البائع أبو نهاد محمد من منطقة بيت لاهيا شمال القطاع، فقد اتفق مع سابقه أبو خالد في أن القطاع يشهد فائضا من الإنتاج في البطيخ، وأن العام يختلف تماما عن الأعوام الماضية التي كان يتم فيها استيراده من (إسرائيل).

ويضيف أبو نهاد لـ"الرسالة": "يبدو أننا نسير في الطريق الصحيح من حيث الاكتفاء الذاتي وأعتقد أننا بحاجه له"، نافيا كافة الإشاعات المنطلقة لتدمير المحصول الوطني حسب قوله.

ويتابع:" البطيخ نزل إلى الأسواق هذا العام مبكرا وفي نفس الوقت رخيصا من بداية الموسم على عكس الأعوام الماضية"، متمنيا أن يكسر الحصار حتى يرخص كل شيء وتعود المياه لمجاريها.

وأوضح أنه في بداية الموسم كانت هناك إشاعات كثيرة بأن المحصول مرشوش بمبيدات مسمومة، الأمر الذي أدى إلى ابتعاد الناس عن شراء البطيخ، مبينا أن سبب هذه الإشاعات هم الصهاينة نظرا لأن الموسم نجح نجاحا باهرا وبالنسبة التي كنا نستورده من (إسرائيل).

وشنت عدد من المواقع الالكترونية حملة إعلامية شرسة كان هدفها إفشال هذا المشروع والموسم الذي يعتبر الخطوات الأولى في المشروع الأكبر وهو "الاكتفاء الذاتي".

30 ألف طن

بدورها نوهت وزارة الزراعة إلى أن إنتاج قطاع غزة من البطيخ والشمام هذا العام فاق 30 ألف طن، معتبرة أن ذلك جاء نتيجة لقرار الوزارة للعام الثاني على التوالي بمنع استيراد البطيخ والشمام، الأمر الذي شجع المزارعين والجمعيات والشركات الاستثمارية علي توسيع المساحات المزروعة والاعتناء به بشكل أوسع وأفضل.

وأكدت وزارة الزراعة في بيان لها أنها وضعت خطتها الإستراتيجية للتنمية الزراعية المستدامة سعياً منها لتحقيق الأمن الغذائي ولو بشكل جزئي ولسد الفجوة في كافة المحاصيل، مشددة على أنها ستسير في سياستها وخطتها رغم كل المضايقات والشائعات التي تستهدف الأمن الغذائي للشعب الفلسطيني.

وطالبت وسائل الإعلام المختلفة وكافة الباحثين والمهتمين وذوي العلاقة بالقطاع الزراعي إلى مساعدتها في التصدي للهجمة الصهيونية على القطاع الزراعي، معتبرة أن تساوق "المواقع الصفراء" مع الحملة الصهيونية دليل عدم الوطنية.

إشاعات مبرمجة

 بدوره اعتبر م. محمود البنا مدير عام الإدارة العامة والإرشاد بوزارة الزراعة أن كل ما الاشاعات حول البطيخ ومضاره والتسمم وغيرها من الأمور مجرد إشاعات مغرضة لضرب الموسم المحلي، مشيراً إلى أن البطيخ هذا العام إنتاج محلي تم خلاله مقاطعة المنتجات الصهيونية لأول مرة.

وقال البنا في حديث لـ"الرسالة" :"إن الخطة التي وضعتها الوزارة ساهمت في توفير فرص عمل للعديد من المواطنين.

وعن موضوع البطيخ المتأثر "بالفوسفور" نتيجة القصف الصهيوني أشار البنا إلى أن الأراضي التي قصفت أو حتى ثبت في التحليل المخبري أنها تحتوي على إشعاعات يمنع التجار من الزراعة فيها تماما".

وأوضح أن الحكومة الفلسطينية حيدت كافة الأراضي الحدودية التي تتعرض للقصف من الزراعة ولا توجد مزروعات فيها وهذا ينفي ما يروج مؤخراً أن البطيخ في الشمال يحتوي على مواد مسرطنة.

وسخر البنا من الحديث حول استخدام "سم الفئران" لتكبير حجم البطيخ تهكم البنا عن الموضوع المنتشر في القطاع، مستغرباً عن مصدر الخبر الذي لا أساس له من الصحة، مشيراً إلى أن البطيخ هذا العام في متناول الجميع حيث يبلغ سعر من 15-12 كيلو ب10 شيكل .

 وتمنى مدير عام الإدارة العامة والإرشاد بوزارة الزراعة أن تتوقف كافة الإشاعات لأن البطيخ سليم مائة بالمائة ولا يوجد ما يشوه موسم البطيخ لهذا العام متحدياً أن وصلت حالة تسمم للمشافي بسبب البطيخ.

لا حالات تسمم

وفي ذات السياق، اعتبر د. فؤاد العيسوي مدير الإدارة العامة والرعاية الأولية بوزارة الصحة الفلسطينية إلى أن المستشفيات لم تصلها أي حالة من حالات تسمم البطيخ، مشيراً الى أنه ليس كل حالة مغص أنها حالة تسمم بسبب البطيخ .

وكشف العيسوي عن وقوع حادثة في أروقة وزارة الصحة بأن قام أحد التجار بالتشكيك بسلامة بطيخ أحد المزارعين لرفضه خفض سعره مما دفعه لتقديم شكوى ضده، موضحاً أن الوزارة قامت بتحريز كمية البطيخ كاملة المشكوك بها وتم إرسال العينة إلى مختبر التحليل بجامعة الأزهر للتأكد من الموضوع .

دقائق معدودة تواصلنا خلالها مع البائعين ووزارتي الزراعة والصحة كانت كفيلة لتؤكد لنا أن قطاع غزة ماض في طريقه رغم الحصار المفروض عليه وأن هناك العديد من أبناء الجلدة يغتاظون كلما نجح القطاع في شيء حتى لو كان "بطيخا".

البث المباشر