تتجه الأنظار إلى إقليم رفح الفتحاوي، باعتباره الإقليم الثامن والأخير في قطاع غزة الذي لم يتم فيه عقد المؤتمر الانتخابي الداخلي لحركة فتح حتى الآن، وذلك بعد أن انتهت الهيئة القيادية العليا للحركة في غزة من عقد انتخاباتها في الأقاليم السبعة الأخرى، تمهيدا للمؤتمر العام السابع المزمع عقده في رام الله نهاية الشهر الحالي من العام الجاري.
يذكر أن الانتخابات الداخلية لفتح وخاصة في رفح، شهدت عراكا حادا بين أنصار القائد العام للحركة محمود عباس من جهة، وأنصار المفصول من الحركة محمد دحلان من جهةٍ أخرى، ووصل في بعض الأحيان إلى الاشتباك بالسلاح الناري.
وتعجز حركة فتح -حتى اللحظة-عن عقد مؤتمرها الداخلي في رفح، خشية من فوز الموالين لدحلان، حيث صرح بذلك مصدر فتحاوي خاص لـ "الرسالة"، معرباً عن خشيته من لجوء قيادة فتح إلى تكليف أعضاء إقليم رفح إذا ما تعذر عليها عقد المؤتمر الانتخابي في المدينة قبل المؤتمر السابع.
وذكر المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه وموقعه التنظيمي، أن إقليم رفح بالتحديد مُتهم بأنه من أقوى الموالين لدحلان، وهناك تخوفات لدى قيادة فتح المركزية من الذهاب باتجاه أية انتخابات تُفضي إلى فوز من يسمونهم "المتجنحين"، مؤكداً أن بعض أعضاء الإقليم الحاليين في رفح يعملون على إعاقة المؤتمر الانتخابي لأنه لا يصب في مصلحتهم وفي طموحهم بالبقاء على رأس قيادة الإقليم.
وأوضح أن هناك محاولات مكشوفة للمناورة والتضييق للحد من مشاركة الكثير من أعضاء فتح في المؤتمر، وذلك لقطع الطريق أمام مشاركة الموالين لدحلان، لافتاً إلى أن الحديث يدور عن مشاركة 180 شخص فقط من أعضاء الإقليم والمناطق وبعض الصفات الاعتبارية بعد أن كانوا 1000 شخص.
يشار إلى أن اقليم رفح يتشكل من 17 عضوا، يتم انتخابهم من 12 منطقة جرت في معظمهما الانتخابات، ولم يتبق سوى المنطقتين الرئيسيتين والأكبر وهما منطقتي أبو يوسف النجار(الشابورة) وكمال عدوان(الجنينة).
ويرى المصدر أن كل التحضيرات المزعومة التي تجري حالياً من قبل القائمين على مؤتمر إقليم رفح "هي سيناريوهات وهمية تتمثل في اجتماعات وتداول أسماء ليس أكثر"، مؤكداً أن الأمور تسير باتجاه تكليف أعضاء الإقليم بحجة أن الوقت لم يسعفهم لإجراء الانتخابات قبل عقد المؤتمر العام السابع.
وقال المصدر " قياد فتح تستنزف الوقت والطاقات لإضاعة فرصة عقد انتخابات اقليم رفح، حيث أن الخطة الموجودة هي التكليف، ولكنهم يتذرعون بحجج واهية وبافتعال مشكلات، علماً أن النظام الداخلي للحركة يتضمن في بنوده أنه في حال تعثر الانتخابات يتم اللجوء للتكليف".
وشدد المصدر الفتحاوي على أن الموالين لدحلان لن يصمتوا كثيراً إزاء كل هذا التسويف والمماطلة، وسوف يدافعون عن الاستحقاق الانتخابي الذي ينتظروه منذ عشر سنوات، موجهاً سؤاله لقيادة فتح في رفح " لماذا كل هذا الانتظار وأنتم أسياد الموقف، ولماذا لا يكون لديكم مبادرة، أم أنكم تنتظرون التعليمات من فوق؟".
وفي غمرة المعلومات والاتهامات السابقة، فقد رفض جلال شيخ العيد أمين سر إقليم فتح في رفح، الرد أو الإدلاء بأي تعقيبات، معتبراً في حديثه المقتضب لـ "الرسالة" أن ذلك شأناً داخلياً ولا يتم الحديث فيه إلا ضمن الأطر التنظيمية العليا للحركة فقط!".
ورغم أن صراعات "الشأن التنظيمي لفتح" طافية بوضوح على السطح، إلا أن شيخ العيد أصر على ألا تطفو من خلاله قائلاً: " تخرج الخلافات من أيما تخرج، ولكن لا تخرج على لساني، وبالنهاية لدينا أطر تنظيمية قيادية أعلى منا، ونحن ملتزمين بأي قرارات تصدر عنها".
وحول ما إذا كانت حركته ستتجه لتكليف أعضاء إقليم رفح إذا من استنفذها الوقت قبل المؤتمر العام، فقد اكتفى الشيخ عيد بالرد "الله أعلم، لأننا لسنا أصحاب القرار ولسنا مخولين بالتصريح"!، على حد تعبيره.
من ناحيته، أقر إبراهيم أبو النجا عضو الهيئة القيادية العليا لفتح في غزة، بأن مؤتمرات أقاليم فتح في غزة لم يتم إنجازها كلها بعد، مشيراً إلى أنه جاري التحضير والإعداد لعقد المؤتمر الأخير لإقليم فتح في رفح بأقرب فرصة، نافياً أن يكون هناك عقبات تعيق عقده.
وذكر أبو النجا لـ "الرسالة" أنه ليس معروفاً بعد عدد الأعضاء الفتحاويين المشاركين من غزة في المؤتمر العام، حيث سيتم تحديدهم خلال اليومين القادمين، مؤكداً أن هناك اتفاق بين حركته وحركة حماس بالسماح للمشاركين في المؤتمر بالخروج من قطاع غزة للضفة الغربية.
وأكد أنه لا توجد محاصصة في المؤتمر الفتحاوي بين غزة والضفة، معتبراً أن المؤتمر العام سيد نفسه وسيناقش كل القضايا المطروحة سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.. الخ.
وزعم أبو النجا، أن حركته لا تعاني من مشكلات كما يصورها الشارع وشبكات التواصل، مردفاً " فتح بخير ومتماسكة وستذهب للمؤتمر بكامل قوتها وهيئاتها الانتخابية، وسيكون فيه تمثيل لكل القطاعات والمؤسسات ولكل أبناء التنظيم، وآخر محطة فيه سيجري انتخاب قيادة للجنتين المركزية والثوري".
وتابع أبو النجا "المؤتمر سيد نفسه، حيث ستؤخذ القرارات بالأغلبية دون فرض رأي أي شخص أو جهة على الآخرين أو على المؤتمر(..) القضايا كلها ستُطرح وتُناقش عبر اللجان المختصة، ثم تعود لجان المؤتمر إلى مناقشة التوصيات التي تضعها هذه اللجان، وإذا ما أقرت فسوف تُصبح قرارات".
أما القيادي الفتحاوي يحيى رباح، فقد أكد هو الآخر لـ "الرسالة" أن عدداً كبيراً من قطاع غزة سيشارك في المؤتمر الفتحاوي، مشيراً إلى أن للقطاع نسبة محددة من أعضاء الأقاليم وأمناء السر وأعضاء في هيئات قيادية فتحاوية أخرى كثيرة.
ورفض رباح أي محاولات لإفشال المؤتمر من قبل المعترضين على عباس من داخل الحركة، قائلاً " ليس هناك دولة عظمى قادرة على إفشال هذا المؤتمر، ومن يدعي أنه يستطيع أن يفشله، فهذا نوع من الهوس وغير منطقي على الإطلاق"، متسائلاً "هل هؤلاء المعترضين داخل إطارات فتح أم خارجها منذ سنوات.. وإذا كانوا خارجها فكيف لهم أن يحضروا؟". وأضاف "تتكون عضوية المؤتمر من الحاضرين في الإطارات ولهم نسب معينة وأتوا من خلال مواقعهم الحركية، وليس من الخارجين عن نظام الحركة"، في إشارة إلى واضحة إلى المفصولين من الحركة وعلى رأسهم دحلان.
يشار إلى أن قيادات عدة في فتح، حذرت أنه في حال تم عقد المؤتمر الفتحاوي السابع، فإن كوارث عدة ستصحبه وستكون من أهم مفرزاته، إصرار عباس على عقد المؤتمر بدون إنهاء انتخابات كافة الأقاليم التنظيمية، واستبدال الانتخابات بالاختيار والتكليف مما سيخلق أزمة معقدة ومركبة تضاف إلى جملة الأزمات التي تعيشها الحركة.