قائمة الموقع

أبو الغيط وموسى والعربي.. خذلوا عرفات وأسسوا متحفه!

2016-11-14T07:26:58+02:00
صورة اثناء افتتاح متحف عرفات
غزة-أحمد الكومي

زيارة وفد الجامعة العربية الذي ضمّ الأمين العام الحالي أحمد أبو الغيط، وسابقيه في المنصب نبيل العربي وعمرو موسى؛ إلى رام الله، بحجة المشاركة في افتتاح متحف الرئيس الراحل ياسر عرفات، تدعو للدهشة، إذا ما جاز السؤال عنهم حين كانت الدبابات الإسرائيلية عام 2004 تحيط بعرفات، إحاطة السوار بالمعصم.

هذه المقارنة تعتبر واجبة من أجل تقدير حقيقي لأوزان المواقف، وعدم الانخداع والتصفيق لكل دمع نازل على وفاة عرفات، فالروايات والشهود على تلك الفترة يتفقون على أن التخاذل العربي في حينه كان المصدر الجذري لمخطط التخلص من أبو عمار.

دليل الإدانة الأقوى على ذلك، ما جرى في مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002، الذي انعقد في وقت الحصار الأول للرئيس عرفات و480 من مرافقيه ورجال الشرطة الفلسطينية، نهاية شهر مارس من العام نفسه، أثناء عملية "السور الواقي"، يوم أن اجتاحت قوات الاحتلال مدن وقرى ومخيمات الضفة، واستمر حصار مقر المقاطعة حوالي 40 يوماً، وكان عمرو موسى في حينه أمينا عاما للجامعة العربية.

في ذاك العام، كانت (إسرائيل) قد منعت عرفات من مغادرة رام الله، ولم يكن الرئيس اللبناني إيميل لحود يرى في ذلك عذراً يستوجب تدخلاً من العرب المجتمعين، يسمح بأن يلقي عرفات خطابا عبر "اللينك" من مقره، لكنه رفض ذلك قطعا تحت مبرر الخشية على "حق العودة".

وبينما كان عرفات صامدا في مقره متمسكا بمواقفه في تلك الفترة، بدأ يتقاطر عليه في المقاطعة مئات المتضامنين الدوليين المتعاطفين معه، لم يكن من بينهم أي زعيم عربي، ولا حتى السيد موسى، الذي استمر صمته حتى الحصار الثاني للرئيس منتصف شهر سبتمبر من العام نفسه، حين أقدمت حكومة آرئيل شارون على تدمير مقر المقاطعة للمرة الثانية، في العملية التي سمّيت باسم "مسألة وقت"، وحصارها لمدة 10 أيام، دمرت فيها 22 مبنى من مباني المقاطعة، ولم يتبق إلا مبنى وحيد أقام فيه أبو عمار آنذاك.

وتذرعت حكومة شارون في وقته بوجود 20 مطلوبا للاحتلال داخل مقر المقاطعة، وهي ذريعة كذّبتها أوساط إسرائيلية مسؤولة في الحكومة، فقد أعلن نائب وزير الجيش في حينه وايزمان شيرى، أن الهدف "دفع عرفات إلى الرحيل"، فيما أكدّ عاموس هرئيل الصحافي بجريدة هآرتس، أن "إسرائيل تتحدث عن تسليم مطلوبين، ولكنها في الحقيقة تريد إبعاد ياسر عرفات".

وبسبب التخاذل العربي في حينه، والضغط الدولي، اضطر الرئيس عرفات للقبول بطلب الرئيس الأمريكي حينها جورج بوش، بتشكيل قيادة فلسطينية جديدة، وتنازل عن بعض صلاحياته لرئيس الوزراء آنذاك محمود عباس.

ويروى جمال محيسن، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أن بعض الدول العربية وجدت في حصار الرئيس عرفات فرصة للتخلص منه؛ نتيجة رفضه احتواء الثورة، بينما كان قسم آخر من العرب لا يزال يدور في فلك الإدارة الأمريكية.

وفي شهادته على "حصار المقاطعة" المنشورة في مجلة الدراسات الفلسطينية عام 2014، يروي توفيق الطيراوي، الذي كان مديرا لجهاز مخابرات السلطة وأحد المحاصرين مع عرفات، أن "الرئيس كان حزينا، وخصوصا عندما تمت المؤامرة عليه في القمة العربية في بيروت 2002، وشطبت كلمته التي كان من المقرر أن يلقيها من المقاطعة بواسطة الهاتف".

ويضيف: "كان حزينا كذلك لأن أحدا من الزعماء العرب لم يتصل به ولا مرة واحدة للاطمئنان عليه، وأنهم لم يفعلوا شيئا يذكر لفك الحصار عنه، بينما اتصل به الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك ثلاث مرات في ثلاثة أيام كي يطلب منه تعيين وزير في الحكومة الفلسطينية يريده مبارك"!.

ويؤكد الطيراوي أن الرئيس عرفات "أدرك في حينه أن العديد من الزعماء العرب وبعض القيادات الفلسطينية، يسعون لرفع الغطاء عنه لإنهائه سياسياً".

وفيما كانت الجامعة العربية توصف بالرجل المريض في ولاية موسى، باعتبار أنه لم يكن لها دور ملحوظ في وقت شهدت فيه المنطقة العربية أحداثاً جساماً، أشهرها الغزو الأمريكي للعراق، وحصار غزة، إلا أن السيد عمرو يرد دوما بأنه لم يتخاذل، ولم يقف صامتا، وأنه "ندد كثيرا" بالغزو الأمريكي للعراق، وطالب بفك حصار غزة، بل يتفاخر بأنه زار قطاع غزة للتفاوض مع حركتي فتح وحماس، وللمطالبة بكسر حصاره.

ويشترك أبو الغيط مع موسى في جريمة الصمت على حصار عرفات أثناء توليه وزارة الخارجية المصرية منذ يوليو عام 2004، وعدم استثمار الدور الإقليمي الوازن لمصر في ممارسة الضغط على الاحتلال؛ لإنهاء حصاره، فاستمرار الحصار يعني بالحد الأدنى أنها لم تعترض عليه.

أما نبيل العربي، فيشترك في جريمة الصمت على قتل عرفات، وعدم التدخل عربياً في ملف الكشف عن قاتله، في الوقت الذي يصرّح فيه الرئيس محمود عباس علانية، بأنه يعرف القاتل.

لكن الزعماء الثلاثة انشغلوا عن ذلك، في مواصلة تخاذلهم بالتخلص أيضا من محمود عباس، ليثبت أن المخطط لم يكن يستهدف التخلص من عرفات وحده، إنما القضية الفلسطينية برمتها، بعدما كشفت مصادر بأن زيارة أبو الغيط وموسى والعربي لعباس في رام الله، كان الهدف الخفي منها الضغط على أبو مازن للتجاوب مع عرض الرباعية العربية لترتيب أمر خلافته!

كان ياسر عرفات، الذي توفي في 11 نوفمبر 2004 بباريس عن عمر جاوز 75 عاماً، القتيل الذي مشى القاتل في جنازته، بل تجاوز ذلك للمشاركة في مأتمه، وتأسيس متحفه، ليبقى شاهداً على تخاذل عربي سيقتل أصحابه يوماً.

اخبار ذات صلة