حسم رئيس السلطة محمود عباس، قراره بالمضي قدما في عقد المؤتمر السابع لحركة فتح، في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، قاطعًا الطريق على خصومه بالمشاركة في مؤتمر حدد أعضاءه بـ 1400 شخص، ومنع العشرات من حضوره حتى أولئك الذين لم يصدر بحقهم قرارات فصل.
قرار أبو مازن يأتي تطبيقا عمليا لرفضه مشروع المبادرة العربية، والرامية لإجراء مصالحة فتحاوية داخلية، وكانت في طليعتها القاهرة والامارات والأردن والسعودية، بعد تصريحات صدرت عنه برفض المبادرة وما أسماها التدخلات الخارجية، ما أثار غضب هذه الاطراف على الرئيس واخرجته من بيت الطاعة.
واتخذت القاهرة جملة من الإجراءات المفاجئة مع قطاع غزة مؤخرا، تمثلت في عقد عدة مؤتمرات شارك فيها نخب سياسية وتجارية، تمخض عنها تشكيل لجان فلسطينية ومصرية مشتركة لبحث أزمات غزة، وقرارات سياسية أخرى بصدد تنفيذها في المرحلة المقبلة.
ويبدو أن القاهرة بصدد معاقبة أبو مازن عبر ثلاث خطوات مفصلية ستشهدها القاهرة في الفترة القادمة، عقب الانتهاء من تشكيل مؤتمر فتح السابع.
على صعيد فتح، تكشف مصادر فتحاوية مقربة من النائب المفصول من الحركة محمد دحلان، عن وجود موافقة مصرية لعقد مؤتمر لأنصار دحلان في القاهرة في شهر ديسمبر، وهي خطوة عملية للرد على إقصاء عباس لخصومه ورفضه المصالحة معهم.
أمّا على الصعيد الفصائلي، فإن القاهرة بصدد استقبال ممثلين عن الفصائل الفلسطينية، وهي التي التقت بوفد من حركة الجهاد، سيعقبه لقاء بين الحركة وحماس لاطلاعها على نتائج الاجتماعات، ويكون اللقاء ممهدًا للقاء بين حركة حماس والقاهرة، وفق أبو عماد الرفاعي ممثل الجهاد في لبنان.
على صعيد حماس فتؤكد المصادر القيادية فيها لـ "الرسالة"، أن اجتماعها بالقاهرة، سيكون عقب انتهاء وفد الجهاد، مؤكدة وجود دعوة مصرية لوفد من الحركة لزيارة القاهرة، ويجري العمل على ترتيب التوقيت والزمان والشخصيات المشاركة.
وقد أكدّ القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب لـ "الرسالة"، وجود رغبة مصرية في استضافة لقاء فصائلي فلسطيني في القاهرة، بمشاركة جميع الفصائل، لكن بانتظار عقد مؤتمر فتح السابع، لتوجيه دعوة مصرية إلى حركة فتح وقيادتها الجديدة.
وتتزامن الخطوة المصرية الثانية مع رغبة رئيس السلطة محمود عباس تنظيم اجتماع للمجلس الوطني في رام الله نهاية ديسمبر المقبل، وهو ما رفضت حركتي حماس والجهاد المشاركة فيه، وفق ما كشف عنه واصل أبو يوسف لـ "الرسالة".
الخطوة المصرية أثارت حفيظة حركة فتح، التي غرد مسؤول المصالحة فيها عزام الأحمد وللمرة الأولى، بأن ملف المصالحة بيد الخارجية القطرية!، تصريح يعكس أجواء الخلاف والأزمة بين الجانبين.
ويبدو أن القاهرة بصدد نزع ملف المصالحة من يد الرئيس، ووضعها على طاولة البحث، وارغامه على إجراء مصالحة فتحاوية داخلية قبل إجراءها مع حركة حماس.
أمّا الخطوة الثالثة فهي استكمال لما بدأته مصر، من عقد اجتماعات مع نخب وقوى وهيئات فلسطينية في غزة، لا سيما على ضوء نية القاهرة استضافة وفد من الإعلاميين بغزة الثلاثاء المقبل، للمشاركة في ورشات عمل حول دور الاعلام في تعزيز القضية الفلسطينية بتنظيم مركز الاهرام المصري، وفق ما كشف عنه أشرف أبو الهول نائب رئيس التحرير في المركز لـ "الرسالة".
ويرغب المركز القومي للشرق الأوسط باستضافة مؤتمر آخر خلال أسابيع، وفق ما كشف عنه طارق فهمي مساعد رئيس المركز لـ "الرسالة".
على الصعيد الاقتصادي، فإن الغرف التجارية المصرية بصدد نشر عدد من التوصيات والقرارات حول تعزيز التجارة الحرة بين غزة ومصر، ومن المفترض أن يعلن عن ذلك خلال الأسبوع الجاري، كما قال نائب رئيس شعبة السياحة باتحاد الغرف السياحية بمصر عادل عبد الرزاق.
وكشف عبد الرزاق لـ "الرسالة"، عن تشكيل لجان مصرية ممثلة عن الغرف التجارية والاقتصادية في مصر، بغية البحث المشترك مع لجان فلسطينية اقتصادية، عن حلول لأزمات غزة.
وبحسب عبد الرزاق، فإن هناك موافقة على إجراء تبادل وفود شبابية بين غزة والقاهرة، لكنها أمور بصدد ترتيبات أمنية.
وبالنظر إلى ما سبق، فيبدو أن عهدًا مصريا قد بدأ بخطوات تختلط فيها رغبة القاهرة بتحسين العلاقة مع غزة، مع رغبة أخرى تتمثل في العقاب لمن خرج عن بيت الطاعة.