تبذل قوات الاحتلال (الإسرائيلي) أقصى جهودها، للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في معظم أرجاء مدن الضفة المحتلة، من خلال إصدار قرارات وإجراءات "ظالمة" تسمح بتمدد المساحات الاستيطانية غير الشرعية والمتعارضة مع القانون الدولي.
ومن الواضح أن الاحتلال يحاول بسط سيطرته على أراضي الضفة، بثوب قانوني عبر المصادقة على ذلك من خلال الكنيست (الإسرائيلي)، ضارباً بعرض الحائط كل القوانين واللوائح الدولية التي تنص على حق الشعب الفلسطيني في أرضه، مستغلاً في الوقت ذاته الصمت العربي والدولي وانشغاله في أزماته الداخلية، وعجز السلطة عن مواجهته.
وكان الكنيست (الإسرائيلي) قد صادق آخر الأسبوع الماضي، في قراءة أولى على مشروع "تبييض الاستيطان"، الذي يجيز الاستيلاء على أراض فلسطينية خاصة وتحويلها إلى المستوطنين.
وجاء مشروع القانون إثر قرار للمحكمة العليا (الإسرائيلية) إخلاء بؤرة استيطانية تعرف باسم "عامونا"، وإعادة الأراضي الخاصة المقامة عليها إلى أصحابها الفلسطينيين. وفي هذا الإطار، قال الأمين العام لحركة المقاطعة الوطنية مصطفى البرغوثي: "إن مشروع "تبييض الاستيطان" أكبر خطر صهيوني يواجه القضية الفلسطينية منذ عام 1948، نظراً لمصادرة الاحتلال "الإسرائيلي" مزيدا من الأراضي في الضفة المحتلة".
ودعا البرغوثي في تصريح خاص لـ "الرسالة"، إلى إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتحمل جميع الفصائل الفلسطينية مسؤوليتها اتجاه المشاريع الاستيطانية. وأكد على ضرورة التركيز على حركة المقاطعة لدعم صمود الشعب الفلسطيني بوجه الاحتلال ومخططاته الاستيطانية، مشددا على ضرورة تبني استراتيجية وطنية واحدة يتصدى الفلسطينيون بها بشكل جماعي ومشترك للتوغل الاستيطاني.
وسبق هذا القرار بيومين المصادقة على قانون شرعنة البؤر الاستيطانية، بهدف إبقاء مستوطنة "عامونا" المقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة، والتي صدر قرار بإخلائها من المحكمة العليا (الإسرائيلية).
وعقبت مؤسسة "يش دين" الإسرائيلية على قانون شرعنة البؤر الاستيطانية بأنه "خدعة قضائية، سُن من أجل شرعنة سرقة أراض فلسطينية في الضفة الغربية".
يسابق الزمن
بدوره، حذر خضر سلامة منسق اللجنة الوطنية لمقاومة التهويد، من زيادة المباني الاستيطانية والتهويد في مختلف مدن الضفة المحتلة، في الفترة الأخيرة. وقال سلامة في تصريح خاص بـ "الرسالة"، إن الصمت العربي والدولي هو السبب الرئيسي الذي شجّع الاحتلال على اتخاذ مزيد من الإجراءات العنصرية بحق الشعب الفلسطيني وأبرزها زيادة رقعة الاستيطان في الضفة".
وأضاف أن الاحتلال يسابق الزمن في الاستيلاء على الأراضي في الضفة خلال السنوات الأخيرة"، مشيراً إلى وجود زيادة في قرارات مصادرة الأراضي بحجة تبييض الاستيطان.
وأكد أن الاحتلال يسعى إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في الضفة، معتبرا ذلك "عملية تطهير عرقي".
عهد ترامب
يشار أن فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، سيلقي بظلاله السلبية على القضية الفلسطينية لاسيما في مجال الاستيطان، حيث أنه يشجع زيادة رقعة الاستيطان في مناطق الضفة، ويعطي الضوء الأخضر للاحتلال باتخاذ إجراءات أكثر "قسوة".
ويؤكد مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس، أن الاحتلال (الإسرائيلي) كثف من إنشاء المباني الاستيطانية خلال الآونة الأخيرة، محذراً من الاستمرار في ذلك.
وقال دغلس في تصريح خاص بـ "الرسالة": "إن فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية سيؤثر بشكل كبير على الاستيطان في الضفة، خاصة أن الدعاية الانتخابية له كانت تشجع الاستيطان". وأوضح أن ترامب أعطى الضوء الأخضر لحكومة الاحتلال بتوسيع الاستيطان في جميع مدن الضفة، "وهو ما ينذر بخطورة الأوضاع هناك"، وفق قوله.
وأضاف أن توسيع الاستيطان في مدن الضفة يمثل عقبة كبيرة أمام السكان مما سيولد الانفجار لديهم، معتبراً تولي ترامب الرئاسة الأمريكية "نقمة على الشعب الفلسطيني". وأشار إلى أن كل المشاريع الاستيطانية المتوقفة منذ فترة، سيتم إعادة تفعيلها في عهد ترامب.
وبالعودة إلى سلامة، فبيّن أن عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لن يكون مختلفاً كثيراً عن سابقه، متابعًا "سيكون عهد ترامب هو السنوات العجاف على الشعب الفلسطيني".
وشدد على أن الولايات المتحدة همها الأساسي حماية أمن دولة الاحتلال، لافتاً إلى أن زيادة الاستيطان سببها وقوف الإدارة الأمريكية بجانب الاحتلال.
وطالب سلامة المجتمع الدولي والعالم العربي والجهات المختصة بالخروج عن صمتها والضغط على الاحتلال وفرض العقوبات على الاحتلال.