يبدو أن التحركات الدولية الأخيرة في ملف الجنود (الاسرائيليين) المفقودين بقطاع غزة، تشير إلى نية حقيقية لدى حكومة الاحتلال في فتح هذه القضية، لا سيما مع تزايد الضغط الشعبي عليها لمعرفة مصيرهم.
تلك تحركات جاءت عقب عرض العديد من الدول استعدادها بالتوسط بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، كان آخرها الرغبة الروسية والتركية في رعاية هذا الملف، الذي تستمر المقاومة بالصمت والتكتم حوله.
وأعلن رئيس ما يسمى بـ(إسرائيل) رؤوفين ريفيلين، أمس الأربعاء، عزمه التوجه مرة أخرى إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بطلب التدخل لإعادة جنوده المفقودين بغزة.
وكان أبو عبيدة، الناطق الرسمي باسم كتائب القسام صرَّح في أبريل/نيسان الماضي أن القسام "لن تقدم أي معلومات حول الجنود الأسرى دون ثمن"، وظهرت في الخلفية لحديثه صور لأربعة جنود (إسرائيليين).
ورغم جملة الوساطات الدولية إلا أن مراقبين شككوا في إمكانية عقد صفقة تبادل جديدة في الوقت الراهن، متوقعين أن يكون هدف التحركات هو معرفة مصير جنود الاحتلال، قبل الشروع بمفاوضات رسمية للإفراج عن أحد من الأسرى.
توجه بروتوكولي
ويستبعد الكاتب والمختص في الشأن (الإسرائيلي) مأمون أبو عامر الشروع في أي مفاوضات لصفقة جديدة قبل معرفة مصير الجنود المفقودين، مؤكداً في حديث لـ "الرسالة" أن الطلب الاسرائيلي للجانب التركي يأتي بسبب نجاح تركيا في التوسط إبان صفقة شريط الفيديو الذي أظهر الجندي جلعاد شاليط بصحة جيدة مقابل الإفراج عن 20 أسيرة فلسطينية من سجون الاحتلال.
واعتبر أن هذا الطلب يعد مؤشرا حقيقيا من الاحتلال على نيته الجادة بفتح ملف الجنود المفقودين بغزة، مبينا أن رفض ذوي الجنود لرواية الحكومة (الإسرائيلية) دفعها للتحرك في هذا الاتجاه.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب مع سابقه، مؤكدا أن تكتم المقاومة الفلسطينية حول هذه القضية سيجبر الاحتلال على دفع ثمن مقابل الكشف عن مصير جنوده.
وأوضح حبيب أن حكومة الاحتلال ستستفيد من تجدد العلاقة بينها وبين تركيا عبر دفعها للتوسط مع المقاومة، مستبعدا الوصول لأي صفقة تبادل في الوقت الراهن.
وتوقع الكاتب حبيب دخول الجانب المصري على خط الوساطة في المرحلة المقبلة، في حال تطور العلاقة بينها وبين حركة حماس في الوقت الحالي.
لكن المختص أبو عامر يرى أن الوصول لصفقة تبادل برعاية تركية سيكون لصالح المقاومة، مرجعا ذلك إلى عدم ممارسة تركيا لضغوط مقارنة بالوسيط المصري الذي يتعامل مع الطرفين بمنطق "الأبوية".
ويلفت إلى أن تخلى مصر عن سياستها القديمة في التعامل مع هذا الملف، سيدفعها بقوة لتكون الوسيط الحصري في أي صفقة تبادل مقبلة.
وعلى كل الأحوال يمكن القول إن التحركات الدولية وإن بدت خجولة بعض الشيء في هذا الملف تحرك المياه الراكدة منذ سنوات، لكن الرهان يبقى حول مدى وجود نية حقيقية لدى الاحتلال للقبول بشروط المقاومة.